فائز واحد في حرب العملات العكسية

21:19 مساء
قراءة 4 دقائق

جيمي ماكجيفر*
إن صعود الدولار إلى مستويات قياسية جديدة، وبالرغم من رفع السلطات النقدية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة أو التدخل لدعم عملاتها المحلية، يظهر أن البنوك المركزية التي تخوض «حرب العملات العكسية» محكوم عليها بالفشل. ويظهر أيضاً أنه في المعركة ضد بنك الاحتياطي الفيدرالي شديد «التشدد» حالياً، هناك فائز واحد فقط، وهو الدولار نفسه.

اكتسبت نهاية سبتمبر/أيلول 2022 مكانة تاريخية مميزة ستحفر في صفحات الاقتصاد العالمي، حيث أدى رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي من الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 75 نقطة أساس، والوعد بمزيد من التشديد في المستقبل، إلى انهيار الأسواق العالمية، وجموح الدولار بشكل صارخ. ولسوء الحظ بالنسبة لبقية العالم، فإن الدولار «الهائج» هو بمثابة كرة تدمير اقتصادية ومالية تقضي على معظم الأشياء في طريقها. والدمار الذي تخلفه سيؤدي إلى زيادة احتمالية تجنب المستثمرين للعملات المتداعية لصالح العملة الخضراء، وبالتالي تكثيف الدوران في الحلقة المفرغة.

انظر إلى السويد على سبيل المثال، حيث فاجأ البنك المركزي «ريكسبنك» الأسواق برفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهو أكبر ارتفاع منذ عام 1993، ومع ذلك، تراجع الكرون السويدي إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار وبأكثر من 4% الأسبوع الفائت. في الوقت نفسه، ارتفع سعر الفائدة غير المسبوق للبنك المركزي الأوروبي بمقدار 75 نقطة أساس مع توقعات بالمزيد في المستقبل، ومع ذلك أيضاً، فشلت الخطوة في منع اليورو من التراجع إلى أدنى مستوياته في 20 عاماً، ليحقق 0.97 دولار يوم الجمعة.

في عام 2010، صاغ وزير المالية البرازيلي جويدو مانتيجا مصطلح «حروب العملات»، في أعقاب الأزمة المالية العالمية عندما ساعد ضعف أسعار الصرف في الاقتصادات المتقدمة على تحفيز النمو ودرء الانكماش. لكن الموجة العالمية للتضخم بعد الوباء قلبت ذلك رأساً على عقب، وتتسابق البنوك المركزية الآن لرفع المعدلات في محاولات لكسر هذه الموجة. لكن يبدو أنه من الصعب كثيراً الفوز بحرب «العملة العكسية» ضد الاحتياطي الفيدرالي والدولار.

وجدت ورقة عمل لصندوق النقد الدولي في يوليو/تموز الفائت، تبحث في تدخلات العملات الأجنبية عبر 26 اقتصاداً متقدماً وناشئاً بين عامي 1990 و2018، أن التدخل لتقليل اختلالات أسعار الصرف الناتجة عن عوامل الاقتصاد الكلي على المدى الطويل قد لا يكون فعالاً. ووجدت أيضاً أن عمليات بيع العملات الأجنبية تبدو إلى حد ما أكثر فاعلية من شرائها، والتدخل أقل فاعلية في أسواق العملات الأجنبية الأكثر سيولة. ومن حيث المضمون، من المرجح أن تحقق البنوك المركزية أهدافها في «حرب العملات» التقليدية أكثر مما ستحققه عندما تتدخل لشراء عملتها باحتياطي الدولار، حيث تبيع عملتها لإبقائها ضعيفة ولكن قادرة على المنافسة.

إن وقع ضربات الكرة المدمرة للدولار محسوسة على مستوى العالم، لكنها ربما تكون أكثر إيلاماً في طوكيو ولندن. فقد دفع انخفاض الين إلى أدنى مستوى له في 24 عاماً مقابل الدولار بنك اليابان إلى التدخل الأول لبيع الدولار منذ عام 1998. وبهذه الخطوة، انضم المركزي الياباني إلى عدد متزايد من البنوك المركزية الآسيوية للتدخل ببيع الدولار مقابل عملته المحلية، في محاولة لمنع الين من الانزلاق نحو 150 مقابل الدولار، لكن المحللين يشككون في استدامة ذلك التأثير. على المقلب الآخر، جاء انخفاض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته منذ 37 عاماً، والتراجع التاريخي المماثل في «السندات الذهبية»، ليحشر بنك إنجلترا في واحدة من أضيق الزوايا على الإطلاق.

اليوم، لدى بنك اليابان 1.3 تريليون دولار من احتياطيات العملات الأجنبية، ومعظمها مقومة بالدولار. وبقدر ما لا يزال هذا مبلغاً محدوداً، باتت قوة شراء الين الياباني من بنك اليابان محدودة أيضاً. ومن غير المرجح أن ينجح التدخل في شراء الين من بنك اليابان طالما أن البنك يثبّت أسعار الفائدة بالقرب من الصفر، مقابل رفعها من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى أعلى من أي وقت مضى.

لم يتدخل بنك إنجلترا، الذي ما زال يعاني ندوب «الأربعاء الأسود»، في 16 سبتمبر/أيلول 1992، عندما أجبر انهيار العملة المحلية بريطانيا على الخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية لدعم الجنيه الاسترليني. لكن الدعوات إلى التحرك تتصاعد، لا سيما في أعقاب رد فعل السوق العنيف ضد الميزانية المصغرة للحكومة من التخفيضات الضريبية الضخمة وزيادة الإنفاق. وهبط الجنيه يوم الجمعة 23 سبتمبر 3.5% مقابل الدولار، علماً أنه لم يكن هناك سوى ستة انخفاضات يومية أكثر حدة منذ بداية أسعار الصرف الحرة العائمة قبل 50 عاماً.

وكان انهيار سوق «السندات الذهبية» في بريطانيا هذا الأسبوع الحدث الأكثر صعوبة ذا الصلة أيضاً إذ ارتفع عائد ال 5 سنوات بنحو 100 نقطة أساس، وهو أكبر ارتفاع على الإطلاق، في حين قفز عائد السندات ذات الأجل 10 سنوات بنحو 70 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى كذلك منذ عام 1981. وكتب جورج سارافيلوس من «دويتشه بنك»: «الاستجابة السياسة المطلوبة لما يجري واضحة، وهي رفع سعر الفائدة بشكل كبير وفي أقرب وقت الأسبوع المقبل لاستعادة ثقة الأسواق»، مضيفاً بأن فئة الأصول الرئيسية الوحيدة التي ستصمد هي النقد بالدولار.

* كاتب صحفي في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3wwccrzd

عن الكاتب

كاتب صحفي ومحلل مالي في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"