عادي
مع الاحتفاء بيومهم العالمي

كبار المواطنين.. إنجازات مشهودة وخبرات راسخة

00:47 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: جيهان شعيب
في 1 أكتوبر/ تشرين الأول، تحتفي إمارات الإنسانية باليوم العالمي للمسنين، أو كبار المواطنين، كما ارتأت دولة الحنو والتسامح، والرقيّ تسميتهم، تثميناً منها لمكانتهم، واعترافاً منها بدورهم، واحتراماً لخبراتهم، واعتزازا بتاريخهم.

واليوم العالمي للمسنين هو أحد أعياد الأمم المتحدة، ومناسبة سنوية عالمية تحرص على إحيائها منذ عام 1991، بعدما صوّتت جمعية الأمم المتحدة العامة في 14 ديسمبر/ كانون الأول 1990، على أن يكون 1 أكتوبر اليوم العالمي للمسنّين، أما مضامين الاحتفالية فتتركز في رفع نسبة الوعي بالمشكلات التي تواجه المسنّين، كالهرم، وإساءة المعاملة، فضلاً عن الاحتفاء بما أنجزوه للمجتمع، فيما تتشابه الاحتفالية مع يوم الأجداد في أمريكا وكندا، والتاسع المضاعف في الصين، ويوم احترام المسنين في اليابان.

لا شك في أن كبار المواطنين هم بركة الماضي وخيره، ورحيق الزمن الجميل، وعصارة أيام العطاء، والبناء، وهم الأساس في غرس أعمدة متينة لأرض زايد العز، والأصالة، والكرم، والتفاني، والإخلاص، وهم الآباء والأجداد، أصحاب السواعد الصلبة التي لم تلِن يوماً، أو تضعف، والصدور التي تحملت الكثير من دون أن تئنّ أو تشكو، وهم العقول التي أنجزت بفطرة واعية، ولا يزالون السند، والدعم، بحرصهم على تقوية عضدنا، وتصليب عودنا، وإثبات ذواتنا، ودفعنا إلى العلا، والنهوض، والارتقاء.

اهتمام شامل

وحرص الدولة على رعاية كبار المواطنين، واحتوائهم، والاهتمام بهم، واحترام مكانتهم، لا يرتبط باحتفالية اليوم العالمي، وإنما هو دأبها المستمر، الذي واصلت حرصها عليه، وقاعدتها التي لم تحِد عنها، بل وعملت قوانينها على حفظ حقوقهم، حيث اعتمدت حكومة الإمارات القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2019 بشأن حقوق كبار المواطنين، ووفقاً للقانون ينطبق مصطلح كبار المواطنين على كل من يحمل جنسية دولة الإمارات وبلغ الستين عاماً.

وهنا يقول المستشار القانوني د. يوسف الشريف: رسخت دولة الإمارات، منذ قيام اتحادها الميمون مبادئ وأسساً، تعكس احترام الموروث الديني، والثقافي للمجتمع الإماراتي الأصيل، الذي يتسم بالتمسك بالعادات، والتقاليد، والأعراف التي شكّلت شخصية المواطن، والمجتمع كله، وبذلك حققت الدولة معادلة لم تتحقق في أغلبية المجتمعات، وهي التطور والتحديث في المجالات كافة، مع الحفاظ على الأصالة.

وما بين الأصالة والتحديث نجد أن الإنسان دائماً هو محور وهدف وغاية استراتيجيات الدولة، وكان ولا يزال، وسيظل الاحترام، والتقدير للأجداد والآباء، والكبار بصفة عامة، تثميناً لقدرهم عمراً، وخبرة وعطاء، لذا فإن لهم علينا حقوقاً أولتها دولتنا، وقيادتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً.

وكانت مراعاتهم حتى في تسميتهم في القوانين، والمعاملات، لدى جهات الدولة المختلفة، فكان المسمى الرسمي لهم (كبار المواطنين)، وليس (كبار السّن)، كما اهتمت بجميع شؤونهم التي تكفل لهم احتياجاتهم المادية، والصحية، وغيرها، وتمكينهم من نقل خبراتهم للأجيال الجديدة، ومواكبة التطور المجتمعي الذي تشهده، وتعمل عليه جميع أجهزة الدولة، لتطوير ما حققته في التنمية المستدامة، إيماناً من الدولة في أن تناسي خبرات كبار المواطنين هو إهدار للموروث الثقافي، والتجارب التي نحتاجها جيل بعد جيل.

ضمان حقوقهم

ويضيف د. الشريف: أصدرت الدولة قانوناً اتحادياً خاصاً بكبار المواطنين هو القانون الاتحادي رقم (9) لسنة 2019، عرّفت فيه كبار المواطنين بمن بلغ عمره الستين عاماً، ويهدف القانون ضمان تمتعهم بالحقوق، والحريات الأساسية التي كفلها الدستور، والمعلومات والخدمات المتعلقة بحقوقهم، وتوفير الرعاية والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم، ومن أهم هذه الحقوق الحق في الاستقلالية، والخصوصية، بما يشمل حقهم في اتخاذ القرارات الخاصة بممتلكاتهم، وأموالهم، ومكان إقامتهم، والحق في الحماية من التعرض للعنف، والإساءة، والإهمال، والحق في البيئة المؤهلة، والسكن والتعليم والعمل، وتعزيز الاستفادة من قدراتهم، ودمجهم مع المجتمع بفئاته العمرية كافة، وضمان مشاركتهم الفاعلة، والمستمرة ضمن النسيج المجتمعي.

