قمة مسقط وآمال المستقبل

01:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

العلاقة بين الأشقاء، تآخٍ تسفر عنه سكينة وطمأنينة، وعندما يكون الأشقاء جيراناً تكون فرصة لأن ترتقي علاقتهم وتصبح علاقة استراتيجية تحكمها قيم البذل والعطاء والإيثار بما يصل بها إلى حد الشراكة في الحاضر والمستقبل امتداداً للشراكة في الماضي.

الإمارات وعمان دولتان شقيقتان، جارتان، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في بداية زيارته لعمان تلبية لدعوة من السلطان هيثم بن طارق: «العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين لها طابعها الخاص، فهي تمتد في نسيج اجتماعي وثقافي واحد، وتستند إلى أواصر الأخوة العميقة والجيرة الطيبة والتداخل العائلي والأسري، بجانب قاعدة كبيرة ومتنوعة وثرية من المصالح المشتركة».

كلمات قليلة تحمل معاني كبيرة وتختصر طبيعة العلاقة التي تربط بين الدولتين والشعبين، ويدرك أبعادها الزعيمان الإماراتي والعماني، علاقات تمتد بعيداً في أعماق الزمن، وجغرافيا وتاريخ الدولتين موصول وواحد، المناخ متشابه ويكاد يكون متطابقاً، والتراث ذاته، والعلاقات الاجتماعية متداخلة ما بين الأخوة والمصاهرة والتقارب العائلي والقبلي، والجذور واحدة، والعمق الثقافي يوحد العادات والتقاليد والقيم والمبادئ.

القيادة الإماراتية تعي جيداً أن الدول التي يجمعها التاريخ ولا تفصلها الجغرافيا، لا بد أن تتسلح بتعزيز التعاون وتقوية أواصر القربى والترابط في مواجهة المستقبل، ولذا اختار صاحب السمو رئيس الدولة، سلطنة عمان لتكون أول دولة يقوم بزيارتها، وهو القرار الذي لقي تقديراً شعبياً ورسمياً في عُمان، كانت البداية بالترحيب جواً من خلال الطائرات العسكرية التي رافقته في الأجواء مرحبة، مروراً باستقبال السلطان هيثم بن طارق له في المطار السلطاني، إلى المراسم الاستثنائية التي أقيمت له تقديراً، وبرنامج حافل حيث حرصت مسقط على أن يزور أهم مرافقها ومواقعها الفنية والحضارية ويطّلع على أبعاد نهضتها المعمارية.

الحفاوة لم تقتصر على الجانب الرسمي ولكن شارك فيها الشعب العماني المحب للإمارات والمقدر لقيادتها، وهو ما عبّر عنه العمانيون على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العمانية التي استعادت التاريخ وتذكرت الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد إلى عُمان في العام 1991، التي لاقت ترحيباً من المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، وأسفرت عن قرارات مهمة لصالح الشعبين الشقيقين، منها السماح للمواطنين الإماراتيين والعمانيين بالتنقل الحر بين البلدين والعديد من القرارات التي مازال الشعبان يذكرانها ويعيشان في رحابها.

المستقبل سيكون أفضل والتعاون سيكون أقوى وتنسيق المواقف سيكون دائماً بين الشقيقتين، وسيذكر التاريخ أن قمة مسقط أسست لعلاقة متفردة، فالتعاون لن يكون في مجال واحد ولكنه سيشمل جميع المجالات بما يعود بالفائدة على الشعبين، الثقافة والشباب والإعلام والصناعة والتعليم والبحث العلمي والثروات الزراعية وأسواق المال، والنقل والمواصلات والسكك الحديدية واللوجستيات، الأمن الغذائي، والتقنيات المتطورة، والابتكار ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة بجانب المجالات الصحية والدوائية والتطوير العقاري والسياحة والبتروكيماويات والصناعات التحويلية وسلاسل الإمداد وتقنية المعلومات والتقنية المالية وفي كل ما من شأنه أن يعزز المنافع والمصالح المشتركة ويعود على شعبي البلدين بالخير والنماء، وذلك حسب البيان المشترك، الذي أكد أن الزعيمين أكدا عزمهما على تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للعمل على تكثيف الجهود المشتركة من أجل تطوير وتنويع التبادل التجاري والاستثماري وإقامة الشراكات في مختلف القطاعات وبين أصحاب الأعمال، تحقيقاً للتكامل المنشود، ونوه البيان المشترك بتبادل وجهات النظر حول المسائل والقضايا على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكدا العمل على تنسيق مواقفهما تجاه قضايا المنطقة والعالم.

لن يقتصر التعاون على مختلف الجوانب الخدمية فقط، ولكن ستقوم الدولتان بتنسيق المواقف السياسية تجاه مختلف القضايا والتحديات العالمية، وهو ما سينعكس إيجاباً على العلاقات الخليجية الخليجية، والعربية العربية، وعلاقة البلدين بمختلف دول العالم بما يخدم مصالح كل منهما ويعزز من دعائم الأمن والاستقرار العالمي، خاصة أن القيادتين الإماراتية والعمانية من دعاة مد جسور الحوار بين مختلف الدول لتجنب الصراعات وضمان مستقبل أفضل للأجيال.

الإمارات وعمان، قلب واحد تغذيه دماء الجذور الواحدة وينبض أملاً في مستقبل واحد، مستقبل يواجه التحديات ويؤمن الحياة الكريمة للشعبين الشقيقين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4krj4wnm

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"