عادي
الأكاديمية تنوّه بشجاعتها في اكتشاف الجذور الجمعية للذاكرة الشخصية

الكاتبة الفرنسية آني إرنو تفوز بجائزة نوبل للآداب

15:36 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

أعلنت «الأكاديمية السويدية» في استوكهولم، عن فوز الكاتبة الفرنسية آني إرنو ب«جائزة نوبل للأدب». والكاتبة إرنو ولدت في عام 1940، وهي روائية حصلت من قبل على جائزة رينودو الأدبية عام 1984، وهي من رائدات تيار «التخييل الذاتي»، ومن أشهر رواياتها «المكان»، و«السنوات»، و«الاحتلال»، و«الحدث».

قامت الأكاديمية بمنح الجائزة لإرنو البالغة من العمر 82 عاماً، نسبة لشجاعتها وبراعتها التي اكتشفت بها الجذور والمسافات والقيود الجمعية للذاكرة الشخصية، وهي العوالم التي تدور فيها معظم أعمالها الأدبية، وبصورة خاصة روايتها «السنوات»، وهي العمل الذي تتجلى فيه براعة الكاتبة في مضمار السيرة الذاتية، أو التخييل الذاتي، حيث قالت الأكاديمية عن ذلك الكتاب: «إنه أكثر مشاريعها طموحاً، والذي منحها شهرة دولية ومجموعة كبيرة من المتابعين وتلاميذ الأدب»، والوصف ذاته ينطبق على كتابها الآخر «المكان»، ويمكن القول إن التجارب الشخصية هي الثيمة الأساسية في كتابات إرنو التي ترصد فيها المشاعر والقيم والتحولات المجتمعية، وأثرها في البشر بين التجارب الشخصية والهامة، حيث إن الكاتبة تغوص عميقاً في دراسة الفجوات والتباينات المجتمعية، من خلال قصتها الشخصية، حيث إن أسلوب الكاتبة أشبه بطريقة كتابة اليوميات الحقيقية والمباشرة والتي لا تخضع للتعديل، أو التجميل، ولا تحمل أية ادعاءات، حيث إن احترام الذات، في أعمال آني إرنو، هو دائماً عملية مؤلمة ودقيقة بشكل قاس.

نشأة

نشأت إرنو وترعرعت في يڤيتوت شمالي فرنسا، في منطقة نورماندي، وهي من عائلة من الطبقة العاملة، ولكن في نهاية المطاف امتلك والداها مقهى ومخزناً للبقالة، وتمكنت إرنو من الدراسة في جامعة رون أولاً، ومن بعدها في جامعة بوريكس، لتتأهل كمُعلمة مدرسية بعدها، ونالت أعلى درجة في الأدب الحديث عام 1970، وفي أوائل السبعينات، قامت بالتدريس في مدرسة بونفيل الثانوية، كما عملت في كلية إيفير في آنسي لوفيو، ومن ثم في بونتواز، قبل أن تنضم إلى المركز الوطني للتعليم عن بعد.

شعبية

أصبح لإرنو شعبية جارفة منذ صدور روايتها الأولى «الخزائن الفارغة»، كما أن العديد من أعمالها الأدبية صارت موضوعاً للعديد من رسائل الدكتوراه التي تناولت أسلوبيتها الفريدة في الكتابة، وتناولت في العديد من مواضيعها لحظة قدومها من بلدتها الريفية البعيدة، ومن أعمالها الرفيعة في هذا الصدد رواية «المكان»، التي تتناول فيها الكاتبة حياتها وأسرتها وانتقالها إلى بيئة اجتماعية مغايرة عن تلك التي نشأت فيها، حيث التعليم البسيط، بينما كانت الحاضنة الاجتماعية الجديدة ذات طبيعة برجوازية، وتتناول الرواية تلك الفجوة الاجتماعية بين البيئتين، وهي الأحداث الحقيقية التي عاشتها الأسرة، وتتلفت الكاتبة بقلبها إلى سنوات الريف التي عاشتها في طفولتها، وبعض من صباها، لتحكي في الرواية عن حياة الكادحين قبل الأربعينات في قرى فرنسا، من خلال حديثها عن جدها وأبيها، وكيف كانت حياتهم قاسية ومملوءة بالفقر، حيث كانوا مزارعين أُجراء في أراضي الآخرين، ليس لهم أملاك، وتتناول حياة العمال الذين يعيشون في فقر وعوز، ويتنقلون بسبب الحرب، وتبيّن كيف أن القيم التي كانت سائدة في ذلك الوقت هي تمجيد العمل اليدوي، والعمال الناشطين، والتنكيل بالكسالى.

السنوات

ومن المنعطفات المهمة في حياة إرنو الإبداعية وصول روايتها «السنوات»، إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر الدولية عام 2019، التي أكدت مكانتها الرفيعة كأديبة ذات أسلوبية مختلفة جعلت منها كاتبة رائدة خاصة في مجال كتابة السيرة، حيث إن الكثير من المؤلفين حول العالم تأثروا بها، وساروا على نهجها، خاصة أن الكاتبة بسبب مؤلفها «السنوات»، لقيت استحساناً غير مسبوق من قبل النقاد الفرنسيبن، حيث اعتبر الكثيرون منهم أن هذا الكتاب هو أعظم أعمالها والذي يدور حول جوانب من سيرتها، وفيه تقدم إرنو نظرة حية عن المجتمع الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فالكتاب عبارة عن قصة اجتماعية مؤثرة حول نفسها كامرأة، وقد حازت الرواية على عدد كبير من الجوائز الفرنسية. 

اهتمام

وعلى الدوام كانت آني إرنو تجد اهتماماً من قبل النقاد والقراء في الدول الأوربية الأخرى، خاصة بعد ترجمة أعمالها إلى اللغة الإنجليزية، حيث صنفت صحيفة «نيويورك تايمز» كتبها «قصة امرأة» و«مكان المرء» و«شغف بسيط»، على أنها من الكُتب البارزة، والجدير بالذكر أن «قصة امرأة» كانت من الروايات المرشحة لجائزة لوس أنجلوس تايمز للكتاب، وكذلك فإن مذكراتها المعنونة ب«أنا ما زلت في الظلام» الصادرة عام 1999 لاقت استحساناً كبيراً من قبل صحيفة «واشنطن بوست». 

شخصية معروفة

والواقع أن فوز إرنو بالجائزة كان ضمن توقعات العديد من المراقبين حول العالم، خاصة أن الكثير من النقاد توقعوا أن تذهب الجائزة هذه السنة إلى شخصية معروفة، بعد المفاجآت التي حدثت في الأعوام الماضية والمتمثلة في فوز شخصيات غير معروفة كثيراً، مثل التنزاني عبد الرزاق قرنح أستاذ الأدب الإنجليزي الذي فاز بالجائزة العام الماضي 2021، وقبله الشاعرة الأمريكية لويز جلوك في عام 2020، التي لا تتعدّى شهرتها حدود الولايات المتّحدة.

النساء ونوبل

ولعل ذهاب الجائزة إلى إرنو، يعيد مرة أخرى الحديث عن النساء اللواتي حصلن على نوبل في مجال الأدب، حيث تعتبر إرنو هي الفائزة رقم 17 بالجائزة، وكانت آخر امرأة تحصل عليها هي الأمريكية لويز جلوك عام 2020.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/dhpptwfu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"