عادي

النحل وتأمين الإمدادات الغذائية

21:30 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

فيما انتهى الصيف رسمياً، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وبدأ الربيع قبل أيام في جنوبها، تواصل الفراشات والنحل، بالتعاون مع جيوش أخرى من الملقحين، بدءاً من الوطاويط وحتى الخنافس، بذل قصارى جهودها لتلقيح الزهور، التي تتحول فيما بعد إلى الطعام الذي نأكله. فهي تلعب دوراً حيوياً في تأمين امتلاء رفوف المتاجر سنوياً بالفواكه والخضراوات المغذية.

وفي المقابل، لا تقف النباتات مكتوفة الأيدي في هذه المسألة، بل تقدم بدورها بعض «المغريات»، كالزهور المفعمة بالرحيق عالي الطاقة، وحبوب اللقاح الثمينة، لضمان اجتذاب النحل إليها وغيره من الملقحين.

ولكن كما نعاني نحن من درجات الحرارة العالية في فصل الصيف، تواجه النباتات والملقحون المعاناة ذاتها. فكل المحاصيل الزهرية، بدءاً من السلجم وحتى التوت البري، تصارع من أجل إنتاج الرحيق وحبوب اللقاح بنفس الكيفية والجودة، التي اعتادت عليها، لضمان استمرار جذب النحل إليها، ومن ثم ضمان تكاثرها بأمان.

وفي الوقت ذاته، يضطر النحل للبحث والسفر لمسافات أطول، بحثاً عن المواد الغذائية المناسبة التي تضمن له أيضاً تكاثراً آمناً.

وبينما يعد الحد من استهلاك الوقود الأحفوري على المدى الطويل، هو الحل الضروري والأكثر فاعلية في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة، لا تزال هناك بعض الإجراءات التي يمكنها التخفيف من وطأة حرارة الجو.

وتعد استراتيجية «تظليل المحاصيل» واحدة من الاستراتيجيات القادرة على تنظيم درجة حرارة التربة مع اشتداد الحرارة في ذروة فصل الصيف، إذ أثبتت فاعليتها في زيادة إنتاجية محاصيل الخضراوات الزهرية، ما يعنى أنه تم الحفاظ على مستوى إنتاج حبوب اللقاح بتلك النباتات.

كما تساعد عملية تغطية التربة بطبقات من نشارة الخشب في الحفاظ على مستوى رطوبتها، والتقليل من درجة حرارتها خلال فترات الحر الشديد.

وبشكل عام، ينصح الخبراء بالحد من استخدام الأسمدة مع ارتفاع درجات الحرارة، بحيث يتم توجيه الطاقة لإنتاج رحيق عالي الجودة، بدلاً من استهلاكها في مسألة حماية النبات نفسه.

وعلى الصعيد نفسه، يؤكد الباحثون أن زراعة محاصيل متنوعة وراثياً تساعد النباتات على التطور بشكل أفضل، لتصبح أكثر تكيفاً مع تطرف المناخ. فهذه الاستراتيجية فعالة في الحفاظ على تنوع الملقحين على النباتات، فضلاً عن مكافحة الآفات والأمراض، والحفاظ على صحة التربة، والتنوع البيولوجي.

وتعتمد نحو 80% من مجمل المحاصيل الزراعية والنباتات البرية الزهرية في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على تلقيح الحيوانات لها، فنحو 3.7 مليار يورو من إجمالي الناتج الزراعي السنوي للاتحاد الأوروبي قائم بشكل مباشر على نجاح جيوش الملقحين، كالنحل، في مهمتهم.

وفي دراسة، تعود لعام 2021، حول مدى تأثير تغير المناخ على تعامل النحل مع المحاصيل، وجد الباحثون أن ارتفاع درجات الحرارة، والإجهاد المائي يؤثران في كل من كمية ومحتوي موارد الزهور في المحاصيل، التي تعتمد في تلقيحها على النحل.

أوجد ارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر، حاجة ملحة لتطوير محاصيل أكثر مقاومة للحرارة، وسلالات مختلفة من حبوب اللقاح، لضمان استمرار مهام النحل في التلقيح والتكاثر.

(دويتشه فيليه)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ju5j4yt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"