عادي

عرض عضلات.. بالصواريخ

23:21 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: أحمد البشير

تقرع كوريا الشمالية طبول الحرب بتجاربها الصاروخية متزايدة القوة، في وقت نرى فيه حاملات الطائرات الأمريكية وهي تتمركز قبالة شبه الجزيرة الكورية، والطائرات الحربية الكورية الشمالية وهي تحلق فوق حدود جارتها الجنوبية، بينما تصدح فيه صرخات الإدانة والقلق في جميع أنحاء العالم.

إنه نمط متكرر من عرض القوة. وكما في الماضي، هنالك الكثير من الإشارات في الجولة الأخيرة التي تشير إلى احتمال قيام كوريا الشمالية باختبار قنبلة نووية في نهاية المطاف.

نعم، فهذا جزء من مسيرة كوريا الشمالية الحثيثة نحو بناء ترسانة مستدامة من الصواريخ ذات الرؤوس النووية القادرة على استهداف أي مدينة في البر الرئيسي للولايات المتحدة. إلا أن التجربة الصاروخية غير العادية التي قامت بها بينغ يانغ هذا العام، وهي الأكبر على الإطلاق، تهدف إلى جذب انتباه أحد الجماهير المهمين والمشتت انتباهه ألا وهو الرئيس الأمريكي، جو بايدن. وقد ردت واشنطن على التجربة الصاروخية الكورية ببيانات استهجان شديدة اللهجة، واختبارات بالصواريخ الحية، في مناورات عسكرية مع حليفتها سيؤول.

ومع ذلك، هنالك القليل من الدلائل على أن إدارة جو بايدن، سوف، أو باستطاعتها، توظيف الدبلوماسية لحل هذه المشكلة التي أزعجت الرؤساء الأمريكيين بشكل سلمي لعقود.

وكانت التجربة الصاروخية قبل أسبوع، هي الجولة السادسة للتجارب الصاروخية الكروية الشمالية في أقل من أسبوعين. وقبلها أطلقت بيونغ يانغ صاروخاً فوق اليابان حليفة الولايات المتحدة.

وفي وقت لاحق، حلّقت 12 طائرة حربية كورية شمالية بالقرب من الحدود الكورية، وهي الطائرات الأكثر تسليحاً في العالم، ما دفع كوريا الجنوبية لإطلاق 30 طائرة عسكرية رداً على ذلك.

وكوريا الشمالية هي دولة صغيرة فقيرة ومحاصرة على نطاق واسع، ومحصورة بين قوى عظمى، لكنها وعلى الرغم من الصعاب الكبيرة، تمكنت من بناء برنامج أسلحتها الذرية من خلال المثابرة والمناورات السياسية الحاذقة.

رسائل الصواريخ

وفي كل اختبار أسلحة تقوم به كوريا الشمالية، فإنها تنجز من خلاله 3 أشياء في وقت واحد على الأقل؛ إذ تمكّن الزعيم الكوري كيم جونغ أون من أن يظهر قوياً أمام شعبه وقادراً على مواجهة المعتدين الأجانب.

كما تُظهر أن بإمكان علمائه العمل على حل المشكلات التكنولوجية التي لا تزال تعيق برنامج الأسلحة، بما في ذلك تصغير الرؤوس الحربية، بحيث تتلاءم مع مجموعة من الصواريخ والتأكد من أن الصواريخ بعيدة المدى يمكنها دخول الغلاف الجوي للأرض بسلاسة.

وربما الأهم من ذلك، هو أن كل اختبار صاروخي يرسل رسالة واضحة مفادها بأنه على الرغم من كل المشاكل العديدة التي تواجهها إدارة بايدن، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، وزيادة التوسع الصيني، والاقتصاد الداخلي المهتز، فإنه على واشنطن التعامل مع كوريا الشمالية كما هي. أي بمعنى، دولة بصدد أن تصبح قوة نووية شرعية، ليست على استعداد للتخلي عن أسلحتها في أي وقت قريب.

وعلى المدى الطويل، من المحتمل أن يرغب كيم بالحصول على اعتراف الولايات المتحدة بأن بيونغ يانغ دولة نووية. وفي نهاية المطاف يمكن للمفاوضات إجبار كوريا الشمالية على التراجع عن بعض برامج التسليح في مقابل رفع العقوبات الدولية والتوقيع على معاهدة سلام لإنهاء الحرب الكورية رسمياً.

وعلاوة على ذلك، تريد كوريا الشمالية رؤية انسحاب ما يقرب من 30 ألف جندي أمريكي متمركزين في كوريا الجنوبية ما يفتح الطريق أمام سيطرتها النهائية على شبه الجزيرة الكورية.

وأكدت بيونغ يانغ، أن المحادثات لا يمكن أن تحدث ما لم تتخل واشنطن عن «عدائها»، وهذا يعني رفع العقوبات الاقتصادية، وإنهاء وجود القوات الأمريكية وتدريباتها السنوية مع الكوريين الجنوبيين.

وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عقد ثلاثة اجتماعات قمة وجهاً لوجه مع كيم بين عامي 2018 و2019، بهدف إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل فوائد اقتصادية وسياسية. وقد فشلت هذه الاجتماعات، حيث رفضت كوريا الشمالية المضي في تعهداتها بنزع السلاح من دون الحصول على ثمن يوازي التخلي عن سلاحها النووي.

موقف إدارة بايدن

وبعد توليه المنصب، أشار الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، إلى رفضه للدبلوماسية الشخصية لترامب، لصالح نهج أكثر تدرجاً، الذي يدعم جهود إجبار كوريا الشمالية على التخلي عن أجزاء من برنامجها الصاروخي، مقابل الفوائد وتخفيف العقوبات.

والهدف، مع ذلك، بقي كما هو: نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية بالكامل، إلا أن عدداً متزايداً من المحللين يقولون إن ذلك يبدو مستحيلاً الآن، حيث يرى كيم جونغ أون، أن برنامج الأسلحة النووية المكتمل هو الضمان الوحيد لبقاء نظامه.

وبينما تدرس إدارة بايدن، الخطوات التالية، فإنها تراقب عن كثب كيف تؤثر اختبارات أسلحة كوريا الشمالية في حلفائها بشمال شرق آسيا. فعندما أطلقت كوريا الشمالية صاروخها متوسط المدى على اليابان، كانت هناك لحظات من الذعر، حيث نبهت صفارات الإنذار السكان في شمالي اليابان، وتوقفت خدمات القطارات ونشرت الصحف المحلية إصدارات خاصة.

وفي كوريا الجنوبية، التي تقع عاصمتها سيؤول على بعد نحو ساعة بالسيارة من الحدود بين الكوريتين، يثير التقدم في البرنامج النووي لكوريا الشمالية الشكوك حول مدى تعهد واشنطن بحمايتها من أي تهديد، في الوقت الذي نسمع فيه دعوات داخلية لإطلاق برنامج نووي محلي.

والسؤال الذي يطرحه البعض في سيؤول هو: إذا هددت كوريا الشمالية بضرب المدن الأمريكية بصواريخها المسلحة نووياً في حال تدخلت واشنطن لوقف أي هجوم تشنه بيونغ يانغ على كوريا الجنوبية، فهل ستدافع عنهم أمريكا؟

وبالنظر إلى المستقبل، هناك توقعات بمزيد من التجارب الصاروخية، وربما في الوقت المناسب تماماً للانتخابات النصفية الأمريكية الحاسمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4atatzyh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"