الكويت والديمقراطية

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

نجحت الكويت، مجدداً في امتحان الديمقراطية، بإنجاز الاستحقاق الانتخابي الثاني خلال عامين، وأكدت جدارتها في أن تكون في مقدمة الدول العربية تمسكاً بنظام انتخابي برلماني على مدى نحو ستين عاماً.

هذا النجاح يحسب لقيادة الكويت الشقيقة وشعبها، كونه يعد إنجازاً وطنياً، يعبّر عن وعي حقيقي بأهمية العمل الديمقراطي وترسيخه على الرغم مما شابه في السنوات الأخيرة من تجاوزات من جانب قوى سياسية تعمدت تشويه العمل التشريعي من خلال إثارة الصراعات مع الحكومات المتعاقبة ما كان يؤدي إلى تعطيل الحياة السياسية وشلّ عمل المؤسسات، الأمر الذي كان يؤدي كذلك باستمرار إلى حل مجلس الأمة (البرلمان)، وإجراء انتخابات مبكرة، كما هي حال الانتخابات التي جرت يوم أمس الأول، وهي الانتخابات الثانية خلال سنتين، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يستمر عمل المجلس لأربع سنوات.

المهم أن الكويتيين (أكثر من 790 ألف ناخب) اختاروا ممثليهم الخمسين، على أمل أن يكون مجلس الأمة الجديد، مختلفاً وقادراً على إقرار القوانين التي تصب في مصلحة الشعب الكويتي بالتعاون مع الحكومة من دون مناكفات وخلافات تؤدي إلى تعطيل الحياة السياسية من جديد.

يبدو من خلال النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع أن الشباب أدوا دوراً إيجابياً هذه المرة، كما كان حضور المرأة لافتاً؛ إذ تمكنت من استعادة حضورها في مجلس الأمة بعد أن غابت عن مجلس 2020، بفوز سيدتين من أصل 22 امرأة ترشحن للانتخابات، كما أفرزت النتائج تغييراً بنسبة 54 في المئة عن المجلس السابق؛ إذ احتفظ 23 نائباً من المجلس السابق بمقاعدهم، في حين دخله 27 نائباً جديداً، وأبرز من اكتسح الانتخابات بحصوله على المركز الأول في دائرته الثالثة هو أحمد السعدون عرّاب مجلس الأمة ورئيسه السابق. مع العلم أن عدد المرشحين والمرشحات بلغ 305 توزعوا على خمس دوائر، على أن يفوز 10 مرشحين عن كل دائرة.

صفحة جديدة تكتبها الكويت التي بدأت مسيرتها الديمقراطية عام 1962، على أمل أن تكون الانتخابات الجديدة بداية لعمل تشريعي منتج، لا يكرر بعض التجارب السلبية الماضية؛ حيث أدت الخلافات وانقطاع حبل التعاون بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية إلى حل مجلس الأمة عشر مرات منذ تأسيسه، وكان آخرها في شهر أغسطس/آب الماضي، بعد احتقان الخلاف وزيادة الاستجوابات من جانب النواب لأعضاء الحكومة، ومطالبة بعض نواب المعارضة برحيل رئيس الحكومة صباح الخالد ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم.

المهم أن الشعب الكويتي، أكد من جديد إيمانه بالمسار الديمقراطي الذي اختاره، ولعل رفد المجلس بدماء جديدة من خلال انتخاب أكثر من نصف عدد أعضائه من الوجوه الشابة، واستعادة المرأة حضورها ودورها، قد يشكل خطوة على طريق نجاح التجربة واستمرارها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yfuzumcz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"