الإمارات - عمان.. دبلوماسية فريدة

01:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

تكتسب الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لسلطنة عمان الشقيقة، أهمية كبيرة تبدأ من خصوصية العلاقة التاريخية التي تربط شعبي البلدين وتحكم العلاقة بين الدولتين، كما تمتد إلى أجندة واسعة من المهام والقضايا المشتركة التي تشغل القيادتين، وتلقى الاهتمام، خلال الأسابيع القادمة وفي مقدمتها القمة العربية المقبلة في الجزائر والقمة الدورية الخليجية، ناهيك عن الملفات الشائكة التي تشغل القيادتين وفي مقدمتها الملف اليمني.

فقد استطاعت دولة الإمارات، أن تحقق الكثير من النجاحات في ملفات شائكة تشغل القيادتين ناهيك عن الدور الريادي الذي تقوم به الإمارات على المستويين الإقليمي والعالمي، التي كان آخرها اعتماد قادة وزعماء الأديان العالمية والتقليدية في المؤتمر السابع لزعماء الأديان تحت عنوان «دور قادة الأديان في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء «كوفيد- 19»»، الذي عقد في كازاخستان (13-14/9/2022)، وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي (4 فبراير/شباط 2019). وفي السياق ذاته تشارك الإمارات في رعاية مؤتمر دولي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالمشاركة مع المجلس العالمي للتسامح والسلام تحت عنوان «التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي» في الفترة من 17- 18 أكتوبر/تشرين الأول، المقبل بمقر جامعة الدول العربية.

هذان المؤتمران يكشفان بجلاء جوهر المشروع السياسي لدولة الإمارات كدولة راعية للتسامح وتحقيق السلام والتنمية على مستوى دول العالم. وهذه مهمة كبرى في حاجة إلى دعم خليجي وعربي كي تحقق أهدافها، ومن هنا جاءت أهمية زيارة صاحب السمو رئيس الدولة واجتماعه مع أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد على مدى يومين للتباحث في أجندات بعضها له صفة العمومية وبعضها الآخر له صفة الخصوصية وبالذات العلاقات المشتركة بين البلدين على كافة المستويات، ثم التعاون والتنسيق الإماراتي – العماني، للنهوض بمسيرة التعاون الخليجي وحل الأزمات التي تؤثر سلبياً في هذا التعاون.

فسلطنة عمان تكتسب وزناً خاصاً في «الدبلوماسية الناعمة» والوساطة في حل الأزمات. والخبرة التي اكتسبتها السلطنة بهذا الخصوص على المستويات الخليجية والعربية والإقليمية والعالمية تجعل للتعاون الإماراتي - العماني ثقلاً مؤثراً في حل الأزمات وعلى الأخص منها العربية والإقليمية.

فالسلطنة لها دور مهم في توفير المبادرات والحلول للأزمة اليمنية، والإمارات الحريصة على إنهاء هذه الأزمة بما يحقق مصالح الشعب اليمني تجد في التنسيق الإماراتي – العماني، ما يبشر بإمكانية تحريك جمود الأزمة وتحويل الهدنة الحالية إلى حل دائم يحقق السلام والأمن لكافة الأطراف داخل اليمن وخارجه، كما أن العلاقة الوثيقة التي تربط سلطنة عمان بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتطور الإيجابي الذي يحدث في العلاقات بين أبوظبي وطهران يؤسس لفرص مهمة في تحسين العلاقات الإيرانية - الخليجية ومعالجة القضايا العالقة بما يحقق المصالح المشتركة في مرحلة من أدق المراحل بالنسبة لإيران سواء على مستوى فرص نجاح أو فشل أزمة الملف النووي وما يعنيه هذا وذاك على المستوى الخليجي، أو على مستوى الأحداث الداخلية الساخنة في إيران وانعكاساتها الخليجية.

كذلك يلعب التنسيق الإماراتي – العماني، دوراً مهماً ينتظره كل العرب بالنسبة لأجندة القمة العربية المقبلة في الجزائر التي ستعقد في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، التي ينظر إليها المراقبون باعتبارها «قمة التحول» خاصة أنها تعقد في ظروف عربية ودولية أقل ما يمكن أن توصف به أنها «صعبة». هذه الصعوبة تضيف ثقلاً مهماً لزيارة صاحب السمو رئيس الدولة لمسقط ومحادثاته مع جلالة السلطان هيثم بن طارق. فمثل هذه المحادثات توفر فرصاً مواتية للبحث في كيفية تذليل تلك المصاعب التي تواجه العمل العربي المشترك.

هكذا توصف دائماً الزيارات بين القادة، ناهيك عن الزيارات بين الأشقاء. فقمة مسقط بين القيادتين ونجاحاتها سوف تنعكس إيجابياً على القمتين القادمتين في الشهرين القادمين، القمة العربية الحادية والثلاثين في الجزائر والقمة الخليجية الدورية، وهو نوع لفريد من الدبلوماسية الذي تجيده الإمارات وعمان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2k9rauy9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"