لو لم يكن التدقيق اللغوي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل على أقلام الصحافة، محرّرين وكتّاباً، أن يحمدوا الله على نعمة التدقيق اللغوي؟ عليهم أن يتذكّروا ويذكروا، صباح مساء، فضل مدققي اللغة، حرّاس العربية الأوفياء لسلامتها، هم جهاز المناعة اللغوية. ما أجمل ألاّ ينسى كل من يُنشر له نصّ في المطبوعات، قول أبي الطيّب: «لكن رأيت قبيحاً أن يُجاد لنا.. وأننا بقضاء الحق بُخّالُ». أولئك هم ستّارو العيوب.
من الصعب تجسيد الصورة في الواقع: أن تصدر الصحف والمجلات من دون تدقيق لغوي. معذرة، فهذه الفكرة غير مطبوخة بدقة، لأننا حتى في هذا المشهد سنحتاج إلى الأساتذة المدققين ليكشفوا المحجوب للنسبة الغالبة من القراء. ما لا يخفى على ذي بصيرة، هو أن مناهج العربية في العالم العربي، فلتة زمانها، ولا فخر، فهي نبوغ من الطراز العجيب، إذ يجري تدريس العربية لكي لا يتعلمها الدارسون. ما لا يعقل هو أن أنظمة التربية والتعليم العربية، لا يخامرها السؤال مطلقاً، وكأن الأمر هو الصواب المطلوب: كيف يدرس الطالب العربي لغته طوال ست عشرة سنة، من الابتدائية إلى الجامعة، من دون أن يملك زمامها؟ نحن لا نتحدث عن أعمق أعماق البحر البعيدة في النحو، فنحن بصدد الخطوة الأولى على الشاطئ، لم تبتل القدم بعد بزبد آخر ما وصلت إليه الموجة المنهكة، الحديث عن حركات الفاعل والمفعول والاسم والخبر في أسرتي كان وإنّ.
الصحافة الاستقصائية في دنيا العرب تحبو، وإلاّ فلا عيب في إجراء تحقيقات في سلامة اللغة لدى فئات شتى. بعد مئة تحقيق في مئة مجال، يقال لمناهج التعليم: هي ذي نتائج العربية التي تُدرّسونها. هي ذي أسباب الأعراض والأمراض في جسد لغتنا. الاختبار يمكن أن يكون مستوحى من نموذج معروف لدى منظمة اليونيسكو، كتابة عشرة أسطر، وقراءة عشرة أسطر، من دون أخطاء.
 عجباً، من أين جاءت المنظمة بفكرة السطور العشرة؟ قبل ألف عام، تحدّى أبو حيّان التوحيدي أيّا كان أن يكتب عشرة أسطر ليس فيها خطأ في المبنى أو المعنى، أو ترابط الأفكار. هل نزلت على القلب السكينة، بمعنى: «كلّنا خطّاء»؟ لكن، لا يكن ذلك ذريعة لعدم تطوير المناهج، ولا دافعاً للاستهانة بسلامة اللغة.
لزوم ما يلزم: النتيجة العرفانية: على كل من يُنشر له نص أن يختم قراءة نصه بالقول: «أفلا تشكرون»؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2urzst9x

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"