«أمم متحدة» تترنح

01:25 صباحا
قراءة دقيقتين

إبراهيم مرعي

عندما تأسست منظمة الأمم المتحدة عام 1945 على أنقاض عصبة الأمم، كان الهدف أن تكون على شاكلة منظمة حكومية دولية، مهمتها الحؤول دون حرب عالمية ثالثة، والمحافظة على السلم والأمن الدوليين، واتخاذ التدابير الجماعية الفعالة لمنع وإزالة المخاطر التي تهدد السلام، وتنمية العلاقات الدولية على أساس عدم التدخل في شؤون الدول، واحترام سيادتها واستقلالها، والالتزام بحق تقرير المصير للشعوب، ومبدأ المساواة في الحقوق، واحترام حقوق الإنسان من دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس.

على مدار العقود الماضية منذ تأسيس المنظمة الدولية وحتى الآن، ازدحمت الأزمات الدولية من صراعات وحروب في إطار التنافس بين الدول الإقليمية والدولية. وفي ظل «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، السابق، نشبت حروب أدت إلى كوارث إنسانية في آسيا وإفريقيا، مثل الحرب الفيتنامية والصراع العربي الإسرائيلي، وأزمة كشمير، والاشتباكات بين الهند وباكستان، وبين الهند والصين. ومعظم هذه الأزمات لا تزال مستعصية على الحل، على الرغم من الكثير من القرارات الدولية التي صدرت بشأنها.

وخلال العقود القليلة الماضية، تناسلت أزمات وحروب بدت مستعصية على الحل من جانب الأمم المتحدة؛ لأنها جرت بمعزل عنها وخارج إرادتها، وانتهاكاً لميثاقها، كما جرى في الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق. وتمثل الحرب الأوكرانية الحالية، فصلاً جديداً من عجز المنظمة عن القيام بواجبها تنفيذاً لميثاقها ودورها.

وجراء هذا العجز، فإن الاجتماعات السنوية التي تعقد في مقر المنظمة في نيويورك، تتحول إلى منبر للخطابة فقط تعبيراً عن الاستقطاب الدولي، وتفريغاً للشرعية الدولية من جميع مضمونها، مثلها مثل عصبة الأمم المتحدة التي تأسست قبل قرن من الزمن.

المعضلة الأساسية التي تواجهها الأمم المتحدة بفرعيها: الجمعية العمومية، ومجلس الأمن، هي أنهما يخضعان لسطوة الدول الكبرى وهيمنتها، خصوصاً أن حق «الفيتو» الذي تتمتع به، يُبقي معظم القرارات حبراً على ورق، ما يجعل معظم الأزمات الدولية من دون حل، بما يهدد الأمن والسلم الدوليين، ذلك أن مثل هذا التصرف يكبل دور الأمم المتحدة، ويجعلها عاجزة عن القيام بدورها المفترض؛ لأن وجود «أمم متحدة» قوية وقادرة سيحول دون سطوة الدول الكبرى، وممارسة سياسة القوة والهيمنة على الآخرين.

صحيح أن منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، وخصوصاً المنظمات الإنسانية والاجتماعية تقوم بأدوار مختلفة في التخفيف من معاناة ملايين البشر، الذين يعانون الجوع والفقر والمرض واللجوء والكوارث البيئية والصحية، لكن هذه المنظمات تواجه أيضاً عجزاً في تلبية كل الاحتياجات المفترضة؛ لأن الدول الكبرى الغنية لا تفي بتعهّداتها في تقديم الدعم المالي المطلوب.

يلخّص الأمين العام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وضع المنظمة الدولية بالقول: «ليس لديّ القدرة على صنع المعجزات، ما يمكننا القيام به، هو أن نكون مصممين على استخدام الأدوات المتاحة لدينا قدر الإمكان».

والسؤال: هل تتحول الأمم المتحدة إلى عصبة أمم أخرى تحتاج إلى بديل؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ysxscu28

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"