الحذر والفعل..

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

قدرنا في الإمارات وفي منطقة الخليج عموماً، أن تطل علينا بين الحين والآخر تلك الشركات التي تسعى إلى أخذ ما تستطيع أخذه من مدخرات المواطنين والمقيمين «لاستثمارها» في الخارج، غير عابئة بما ستكون نتيجة هذا الاستثمار، الربح أو الخسارة.
هذه الإطلالة الدورية لا تتم إلا عندما تعيش المنطقة أجواء الانتعاش، وتزداد الفوائض المالية عند الأفراد، كما هي الحال الآن، بحيث تكون المغامرة بجزء من هذه المدخرات أسهل، لكن في الواقع هي أرقام ضخمة بالمليارات.
المهم أن هذه الشركات «لا تكل ولا تمل» من محاصرة العملاء أو الزبائن الجدد، عبر الهاتف أو بالرسائل، وعبر المواقع الإلكترونية، وإذا كنت محظوظاً فإنها تكتفي بمحاصرتك وأنت في سيارتك عبر الراديو، وإذا كنت لا تستمع إليه، فإعلانات الطرق ستكون أمامك، المهم أن تصل إليك أينما كنت.
عندما يتواصل معك أحدهم، ويعرض عليك خدماته، تسأله هل لديك ترخيص للعمل في السوق المحلي؟ فيأتيك الجواب «نعم»، وعندما تسأله عن الجهة التي منحته الترخيص، يكون «إحدى المناطق الحرة».. والسؤال المطروح، هل يحق للشركات المالية المرخصة في المناطق الحرة العمل في السوق المحلي، وتجميع الأموال من الأفراد؟ 
وإذا قلنا إن الشخص قادر على تحمل مسؤولية قراراته الاستثمارية، فإن الخطر الأكبر هنا من الشركات التي تطرق أبواب الشباب المقبلين على الحياة ولكنهم بحاجة إلى من يرشدهم ويأخذ بأيديهم ويحميهم.
لسنا ضد الاستثمار في العملات العالمية أو عقود المشتقات، بل على العكس هي أدوات استثمارية مهمة لا يمكن تجاهلها على غرار الأسهم العالمية وتفرعاتها، وهي ضرورية لتنويع خياراتنا الاستثمارية، لكننا هنا نتحدث عن الشركات الأجنبية التي لا نعرف من أين تأتينا، وهل هي مرخصة من هيئة الأوراق المالية والسلع التي أناط بها القانون مسؤولية الإشراف على هذا النوع من النشاط الاستثماري، لتنظيم السوق وحفظ حقوق العملاء؟
وإذا كانت هذه الشركات صاحبة ملاءة مالية، فلماذا لا تطلب الترخيص من هيئة الأوراق المالية للعمل بشكل قانوني في الأسواق المحلية؟
أسواقنا تحتاج إلى ضبط في هذا المجال، ورقابة مشددة، وإلى إعادة النظر في اشتراطات التراخيص والجانب الجغرافي لعمل هذه الشركات، لأن غير ذلك يعني إمكانية حدوث عمليات احتيال وتلاعب وسرقات تطال أفراد المجتمع الذين يعتقدون أن أي اتصال من هذه الشركات وخاصة من أرقامها الأرضية يعني أنها تحت إشراف أجهزتنا الرقابية.
قرارات «الفعل» واجبة على أجهزتنا الرقابية، بدل أن نتحول لاحقاً إلى قرارات «رد الفعل»، خاصّة عندما يتعلق الأمر بالشباب.. والسؤال الواجب طرحه هنا على مستوى الجهات المختصّة.. ماذا فعلنا لتوعية أجيال المستقبل وحمايتهم من شركات لا تأبه إلا بالكسب، على حساب العميل، مستغلّة جهله، وسهولة الوصول إليه بعبارات رنّانة مثل «ضاعف دخلك بكبسة زر وأنت جالس في بيتك».. تتسلل إلى الشباب من الأبواب الرقمية و«السوشيال ميديا»؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4madewsn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"