ومن حقوق كبار المواطنين التي يحرص عليها القانون، الحق في الحصول على الخدمات الاجتماعية عبر مؤسسات كبار المواطنين، والأندية، والمراكز المجتمعية، ووحدات الرعاية المتنقلة، والحق في الرعاية الصحية بتوفير الرعاية الصحية، والوقائية، وتوفير التأمين الصحي، والتمريض المنزلي، والأجهزة المساندة، والحق في الحفاظ على سرية معلوماتهم، وبياناتهم، وعدم الإفصاح عنها إلا وفقاً للقانون.

ومما كفله القانون لكبار المواطنين الحق في أولوياتهم في المعاملات، بجعل مصلحتهم ذات أولوية مهما كانت مصالح الأطراف الأخرى في كل ما يتعلق بطلبات السكن، وإنجاز المعاملات الحكومية، والحصول على المساعدات، والخدمات الصحية وغيرها، وفرض عقوبات مشددة على كل من أنشأ، أو شغّل، أو أدار مؤسسة لكبار المواطنين، بالمخالفة لأحكام القانون، أو أي مزود خدمة أهمل واجباته، وارتكب ضد كبار المواطنين عنفاً، أو إساءة، كذلك يُعاقب كل من علم بوقوع جريمة في حق أي من كبار المواطنين، ولم يُبلّغ فوراً الجهات المعنية.

أهداف ورسائل

وإذا انتقلنا من الحقوق التي كفلها قانون الدولة لكبار المواطنين، إلى الأهداف والرسائل العامة في اعتماد يوم عالمي للاحتفاء بهم، نجد أنها تتلخص في لفت الانتباه إلى هذه الفئة العمرية التي ساهمت في تنمية المجتمعات، وقدرتها على مواصلة المساهمة، وأنها تتبلور في التوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لهم، وتعزيز الخدمات الصحية، والوقاية من الأمراض، وتوفير التكنولوجيا الملائمة والتأهيل، وتدريب الموظفين في رعايتهم، وتوفير المرافق اللازمة لتلبية احتياجاتهم، وحثّ المنظمات غير الحكومية والأسر، لتقديم الدعم اللازم لهم لاتباع أسلوب صحي جيد، والتعاون بين المؤسسات الحكومية، والأسر، والأفراد، لتوفير بيئة جيدة لصحتهم، ورفاهيتهم.

السياسة الوطنية

وعلى صعيد السياسة الوطنية لكبار المواطنين، نجد أنها تهدف إلى الارتقاء بجودة حياتهم، وضمان مشاركتهم الفاعلة والمستمرة ضمن النسيج المجتمعي في الدولة، حيث يتم تقديم المساعدات الشهرية لكبار السّن من مواطني الدولة، فضلاً عن إطلاق وزارة الصحة ووقاية المجتمع الكثير من المبادرات لدعم رعايتهم الصحية، منها إنشاء قاعدة بيانات لرصد العمر المتوقع لكبار المواطنين في الدولة، وتوسيع برامج الرعاية الصحية والخدمات، وبخاصة خدمات الرعاية المنزلية، ووفرت الوزارة خدمة العيادات المتنقلة في المناطق البعيدة، وهي مجهزة بالمعدات اللازمة والطاقم الطبي لتقديم خدمات علاجية واستشارية وتشمل خدمات علاج الأسنان، وخدمات المختبر الطبي، والعلاج الطبيعي، وعلاج السكري، وغيرها من الخدمات.

كما يوفر مركز أبوظبي للتأهيل الطبي الرعاية المتخصصة لهم في مدينة أبوظبي، ويستقبل كبار المواطنين الذين لا معيل لهم، ويحتاجون إلى رعاية طبية شاملة ومستمرة لفترات طويلة، ولا يمكن توفيرها في المنازل، ويقدم الكثير من خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، مثل التشخيص والإرشاد الطبي والعلاج الطبيعي، وعلاج النطق والعلاج النفسي، والعلاج بالتمارين والعلاج بالماء وبالعمل والإرشاد الأسري، والدمج في المجتمع.

وفي مدينة العين، توفر البلدية خدمة السيارة المتنقلة، التي تمكّن ذوي الإعاقة، وكبار المواطنين من إنجاز معاملاتهم في منازلهم بكل سهولة ويسر، وفي دبي تعمل هيئة تنمية المجتمع على تعزيز مستوى انسجام الكبار بالسن ضمن المنظومة المجتمعية، في أجواء وظروف تتناسب مع احتياجاتهم الصحية وتراعي رغباتهم ومتطلباتهم، وتدير عدداً من البرامج والأنشطة الخاصة بكبار المواطنين ومنها برنامج «وليف» الذي يوفر رعاية مجانية للمسنين في منازلهم، ونادي ذخر الاجتماعي الذي يقدم مجموعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج اليومية التي تعنى بالجوانب المختلفة من حياتهم وغيرها.

