عادي

كاميرا «ميندوثا».. رؤية على مجتمع مغاير

01:07 صباحا
قراءة دقيقتين
2

في تقديمه لترجمة رواية «سنوات الهروب» للروائي «بلينيو أبوليو ميندوثا» يؤكد د. حامد أبو أحمد أن دول أمريكا اللاتينية، ومن بينها دولة كولومبيا، ظلت عالة على الثقافة الأوروبية، حتى نهايات القرن التاسع عشر تقريباً، ولا ينفي هذا بالطبع ظهور بعض الأدباء الكبار هنا أو هناك، خلال القرون، التي تلت اكتشاف الأمريكتين عام 1492.

لكن نهايات القرن ال 19 كانت مؤشراً لحدوث تحولات كبرى في ثقافة بلدان أمريكا اللاتينية، فبعد أن كانت هذه البلدان مجرد مستوردة للثقافة الأوروبية، أصبحت مصدرة لها.

خلال القرن ال 20 أخذت بلدان أمريكا اللاتينية، تسهم بقوة في الثقافة المكتوبة باللغة الإسبانية، ثم تجاوزت الحدود لتصبح من أهم الثقافات المؤثرة في العالم، فظهر أدباء كبار في كل المجالات أثروا في أنحاء العالم كافة، منهم نيرودا، ومارتي، وبورخيس، وميسترال، وباث، وفي الرواية هناك أسماء ذات أصداء عالمية قوية، مثل أستورياس وماركيز ويوسا.

من أهم الكتب التي صدرت عن ماركيز كتاب «رائحة الجوافة» عبارة عن حوارات أجراها معه صديقه الكولومبي «ميندوثا» يمكن أن ترى من خلاله كيف يأتي الإبداع الحقيقي، من واقع الحياة، وواقع الناس، وفي ذلك قال ماركيز: «إن أفضل صيغة أدبية هي الحقيقة دائما وأبدا».

في كلام آخر قال: «أعتقد أن القصة ما هي إلا تمثيل محسوب للواقع، إنه نوع من الأحجية المتصلة بالعالم، فالواقع هو قصة مختلفة عن واقع الحياة، مثلما يحدث في الأحلام» وهكذا استطاع ميندوثا في هذه الحوارات أن يجعل ماركيز، ينطق بإبداعات، لا تقل بأية حال عن إبداعاته القصصية والروائية.

عالم مختلف

كان ميندوثا يصغر ماركيز بأربع سنوات، إذ ولد في عام 1932 وكان والده محامياً، وقد درس العلوم السياسية في السوربون بباريس، وعمل بعد تخرجه سكرتيراً أول للسفارة الكولومبية بفرنسا، وترقى في السلك الدبلوماسي، حتى عين سفيراً لكولومبيا في إيطاليا والبرتغال، وعاش 30 سنة في أوروبا، من بينها بعض الفترات في إسبانيا.

وعلى الرغم من الإقامة الطويلة خارج وطنه إلا أن نظره ظل متوجها إليه، ولا يختلف عن كتاب وأدباء أمريكا اللاتينية، فهو يعيش لفترة طويلة في أوروبا، ويتأثر بما يحدث في أوروبا وفي العالم، ويصاحب الكتاب والفنانين، ويتعامل مع الناس في الشوارع.

وتعكس روايته «سنوات الهروب» التي ترجمها إلى العربية «صبري التهامي» هذه الأوضاع، فبطل الرواية يعيش حياته الخاصة في باريس والقرى المجاورة، يرصد الشوارع والأماكن والناس والأحداث، ويقيم علاقات مع العديد من الأشخاص، رجالاً ونساء، يختلفون في أمزجتهم وأفكارهم وعقائدهم.

إنها رؤية دبلوماسي ومثقف يعيش في عالم مختلف عن العالم، الذي جاء منه، ومن ثم يمكن أن نقول عن الرواية إنها رؤية إنسانية تثبت عيون الكاميرا على مجتمع مغاير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56vduxk5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"