عادي

قصائد ترتدي ثوب الغياب في بيت الشعر

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
القصير والبريكي مع الشعر اء المشاركين

الشارقة: «الخليج»

ضمن نشاط منتدى الثلاثاء، نظَّم «بيت الشعر» بدائرة الثقافة في الشارقة، أمس الأول، أمسية شعرية صادحة بحديث الأنهار من النيل إلى بردى، جذبت أصداؤها حضوراً كبيراً امتلأت به ساحة البيت، واحتفت بالشعراء: د. محمود الجيلي من السودان، ومحمد الكامل من سوريا، بحضور محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة، والشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت. وقدمها وشارك فيها الشاعر حسن أبو دية الذي رحّب بالجمهور والمشاركين، وشكر القائمين على البيت، مشيداً بجهودهم في رفد الساحة الشعرية بالجديد دوماً في القصائد أو الوجوه الشعرية.

وتجلّى الحب في القصائد التي شدا بها شعراء الأمسية، مصطحباً مشاعر الفقد والغياب، وتنوعت بين ثنائية الشدو للحبيبة والحنين إلى الوطن، تلك الثنائية الموضوعية التي تحتضن بين ضفتيها إلهام الشعراء، وتتجلى بين يديها أجمل إبداعاتهم.

افتتح القراءات محمود الجيلي الذي استحضر مي/ المرأة الرمز للمحبوبة على عادة الشعراء في تراث الشعر العربي، للحديث عن حبيبة أطلت شمساً في سماء قصيدته، فلا هو يطالها ولا هي بنازلة من تيه عليائها إليه، يقول:

أطلّ من المشـــارق وجــه ميّ

بنورٍ مثـلـــما شمــسُ الضُّحَيّْ

فوا أســفي إذا هي عارضتني

ويا بشـــراي إن نظـــرتْ إليّْ

ويحــملها الجمــــــالُ بكـلّ تيهٍ

على الأكــــتافِ كي تقسو عليّْ

وقرأ قصيدة أثار بها تساؤلات وجودية قلقة في تصور فلسفي يبحث عن أجوبة مقنعة، تضيق عن معانيها ثياب اللغات، في محاولة لانتشال ذاته من التيه نحو الحقيقة المطلقة في التسليم للخالق الرحمن، يقول:

ما الكون والأشياء في تعريفها

بل ما هو التعريف والمضمونُ

ضيق اللغات عن المعاني مربك ٌ

والمفردات تهون حين تخونُ

ما الشيءُ من لا شيءَ غير إجابة

لأوامر الرحمن كن فيكونُ

بدوره، قرأ محمد الكامل قصائد ناجى من خلالها محبوبته التي يبكي فراقها ويصف حياته من دونها في أبيات لم تخل من العتاب بل الثقة بعودة المحبوبة، مما يشفّ عن فراق قسريّ حكمته الأوضاع والأقدار، يقول:

مُذْ غِبتِ ودَّعتِ الحياةُ صفاءَها

والشَّمسُ لا تقوى على الإشراقِ

مُذْ غِبْتِ عرسُ النَّاي أصبحَ مأتماً

مُذْ غِبْتِ بيعَ الحُزنُ في الأسواقِ

وأكمل قراءاته برسالة إلى فقيد ما، ملؤها العتب ومدادها الشوق، خطّها على أوراق الذكريات قوافيَ من وجع وحنين، يقول فيها:

يُنازعُني الحنينُ إليكَ شوقاً

لِأيّامٍ تبادَلْنا الودادا

تقاسمنا الفُتاتَ على رصيفٍ

وبالأحلامِ قدْ طفنا البلادا

أنامُ ومنكَ لا مكتوبَ عندي

وكنتُ عليكَ أفنيتُ المدادا

ثم واصل آملاً في عودتها قائلاً:

أشتمُّ رائحةَ القميصِ وإنَّني

حَرَضٌ ولا أقوى على استنشاقي

ستعودُ من أقصى الغيابِ جميلةً

ستعودُ مِثلَ الماءِ والتَّرياقِ

ستعودُ إنّي قدْ عَلمتُ بِعَوْدِها

ما أعلمَ العُشَّاقَ بالعُشَّاقِ !

واختتم القراءات حسن أبو دية الذي افتتح قراءته بحديث الغربة واستلهام ثنائية الحياة والموت، التي تغفو بين أجفانها الأحلام، ويورق العمر على ضفافها، يقول:

قد كنت أرنو للحياة صبابةً

أتخمت جوف الأرض بالكلماتِ

حتى رأيت الحلمَ يقرب خطوةً

فتراجعتْ بين الورى خطواتي

أضحت دروب العمر محضَ خرافة

وتبعثرتْ بين المدائن ذاتي

وقرأ أبو دية نصاً بعنوان «شاعر»، مكتوباً بجمر اللغة، بثّ فيه لواعج ذاته وآلامها، ومنها:

أسابق بسمةً حمقى إلى حلمٍ.. فتسبقني

وتكتبُ في جفونِ الموج أنِّي عاشقٌ صبٌّ

عشقتُ النظرةَ الحَيْرى وتعشقني

وتعشق جمرة الأشواق في لغتي

صباح الصبرِ يا أمّي

وهل ما زلت حائكةً لي الأحلامَ ألبسها مع الفجر؟

وفي الختام كرَّم محمد القصير الشعراء ومقدّم الأمسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx3jnvx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"