رسائل بالصواريخ

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في ذروة الفوضى الدولية، وتفاقم الصراعات والحروب، وانسداد أفق الحوار والتسويات، والإصرار على سيادة منطق الهيمنة، ورفض القبول بالشراكة الدولية، فلا بد أن تتخذ الأزمة الكورية مساراً تصاعدياً، طالما أن أبواب المفاوضات مغلقة بين كوريا الشمالية من جهة والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة أخرى.
 كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد كسر حواجز الخوف والقلق من احتمال المواجهة مع كوريا الشمالية بعد سلسلة من المواقف التي وصف فيها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ب «الرجل الصاروخي»، وهدد كوريا الشمالية ب «النار والغضب»، لكنه عقد معه بعد ذلك ثلاث قمم في سنغافورة وهانوي وفي المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، بهدف إقناعه بالتخلي عن أسلحته النووية، إلا أن هذه القمم فشلت، لأن نتائجها لم تلب مطالب كيم، ولم تحقق لترامب أهدافه.
 ترى كوريا الشمالية المحاصرة دولياً، والخاضعة لعقوبات اقتصادية شديدة، أن نظامها مهدد إذا ما استسلمت للمطالب الأمريكية من دون الحصول على ثمن يوازي تخليها عن أسلحتها النووية، خصوصاً مع وجود حوالى 30 ألف جندي أمريكي لدى جارتها الجنوبية، ومعاهدة دفاع متبادل بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، تم إقرارها عام 1967، مع توفير مظلة نووية، إضافة إلى مناورات عسكرية متواصلة برية وبحرية وجوية كان آخرها الأسبوع الماضي.
 يذكر أن حالة الحرب الرسمية بين الكوريتين (1950 - 1953) ما زالت قائمة، وهناك هدنة، ومنطقة منزوعة السلاح بين البلدين. وكان الرئيس الكوري الجنوبي السابق مون جا إن، قد تحدث عن استعداد البلدين لإنهاء رسمي لحالة الحرب، لكن جهوده باءت بالفشل جراء الشروط المتبادلة بين الجانبين التي كان للولايات المتحدة دور في فشلها.
 تأخذ العلاقات الآن بين بيونغ يانغ وسيؤول مساراً تصاعدياً جديداً، على خلفية إطلاق كوريا الشمالية يوم الثلاثاء الماضي صاروخاً باليستياً بعيد المدى، حلق فوق اليابان وسقط في المحيط الهادئ، وقد ردت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، أمس بإطلاق أربعة صواريخ أرض - أرض ( أتاكامس) على أهداف وهمية باتجاه بحر اليابان. 
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي إن عملية الإطلاق تهدف إلى «التأكد من أن قدراتنا العسكرية على أهبة الاستعداد للرد على استفزازات الشمال إذا تطلب الأمر ذلك». فيما تعهد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول ب«رد حازم» على «الاستفزاز» الكوري الشمالي.
 في ظل انعدام حالة الثقة بين الطرفين، والوضع الدولي المتفجر، مع عدم جاهزية الطرفين للحوار والجلوس على طاولة المفاوضات، فإن التجارب الصاروخية، تحولت على ما يبدو إلى صندوق بريد، يحاول كل طرف أن يبلغ الطرف الآخر من خلالها أنه على استعداد للمواجهة، إذا لم يقبل بالمفاوضات وفق شروطه.
.. لكن من يضمن أن تظل هذه الرسائل باتجاه البحر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/23zt3xhe

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"