عادي

الاحتفال بالمولد النبوي.. مناسبة للتمسك بالسيرة العطرة

21:55 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

يعيش المسلمون بمشارق الأرض ومغاربها في رحاب ذكرى ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسل رحمة للناس، وهادياً ومبشراً لكل خلق الله، فبمولده صلوات الله وسلامه عليه تحققت دعوة إبراهيم، ونبوءة موسى، وبشارة عيسى، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. هذه الذكرى العطرة ماذا تعني للمسلمين؟ وكيف يحتفلون بمولد سيد الخلق، من دون أن يرتكبوا مخالفات أو تجاوزات شرعية؟ وكيف يحتفى المسلم بمولد رسوله العظيم؟ وما الذي يجب أن يفعله المسلمون، وهم يعيشون هذه الذكرى العطرة في ظل محاولات لا تتوقف لتشويه السيرة النبوية الشريفة؟

1
د. أحمد معبد

يؤكد عالم السنة النبوية د. أحمد معبد عبدالكريم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أننا في أمسِّ الحاجة للتعرف إلى أخلاقيات الرسول الراقية، تلك التي سجلت أعظم درجات الرقي والتحضر، وإظهار الحب والتقدير للرسول لا يكون بالمهرجات والاحتفال بأكل الحلوى وإعداد موائد الطعام كما يفعل البعض، لكن الاحتفاء الأمثل بذكرى ميلاد رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم يكون من خلال الالتزام بهديه، والسير على دربه، والعمل بتوجيهاته.. وعندما نحرص على ذلك ستعود الفائدة الأعظم علينا، حيث رسم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق الحياة الأخلاقية المثالية التي تحقق للإنسان حياة مطمئنة تغلفها الرحمة والعدالة والمساواة والتسامح.

ويشير إلى أن على كل مسلم استثمار هذه الذكرى العطرة، في استلهام الدروس والعبر من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتحلي بأخلاقه الفاضلة، والسير على نهجه، ويقول: «عندما نتحدث عن أخلاق الرسول، فنحن أمام رصيد هائل من الأخلاق الفاضلة التي يحتجها المسلمون في كل عصر، خصوصاً في هذا العصر الذي شاع فيه الإسفاف والتردي الأخلاقي بين الناس». ويضيف: «لقد وصف الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم)، فكانت أخلاقه من الصنف الحسن المثالي، فهو القدوة والنموذج في الأخلاق الفاضلة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، والأخلاق الإسلامية التي يجب أن نتعلمها من رسولنا العظيم تشمل الصفات والسلوكيات التي أقرها الإسلام، ودعا رسول الله إلى التحلي بها، وحذر من نقيضها».

أخلاق الرسول

1
د. نزيه عبدالمقصود

يؤكد د. نزيه عبدالمقصود، العميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، حاجتنا، خصوصاً الأجيال الجديدة من الشباب إلى التخلق بأخلاق الرسول، ويقول: لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الآداب الفاضلة، والأخلاقيات الراقية والسلوك المتحضر، وربانا على المُثل والمبادئ التي تحقق لنا السعادة والطمأنينة، وتجلب لنا رضا الخالق والمخلوق.

ويقول: «ما أجمل إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بتلاوة القرآن، وإطعام الفقراء والمساكين، ونبذ الفرقة والخلاف، وصلة الرحم، ولو بهديه رمزية، مثل علبة حلوى، فكل هذا من الأمور المحمودة، وليس في ذلك مخالفة شرعية، كما يردد هواة التحريم، فالاحتفال بذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دون ارتكاب ما يغضب الله عز وجل من أفضل الأعمال، وأعظم القربات، لأن في ذلك تعبيراً عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم، فمحبة الرسول من أصول الإيمان».

ويرفض د. عبدالمقصود كل الفتاوى المتشددة التي تحرم على المسلمين التعبير عن بهجتهم بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم ويقول: «الاحتفاء والتعبير عن البهجة بمولد الرسول صلوات الله وسلامه عليه ليس بدعة كما يردد البعض، فحرمان المسلمين من التعبير عن محبتهم لرسولهم الأعظم في يوم مولده سلوك يحمل قسوة وجفاء للرسول العظيم، والباحث في السنة النبوية والتاريخ الإسلامي يجد السلف الصالح درجوا منذ قرون على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار، والمدائح في رسول الله صلي الله عليه وسلم».

ويرى د. نزيه أن تذكير الأجيال الجديدة بميلاد النبي الخاتم بالأعمال والسلوكيات المباحة، والمزيد من عمل الخير، يترك انطباعاً حسناً عن الرسول الكريم، وضرورة التخلق بأخلاقه والعمل بسنته، ويقول: يحاول بعض خصوم الإسلام في هذا العصر تشويه الهدي النبوي، ورسم صورة غير صحيحة لنبينا الكريم، وهدفهم خلق حالة من الجفاء للرسول، وبالتالي عدم الاهتداء بهديه، ولذلك من المهم أن نذكر أولادنا دائماً بالهدي النبوي، وبأخلاق رسولنا التي تتجسد فيها كل الأخلاق الطيبة، من المهم إحياء الروح الإسلامية في نفوس المسلمين جميعاً، خصوصاً الشباب، وتذكيرهم بكل ما يربطهم بدينهم، ويوقظ الروح الإسلامية بداخلهم.. وليس هناك أفضل من المناسبات الإسلامية لإحداث هذه اليقظة، والأيام المعدودة في حياة المسلمين ليست كثيرة، ومن المهم استغلال كل المناسبات الإسلامية ومن بينها المولد النبوي الذي يمثل حدثاً مهماً في تاريخ الإسلام.

القدوة والمثل

يؤكد د.عبد الفتاح العواري، العميد السابق لكلية أصول الدين بالأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية على أهمية إبراز السمات الشخصية للرسول في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حتى ننقل للأجيال الجديدة السمات التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، فهو القدوة والمثل لكل مسلم، ويقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على نشر قيم الرحمة والتسامح والعفو بين الناس جميعاً من خلال توجيهات نبوية متعددة ومتنوعة، لكنه مع ذلك بنى شخصية المسلم على القوة والشجاعة والانحياز للحق والعدل، وأكد في أحاديث نبوية عديدة أن المسلم الحق ليس إنساناً ضعيفاً، ولا مستسلماً لما يجلب له الإهانة والخزي بين الناس».

منهج الرسول

يؤكد د. محمود الصاوي، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، حاجتنا الآن إلى إبراز منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الحياة وأحداثها المتغيرة والمتجددة وما فيها من مصاعب لكي يستفيد منه شبابنا، فقد علمنا رسول الإنسانية من خلال أفعاله وأقواله الشريفة أننا أتباع دين متوازن، يفرض على المسلم أن يعيش حياته كلها بحلوها ومرها، وأن هذا الدين العظيم يضع المسلم دائماً على طريق الحياة السعيدة، وكل أحكامه وتوجيهاته وآدابه وأخلاقياته تدفع الإنسان إلى أن يتفاءل ويبتهج، ويروح عن نفسه بكل ما هو مباح ومشروع من وسائل الترفيه، وجلب السعادة والبهجة، بعد أن يسيطر على مشاعره، ويضبط نفسه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2t7axjhn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"