عادي

ماكرون يذوق طعم «الرفض الشعبي».. وخصومه يستعدون للمعركة

19:00 مساء
قراءة 4 دقائق
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
باريس - أ ف ب
سيذوق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هذا الأسبوع، طعم الرفض الشعبي لجدول أعماله الإصلاحي لولايته الثانية خلال أول إضراب في كافة أنحاء البلاد منذ إعادة انتخابه في نيسان/ إبريل.
وتعهّد ماكرون (44 عاماً) رفع سنّ التقاعد، بعدما كان تراجع عن الخطّة التي أثارت انتقادات واسعة خلال السنوات الخمس الأولى له على رأس فرنسا.
لكن بعدما خسر الأغلبية البرلمانية في حزيران/ يونيو، بات الرئيس الوسطي يواجه صعوبات كثيرة في إصدار التشريعات، في وقت يلقي التضخّم المتزايد بثقله على الجوّ العام.
وعلى الرغم من التحذيرات التي تلقّاها من حلفائه، فإن ماكرون كلف حكومته رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 أو 65 عاماً، على أن يدخل التغيير حيز التنفيذ اعتباراً من العام المقبل.
وقال ماكرون الخميس في مقابلة تلفزيونية مع قناة «بي إف إم» الإخبارية: «لا أستبق ما ستفعله الحكومة والبرلمان، لكني مقتنع بأنه ضرورة».
ومع ازدياد العجز وبلوغ الدين العام مستويات تاريخية، يعد ماكرون أن رفع سن التقاعد، وتأمين وظائف لمزيد من الأشخاص هما الطريقان الوحيدان للدولة، لتتمكن من زيادة إيراداتها من دون زيادة الضرائب.
ونظّم الاتحاد العام للعمل، الخميس، مدعوماً من أحزاب يسارية، تظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا، في حراك يتوقع أن يستمرّ لأشهر عدة.
هدفت التظاهرات أساساً إلى المطالبة برفع الأجور، غير أنها باتت تعبّر عن معارضة واسعة لخطط الحكومة.
وقال رئيس الاتحاد العام للعمل فيليب مارتينيز الأسبوع الماضي لقناة «إل سي اي» التلفزيونية: «نحن نعارض رفع سنّ التقاعد. الحجج التي تقدّمها الحكومة غير منطقية».
  • «جريء إلا أنه خطر»
من المرجح أن يكون موقف الرأي العام من إصلاح نظام التقاعد والإضرابات حاسماً في تحديد ما إذا كان ماكرون سينجح بالإصلاح الذي ألغاه في عام 2020 بعد الاحتجاجات، وبدء انتشار كوفيد-19.
وأشار استطلاع رأي نشره الأسبوع الماضي معهد «أودوكسا» (Odoxa ) المستقلّ للدراسات إلى أن 55% من المستطلعة آراؤهم لم يرغبوا في رفع سنّ التقاعد، و67% قالوا إنهم مستعدّون لدعم التظاهرات المناهضة له.
غير أن استطلاعاً آخر نشرته مجموعة «أيلابElabe» أظهر مشهديّة مفصّلة أكثر. فوجد أن 21% فقط من المستطلعين يؤيّدون رفع سنّ التقاعد، لكن 56% من المستطلعين يرون أن النظام القائم حالياً لم يعد نافعاً، و60% يعدون أنه غير مستدام من الناحية المالية.
وقال وزير مقرّب من ماكرون فضّل عدم الكشف عن هويته، الأسبوع الماضي: «لا أعرف أحداً يريد العمل لفترة أطول، لكن لا أعرف أحداً يعتقد أنه لن يعمل لفترة أطول».
وأضاف: «ربّما أكون مخطئاً، لكنني غير متأكد من أن الإقبال (على التظاهرات) سيكون كبيراً كما تأمل النقابات وحزب فرنسا المتمردة» اليساري الذي يدعم التظاهرات.
وسيكون العامل الحاسم الثاني هو كيفية طرح الحكومة الإصلاح على البرلمان؛ حيث يقل عدد مقاعد أنصار ماكرون بنحو 40 مقعداً عن الأغلبية.
ويفضّل البعض إدخاله في مشروع قانون موازنة الضمان الاجتماعي الذي سيتم التصويت عليه في تشرين الأول/ أكتوبر، في خطوة ملتبسة سيعدها معارضون مخادعة.
ويعد آخرون أنه ينبغي تخصيص مزيد من الوقت للتشاور مع النقابات العمالية وأحزاب المعارضة، على الرغم من رفضها جميعها أن تعمل مع الحكومة.
غير أن ماكرون يفضّل الخيار الأسرع، بحسب ما قال مسؤول كبير فضّل عدم الكشف عن هويته.
في الحالتيْن، يتوقّع مراقبون أن تلجأ الحكومة إلى آلية دستورية مثيرة للجدل هي «المادة 49.3» التي تسمح للسلطة التنفيذية بإصدار التشريعات عبر الجمعية الوطنية من دون حصول تصويت.
وإذا اتّحدت أحزاب المعارضة في مواجهة الإجراء أو طالبت بحجب الثقة عن الحكومة، فيمكنها إجراء انتخابات جديدة.
والإجراء الجديد «جريء إلا أنه خطر»، بحسب ما قال حليف لماكرون لوسيلة إعلام فرنسية الأسبوع الماضي.
  • «التنصّل من نفسه»
ويرى خبراء أن النجاح في إصلاح نظام التقاعد والتغييرات المنفصلة في نظام إعانات البطالة، سيساعد الرئيس في إعادة الترويج لنفسه كمصلح.
ومنذ فوزه التاريخي بولاية ثانية في نيسان/ إبريل، واجه تطوّر الأزمة الأوكرانية وسط تقارير مفادها أن التراجع الذي مُنيَّ به في الانتخابات التشريعية في حزيران/ يونيو جعله مرتبكاً وحتى محبطاً.
وقال الباحث في جامعة «سيانس بو» الفرنسية برونو كوتر مؤخراً: «لقد فقدنا قليلاً السردية الماكرونية».
واعتبر أن تحدي الماكرونية يكمن في «توجيه الولاية الثانية وإظهار كيفية البناء على نتائج الولاية الأولى».
وأوضح الأستاذ المحاضر في القانون العام في جامعة «باريس 2» بينجامن موريل أن «جوهر الماكرونية، التي لا عمق تاريخي لها، يكمن في قائدها وبرنامجه».
ومنذ انتخابه أصغر رئيس في تاريخ فرنسا في عام 2017، جعل ماكرون إصلاح الضمان الاجتماعي وتنظيم العمل جزءاً من بصمته السياسية.
وتابع موريل: «يصعب إذاً على ماكرون أن يتخلّى عن الإصلاح، لأن دفن الإصلاح يشبه التنصّل من نفسه».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ab2htpu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"