عادي
أوراق قضائية

خطف زهرة

23:35 مساء
قراءة 3 دقائق
1

كتبت: آية الديب

كانت كالوردة توزع البسمات، تحنو على والديها اللذين لم ينجبا سواها وتشملهما بحبها وعطفها وكأنها هي من أنجبتهم، وإن صرخ أحدهما فيها غاضباً معاتباً لها، تهب لتهدئته وإرضائه وتلفه بذراعيها لاحتوائه.

وما أن كبرت وتخرجت وحصلت على فرصة عمل، صارت تتحمل مسؤولية الإنفاق على والديها اللذين لم يدخرا جهداً في دعمها اجتماعياً وعلمياً، ولكن شاءت الأقدار أن يختبر الله صبرهما وإيمانهما وخطف الموت زهرتهما إثر تعرضها لحادث مروري، إذ صدمتها سيارة أمام مقر عملها قبل أن تستقل سيارتها عائدة إلى المنزل، حيث فوجئت برجل يقود سيارته بصورة متهورة وفر من موقع الحادث وتركها تنزف دماءها بدلاً من أن يسرع لإنقاذها إلى أن جاءت الشرطة وتم نقلها إلى أحد المستشفيات، لكن الابنة لم تتحمل وتوفيت متأثرة بجراحها.

ولدى سماع الوالدين خبر وفاتها خفق قلباهما وتلعثم لساناهما وشعرا بالشلل.. تزاحمت الأفكار أمام ذهنيهما وعصفت بهما رياح الحسرة والانكسار، وباتا بائسين يائسين عاجزين حيث رحلت ابنتهما الوحيدة وظل شعورهما بالمرارة والألم يزداد كل يوم.

ولدى مقاضاة المتهم المتسبب في الحادث قضت المحكمة الجزائية بإدانته وإلزامه بأن يؤدي للوالدين الدية الشرعية المقررة قانوناً وإحالة الدعوى المدنية التبعية إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة العين، وعقب ذلك رفع الأبوان دعوى قضائية مدنية طالبا فيها بإلزام السائق بأن يؤدي لهما 400 ألف درهم تعويضاً مادياً وأدبياً لما أصابهما من أضرار جراء فقدان ابنتهما، مع إلزامه بأن يؤدي لهما 26 ألف درهم قيمة السيارة المتضررة وما عليها من التزامات مالية، مع إلزامه بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

وأكد الوالدان في دعواهما أن الإصابات التي لحقت بالابنة وتسببت في وفاتها تستحق التعويض عنها، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بسيارة الابنة والمرهونة لدى أحد بنوك الدولة بمبلغ 26 ألف درهم، لافتين إلى فوات فرصة الإعالة وحالة الحزن والأسى التي أصابتهما جراء فقدان ابنتهما الشابة، وقدما مع دعواهما صورة من تقرير الحادث وصورة من الحكم الجزائي، وصورة من تقرير طبي يبين الإصابات البليغة التي كانت تعانيها الابنة وأدت إلى وفاتها، وشهادة صادرة من أحد البنوك تبين الالتزامات المالية على المركبة، وصورة من عقد عمل الابنة المتوفاة.

وقرر القاضي انتداب أحد الخبراء المختصين في ميكانيكا السيارات، وخلص إلى نتيجة مفادها أن المركبة أصبحت بحكم الهلاك الكلي، وقدر القيمة السوقية للمركبة قبل تاريخ الحادث بمبلغ 15 ألف درهم، كما قدر قيمة حطام المركبة بمبلغ ألف و500 درهم.

وقضت محكمة أول درجة بإلزام السائق المتهور بأن يؤدي للأبوين 83 ألفاً و500 درهم تعويضاً، كما ألزمته بما يناسب هذا المبلغ من الرسوم والمصاريف، فاستأنف الأبوان الحكم مؤكدين أن الابنة المتوفية كانت تعمل وتدر دخلاً وتساهم في تحمل أعباء المعيشة لأسرتها، وبالتالي فقدانها يعني فقدان مورد إضافي لأسرتها، فضلاً عن أن فقدان الابنة بالنسبة لهما ضياع لأملهما فيما كانا يطمحان إليه من رعايتها لهما في شيخوختهما.

وأكدا في الاستئناف أن التعويض الأدبي ينبغي أن يكون متناسباً مع ما أصابهما من آلام وحسرة من جراء فقدان ابنتهما وما تعرضا له نتيجة الحادث، فيما رفضت محكمة الاستئناف استئنافهما للحكم شكلاً، مشيرة إلى أن دعواهما من دعاوى المطالبات البسيطة وأنهما وفقاً لأوراق الدعوى لم يسددا مبلغ التأمين، وقضت بإلزامهما بالرسوم والمصاريف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2mr5jyt2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"