عادي

عذب الكلام

00:41 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

التفسير في البلاغة هو أن يذكرَ الشّاعرُ جملةً، فلا يزيد فيها ولا ينقص منها، ولا يخالف بينها؛ منه قولُ العنبري:

أَسِجناً وقَيداً واغْتِراباً وفُرقَةً

وذِكْرى حَبيبٍ إِنّ ذا لَعظيمُ

وإِنَّ امْرَأً دامَت مَواثيقُ عَهدِهِ

عَلى مِثلِ ما لاقَيتُهُ لَكَريمُ

وقولُ صريع الغواني:

يذكّرنيكَ الخيرُ والشرُّ والحِجا

وقِيلُ الخَنا والعِلمُ والحِلْمُ والجَهْلُ

فألقاكَ عَنْ مَذْمومِها مُتورّعاً

وألقاكَ في مَحْمودها ولكَ الفَضْلُ

دُرر النّظم والنّثر

مَرَّت لَيالٍ

إيليّا أبو ماضي

(من البسيط)

مَرَّت لَيالٍ وقَلبِيَ حائِرٌ قَلِقٌ

كَالفُلكِ في النَّهْرِ هاجَ النَّوْءُ مَجْراهُ

أَوْ كالمُسافِرِ في قَفْرٍ عَلى ظَمَأٍ

أَضْنى المَسيرُ مَطاياهُ وأَضْناهُ

لا أُدرِكُ الأَمْرَ أَهواهُ وأَطلُبُهُ

وأَبلُغُ الأَمرَ نَفْسي لَيْسَ تَهْواهُ

عَجِبْتُ مِن قائِلٍ إِنّي نَسَيتُكُمُ

مَنْ كانَ في القَلْبِ كَيفَ القَلْبُ يَنْساهُ

إِن كُنْتُ بِالأَمسِ لَم أَهبِط لمَربَعِكُم

فَالطَيرُ يَقعُدُ مَوثوقاً جَناحاهُ

فَلا يُقَرِّبُهُ شَوقٌ إِلى نَهَرٍ

ولَيْسَ تنقُلُهُ في الرَّوْضِ عَيْناهُ

ولَيْسَ يَشْكو ولا يَبْكي مَخافَةَ أَنْ

تُؤذي مَسامِعَ مَنْ يَهوى شَكاواهُ

إِنّي لَأَعجَبُ مِنّا كَيفَ تَخدَعُنا

عَنِ الحَقائِقِ أَمْثالٌ وَأَشْباهُ

لا تَحسَبِ المَجدَ ما عَيْناكَ أَبْصَرَتا

أَو ما مَلَكتَ هُوَ السُلطانُ وَالجاهُ

المالُ مَوْلاكَ ما أَمْسَكتَهُ طَمَعاً

فَانْفِقهُ في الخَيْرِ تُصبِحْ أَنْتَ مَولاهُ

ما دامَ قَلْبُكَ فيهِ رَحمَةٌ لِأَخٍ

عانٍ فَأَنتَ امْرُؤٌ في قَلبِكَ اللَهُ

من أسرار العربية

في الكلّيات: كلُّ شيءٍ فيهِ اعْوِجاج كالأضْلاع والإِكافِ والقَتَبِ والسَّرْجِ والأودية: حِنْوٌ، وحَنْوٌ. كلُّ شيءٍ سَدَدْتَ به شيئاً: سِدَاد، مِثْلُ سِدادِ القارورةِ. كلُّ مال نفيسٍ:غُرَّة. كلُّ ما أَظَلَّ الإِنسانَ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ سَحَابٍ أو ضَبَابٍ أو ظِلّ: غَيابٌ. كلُّ قِطْعَةٍ من الأرضِ على حِيالَها من المَنَابِتِ والمزارِع: قَرَاح. كلُّ ما يرُوعُكَ منه جَمالٌ أو كَثْرَة: رائع. كلُّ شَيْءٍ اسْتَجَدْتَهُ فَأَعْجَبَكَ: طُرْفَة. كلُّ ما حلَّيْتَ بهِ امرأةً أو سيفاً: حَلْيٌ. كُلُّ مَتاعٍ من مال: عَلاَقَةُ. كُلُّ إناءٍ يُجْعَلُ فِيهِ الشَّرابُ: ناجُود. كلُّ ما يَسْتَلِذُّهُ الإِنسانُ مِنْ صَوْتٍ حَسَنٍ طَيِّبٍ: سَمَاع. كلُّ صائتٍ مُطْرِبِ الصَّوتِ: غَرِد ومُغرِّد. كلُّ شَيْءٍ تَجَاوَزَ قَدْرَهُ: فاحِشٌ. كلُّ شَهرٍ في صَمِيم الحرِّ: نَاجِرٍ. قال ذو الرُّمّة:

صَرىً آجِنٌ يَزْوِي لَهُ المَرْءُ وَجْهَهُ

إذَا ذَاقَهُ الظَّمْآنُ في شَهْرِ ناجِرِ

هفوة وتصويب

ترد كثيراً مثل هذه العبارة «يروقُ لي أنْ أرى...»، وهي خطأ، والصّوابُ «يروقُني». لأنّ الرَّوْقَ: الإِعْجاب. وراقَني الشيءُ يَرُوقُني رَوْقاً ورَوَقاناً: أَعجبني، فهو رائق وأَنا مَرُوق، واشْتُقّت منه الرُّوقة، وهو ما حَسُنَ من الوَصائفِ والوُصَفاء. يقال: وَصِيفٌ رُوقةٌ وَوُصَفاء رُوقة.

قال ابن مقبل:

راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُوذانِقٍ خَرِصٍ

طاوٍ تَنَفَّضَ من طَلٍّ وأَمْطارٍ

(السُوذانِق: الصقر).

ويقول بعضُهم: «أشعرُ بالزُّهُوِّ والفَخْر»، وهي خطأ، والصّواب:«الزَّهْو». ويقال: زُهِيَ الرجل فهو مَزْهوٌّ، إذا تفخَّر وتعظّم. وزَهَتِ الرّيحُ النباتَ، إذا هَزَّتْهُ، تَزْهاه.

والزَّهْوُ: المَنْظَرُ الحَسَن. ومنه احْمرارُ ثمر النّخل واصْفِرارُهُ.

قال ابن مُقْبِل:

ولا تقولَنَّ زَهْوَاً ما تُخَبِّرُني

لم يترك الشيبُ لِي زَهْوَاً ولا الكِبرُ

من حكم العرب

وعَيْنُ ذِي الوُدِّ لا تنفكُّ مُقْبِلَةً

تَرى لَهَا مَحْجَراً بَشّاً وإنْسانا

والعَيْنُ تنطقُ والأفواهُ صامِتةٌ

حتّى تَرى مِنْ ضميرِ القَلْبِ تِبيانا

البيتان لعمَارَة بن عقيل، يقول فيهما إن المشاعر الحقيقية، تظهر عبر العينين حتى لو لم ينطق اللسان، ومن هنا كان ما يمكن أن تخفيه، تظهره عيناك بوضوح، لأنّهما لسان القلب. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2afsnyjw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"