عادي

ولد أحظانا: المغيّب طرف ثالث في العقد الاجتماعي العربي

21:15 مساء
قراءة دقيقتين
د. ولد أحظانا ود. عمر عبد العزيز خلال المحاضرة

الشارقة - الخليج

استضاف النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء الخميس الماضي، المفكر الموريتاني الدكتور محمد ولد أحظانا أستاذ الفلسفة بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في محاضرة بعنوان «معقول اللامعقول في الثقافة العربية»، وقدم للمحاضرة الدكتور عمر عبدالعزيز، الذي استهل بقوله: «إن البنية الذهنية البشرية تقوم في جانب منها على المغيب، وإن هذا المغيب يوازي في قوة وجوده وفاعليته جانب المعلوم في هذه البنية، وسواء قلنا إنهما يتصارعان أو يتكاملان فهما موجودان بشكل دائم، وكل محاولة لفهم الإنسان وظواهره المختلفة لا تنطلق من هذا الاعتبار الوجودي لهذه البنية ستبقى ناقصة».

وأشار د. عبدالعزيز إلى تجربة المفكر د. محمد ولد أحظانا وأهم إصداراته وعمق تحليلاته المعرفية، وأبرز الجوائز التي حصل عليها وهي كثيرة.

تحدث د. أحظانا عن «معقول اللامعقول في الثقافة العربية» مشيراً إلى أنه منذ أمد طويل كان يشغل اهتمامه الحضور الضافي للمغيب في الذهنية الشعبية الموريتانية، فهذا المغيب كان طاغياً بشكل لافت وفاعل في الحياة اليومية للأفراد، فكل فعل، وكل ظاهرة أو إبداع تجد لها تأويلاً ما في أسباب غيبية، ومن أمثلة ذلك الاعتقاد بوجود شيطان الشعر، الذي يلهم الشاعر، والاعتماد على العرافة وضرب الرمل في تدبير الحياة واستشراف المستقبل، والاعتقاد بقوى غيبية لدى بعض الأفراد يستطعيون بها أن يتصرفوا في الكون.

وأضاف أحظانا أنه تتبع مسارات هذه البنية الغيبية في الظواهر وفي السلوك والفنون والأعراف الاجتماعية والتقاليد فوجدها حاضرة في كل ذلك، وقد بحث عن امتدادات هذه البنية في المجتمعات العربية الأخرى فوجدها متطابقة، ووجد أن المغيب حاضر وفاعل في كل تلك المجتمعات، وتوصل من خلال ذلك إلى أن الظاهرة الاجتماعية العربية هي ظاهرة ثلاثية الأبعاد، فإذا كانت الظاهرة الاجتماعية الغربية في عرف الباحثين الغربيين هي عقد اجتماعي بين فردين فأكثر، فإنها في المجتمع العربي عقد بين اثنين والمغيب، فكل علاقة بين شخصين أو أكثر لا بد أن يدخلها طرف ثالث هو ذلك المغيب الذي هو السبب، الفاعل الخفي في تلك العلاقة.

ويفسر أحظانا بأن تلك الظواهر الشعبية التي تقوم على المغيب هي في حقيقة الأمر لا تخضع للعقل الواعي، وتخرج عن حدود المنطق، فهي بهذا الاعتبار «لا معقول»، لكنها في عرف المجتمع مقبولة ومحسوسة وبهذا الاعتبار فهي «مقعول»، فمعقول اللامعقول هو وجود هذا المغيب في الثقافة الشعبية العربية.

وأشار إلى أن الدراسات الاجتماعية العربية لا تزال عاجزة عن فهم المجتمع العربي، وعن فهم الكثير من ظواهره، لأنها انطلقت من النظرة الأفقية الغربية التي تعد الظواهر الاجتماعية عقداً بين طرفين، بينما الظاهرة الاجتماعية العربية يدخل فيها هذا البعد العمودي الثالث «المغيب»، ولا يمكن تفسيرها من دون النظر إليه.

ولفت الباحث إلى أنه في كتاب سابق له بعنوان «مقال في الفعل العربي» قد درس مسألة المغيب في اللغة العربية، وكيف استوعبت اللغة القرآن الكريم، وقد وجد أن الجملة العربية من ناحية السببية تقوم على أربعة أنماط وشرح هذه الأنماط وقدم تمثيلات عليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yp3xynfx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"