عادي

الاستعلاء.. ثقافة عنصرية

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

أصدرت مؤسسة بتانة الثقافية كتاب الدكتور سعيد المصري «تراث الاستعلاء بين الفولكلور والمجال الديني» ويركز حول تراث الاستعلاء، الذي يتضمن جميع عناصر التراث اللامادي، المعززة للتمييز بين البشر، بحسب خصائصهم وانتماءاتهم، إنه تراث يكرّس مبدأ التعالي على الآخرين، بمقتضى اختلافهم، ويمثل أكثر جوانب التراث اللامادي تأثيراً في تفاقم الصراعات الاجتماعية، القائمة على روح التعصب والتطرف والكراهية.

وإذا تأملنا جوهر الانقسامات الاجتماعية السائدة والصراعات الإثنية والطائفية، التي تتفشى كالأوبئة في كثير من المجتمعات، سنلاحظ أنها تستمد قوتها وعنفها من وجود مجموعة من القيم والمعتقدات والأعراف السائدة، التي تشكل جانباً، ليس بالقليل، من تراث ثقافي حول الاستعلاء، ومتخم بقيم التعصب والكراهية والعنصرية.

يقول الدكتور سعيد المصري: إذا تأملنا حال كثير من الثقافات الإنسانية في كل أنحاء العالم، سنكتشف وجود قدر من التعصب في النظرة للآخرين، وفي رؤية كل جماعة إنسانية لذاتها، ثمة ثنائية بين الأنا والآخر، يجري بمقتضاها اعتبار الجماعة هي الأفضل على ما عداها من البشر خارجها.

وهذا يفسر أحد أسباب التماسك الداخلي بين أعضاء الجماعة وتضامنهم حول الانتماء المشترك، ومع ذلك فإن الاستعلاء حالة شعورية أشد وطأة من مجرد التصنيفات الاجتماعية، التي يدرك بها البشر العالم، إنها تعبر عن العنصرية الثقافية في أقصى صورها، وتبرر مشاعر النفور والعداء مع الآخرين.

تبدأ ملامح تراث الاستعلاء بصور التمييز الثقافي المرتبطة بالخصائص الاجتماعية، التي تنتشر بقدر كبير في التراث الشعبي الشفهي، وهذا النوع من التمييز يمكن أن نطلق عليه «الاستعلاء البدائي» – على حد تعبير الدكتور سعيد المصري –؛ حيث ينمو هذا التراث بصورة تلقائية في ظل أنماط من الحياة البسيطة، التي تحتل فيها القيم الإثنية أهمية كبيرة في حياة البشر.

وقد تستمر ملامح تراث الاستعلاء البدائي عبر الزمن، حتى في ظل التحضر واكتساب ملامح الحداثة، لأسباب تتعلق بفشل نظم التعليم والثقافة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في إشاعة ثقافة العدل، ومع ظهور التمايزات الاقتصادية الحادة تنشأ صور من الاستعلاء الطبقي، تميز بين الناس في الحقوق والواجبات، على أساس المكانة والحظوة الاقتصادية.

وقد تمتد خريطة الاستعلاء من دوائر التراث الشعبي إلى المجال الديني، مع الأخذ في الاعتبار أن التراث الديني الإسلامي لا يعترف بصور التمييز القائمة في التراث، وينظر إلى البشر جميعاً على أنهم متساوون، ولا فارق بينهم سوى في العقيدة.

يحلل الكتاب صور التمييز الثقافي من واقع دراسة ميدانية للتراث الشعبي المصري؛ حيث ركزت الدراسة على الصور النمطية السلبية المعبرة عن التمييز الثقافي، عبر جميع التباينات الاجتماعية النوعية والعمرية والطبقية والجغرافية والدينية والعرقية والجسدية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3232dhbc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"