منظمة شنغهاي.. فرص وعقبات

00:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد نورالدين

انعقدت يومي 15 و16 أيلول/ سبتمبر الحالي قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» في الصين. وقد ضمت القمة رؤساء عدد كبير من الدول الآسيوية وممثلين عن دول أخرى.

والمنظمة كانت أنشئت نواتها عام 1996 من خمس دول هي روسيا والصين وطاجكستان وقرغيزستان وكازاخستان ودعيت لذلك ب «خماسي شنغهاي». وفي العام 2001 تحولت القمة إلى منظمة تعاون واتخذت اسم «منظمة شنغهاي للتعاون» بعد أن أصبحت تضم ستة أعضاء بانضمام أوزبكستان إليها.

وفي العام 2017 انضمت كل من الهند وباكستان إليها. وفي العام الحالي انضمت إيران بشكل كامل لتكون العضو رقم تسعة في المنظمة.

وتتميز المنظمة بأنها تجمع حولها نوعين من الدول. الأولى هي الدول ذات صفة العضو المراقب وهي أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا. والثانية الدول الأقل اندماجاً ويضمها ما يسمى «شركاء الحوار» وتضم أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا وسريلانكا ونيبال وتركيا.

إلى ذلك فهناك العديد من الدول المهتمة بالانضمام إلى المنظمة مثل الإمارات السعودية وقطر ومصر والبحرين والعراق وسوريا بدءاً من أن تكون دولاً في «شراكة الحوار».

ومن المثير فعلاً أن دولة مثل تركمانستان تقع في قلب آسيا الوسطى لا تزال خارج المنظمة بأي صفة كانت. وليس من تفسير مقنع لبقائها خارج المنظمة في حين أن كل الدول المحيطة هي عضو في المنظمة.

كذلك من المفيد الإشارة إلى أن انضمام بعض الدول إلى المنظمة سواء كعضو أو كعضو مراقب أو كشريك في الحوار كانت تغلب عليه التوازنات السياسية. على سبيل المثل تدخل الهند وباكستان الخصمان اللدودان معاً إلى المنظمة. كأنه لا يمكن لإحداهما الانضمام دون الأخرى إلى المنظمة. كذلك فإن أرمينيا وأذربيجان الدولتين المتحاربتين والعدوين ينضمان معاً بصفة دولة «شريكة في الحوار» لحماية التوازن في المنظمة.

كذلك تخرج الأنباء لتقول إن الرئيس فلاديمير بوتين وجّه دعوة شخصية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان للمشاركة في المؤتمر كضيف تمهيداً لتشجيع تركيا على الانضمام لاحقاً الى المنظمة وهذا، إذا حصل، سيكون بنظر موسكو نجاحاً لبوتين وتدعيماً لحصته في المنظمة في مواجهة الصين القوية.

في جميع الأحوال تعتبر منظمة شنغهاي الأكبر في العالم لجهة عدد السكان، إذ يناهز عدد سكانها نصف سكان العالم إلا قليلاً. كما أن ناتجها القومي يقارب ثلث الناتج القومي للعالم. وفيها أربع دول نووية هي روسيا والصين والهند وباكستان.

ويأتي اجتماع القمة هذه المرة في خضم توترات عالمية فائقة الخطورة أبرزها الحرب في أوكرانيا بين روسيا والغرب وحلف شمال الأطلسي، كما التوتر بين الصين وتايوان نتيجة التدخلات الأمريكية إلى جانب تايوان.

وما يميز قمة شنغهاي هذه المرة أن دولة عضواً في حلف شمال الأطلسي هي تركيا تدعى كضيف مهم إلى القمة وكشريكة في الحوار مع الإعداد التدريجي لجعلها عضواً كامل العضوية في المنظمة.

وهذا يطرح علامات استفهام حول الأسس التي تقوم عليها منظمة شنغهاي عقيدة ومصالح. ففي لغة المصالح يمكن لكل شيء أن يحدث لكن لجهة المبادئ كيف يمكن لتركيا أن تكون لاحقاً عضواً في منظمة وتتحرك بالتنسيق الكامل معها، في وقت هي عضو في حلف شمال الأطلسي الذي يعتبر روسيا، العضو البارز في المنظمة، عدواً وخطراً استراتيجياً؟.

توفر قمة شنغهاي لا شك إمكانات واسعة ومهمة للتعاون بين أعضائها. ويمكن لها أن تتحول لاحقاً إلى ندّ حقيقي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في حال تطورت آليات عملها التي لا تزال، وهذه ربما نقطة ضعفها، تعتمد على الطوعية في تنفيذ القرارات وليس إلزامية ما تقرره.

وتطرح هذه الطوعية كذلك مسألة القدرة على ضبط الأمن الحدودي بين دولها نفسها، خصوصاً أن القمة اجتمعت وسط اشتباكات حدودية وسقوط قتلى بين عضوين فيها هما طاجكستان وقرغيزيا كما بين عضوين شريكين في الحوار هما أرمينيا وأذربيجان.

في المختصر منظمة شنغهاي للتعاون تشكل مبدئياً عنصر توازن في النظام الدولي. ولكن ظهور تأثير ذلك يتطلب تغيير آليات العمل واتخاذ القرار. ولعل أعضاءها يدركون العقبات الكبيرة أمام تكامل دولهم في معظم المجالات، لذا نجد هذا التباطؤ وعدم الاستعجال غير المدروس في تطوير المنظمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v2vcapz

عن الكاتب

باحث ومؤرخ متخصص في الشؤون التركية .. أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية.. له أكثر من 20 مؤلفاً وعدد من الأبحاث والمقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"