وتوفر هيئة الصحة في دبي، خدمات الرعاية المنزلية لكل من المواطنين والمقيمين، وتقدم الكثير من الخدمات، منها تقييم الشيخوخة والرعاية التمريضية، وتقييم مستوى السلامة المنزلية وإعادة التأهيل وتقييم احتياجات التغذية، وغيرها. وأصدرت هيئة تنمية المجتمع بدبي بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، بطاقة «ذخر» لمواطني إمارة دبي لمن تجاوزوا الستين عاماً، وهي مبادرة نوعية ترمي إلى توفير حزمة من الخدمات والتسهيلات لهم، فضلاً عما توفره الشارقة، من خدمات الرعاية المنزلية لكبار المواطنين لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع، ورفع المستوى الصحي والمعيشي لهم، وغير ذلك.

أما في عجمان وفي عام 2018 فقد دشن الشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان، مبادرة «نوصلكم» وهي وحدة متنقلة تقدم الرعاية المنزلية لكبار السن بالتعاون مع وزارة تنمية المجتمع، وحينذاك أوضح أن المبادرة تتبلور في توفير الوحدة المتنقلة والمجهزة بكل المعدات الطبية، وستقدم خدماتها – وقتذاك - إلى 360 مسناً في إمارة عجمان مسجلين في الوزارة ليحظوا بفحص الضغط والسكري، والفحوص الدورية، وجلسات العلاج الطبيعي، وتقوية الذاكرة وغيرها، ومن المتوقع أن يجري الكادر الطبي الموجود في الوحدة المتنقلة 1900 زيارة سنوية لكبار المواطنين، مقدماً الخدمات الطبية والاجتماعية المستدامة، واستخدام الأجهزة الحديثة والتقنيات المبتكرة، لضمان حصول المسن على العناية الفائقة.

ثروة اجتماعية

وبالنظر في كيفية استفادة الجهات المختلفة في الدولة من خبرات كبار المواطنين، يقول محمد راشد رشود الحمودي، رئيس مجلس أولياء أمور الطلاب والطالبات بمدينة دبا الحصن: يحتفي العالم في الأول من أكتوبر من كل عام بيوم المسن العالمي، وتسارع المؤسسات في دولتنا الحبيبة في الاحتفال بهذا اليوم، بوضع البرامج، وتقديم الهدايا لكبار المواطنين، لذلك نرى أنهم ثروة اجتماعية حقيقية، يجب أن يستفاد من خبراتهم.

ويجب ألا يقتصر الاحتفاء بهم على يوم معين مخصص لهم، بل يجب أن تعمل لهم البرامج في جميع أيام السنة، للاستفادة من خبراتهم المتراكمة السابقة في خدمة الوطن، ونقلها للأجيال، لذلك لابد من الاستفادة من تلك الخبرات بالاستعانة بالقادر منهم لتنفيذ ورش، ومحاضرات لنقل تجاربهم للجيل الحالي، والاستفادة من خبراتهم الاقتصادية، والتجارية، في دعم الاقتصاد الوطني، ومن الممكن أيضاً أن يشاركوا في المجال التطوعي.

ونحن في مجالس أولياء أمور الطلاب والطالبات بإمارة الشارقة، وبدعم من مجلس الشارقة للتعليم، داعمون لهذه الفئة المدرجة ضمن أهدافنا الأساسية، في دعم الخطط الاستراتيجية للمجالس، وتنفيذ المحاضرات، والورش عبر الفرص التطوعية (زكاة العلم)، التابعة لدائرة الخدمات الاجتماعية بمدينة الشارقة، ويسعى مجلس الشارقة للتعليم لضم تلك الخبرات، في مجالس إدارة المجالس، وضمهم في اللجان العاملة لمجالس أولياء الأمور.

والعام الجاري يعمل المجلس، وضمن الأهداف الاستراتيجية لمجلس الشارقة للتعليم، على تعزيز الشراكة المجتمعية للاحتفاء بيوم المسن العالمي الحالي، بإقامة برنامج تراثي تقدم فيه الفقرات الفنية من الأهازيج التراثية لطلاب وطالبات مدرستي الحصن، والعقد الفريد للتعليم الأساسي ح2، يتخلله لقاء حواري بعنوان «تواليف بحرية» يديرها الباحث التراثي محمد راشد رشود الحمودي، يستعيد فيه ذكريات أيام البحر، ورحلات الصيد، بمشاركة طلاب وطالبات مدارس المدينة، وتقام الاحتفالية بالتعاون مع جمعية دبا الحصن التعاونية لصيادي الأسماك، على ظهر إحدى سفن النزهة، وسيكرّم كبار المواطنين المشاركين في هذا اليوم.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5camxx6c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"