عادي
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ

عذب الكلام

00:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

المُزاوجةُ في البلاغة: أنْ يُزاوجَ المُتَكلّم بَيْنَ مَعْنَيَيْن في الشّرطِ والجَزاء، بأنْ يرتّب على كُلٍّ مِنهما مَعنًى رُتّب على الآخر؛ كقولُ البُحتريّ:

على أنّها ما عِنْدَها لمُواصِلٍ

وِصَالٌ وَلا عَنها لمُصْطَبِرٍ صَبْرُ

إذا ما نَهَى النّاهي فلَجّ بيَ الهَوَى

أصاختْ إلى الوَاشِي، فلَجّ بها الهَجْرُ

زاوجَ بَيْنَ النّهْيِ والإصاخَةِ في الشّرْطِ والجَزاء بترتيب اللجاج عليهما.

وقولِه أيضاً:

إذا احتَرَبتْ يَوْماً، فَفَاضَتْ دِماؤها

تَذَكّرَتِ القُرْبَى فَفَاضَتْ دُمُوعُها

زاوجَ بَيْنَ التّحارُبِ، وتذكُّرِ القُرْبى في الشَّرْط والجَزاءِ، بتَرتيبِ الفَيْضِ عَليهِما.

دُرر النّظم والنّثر

من كتاب «نَسيم الصّبا» لابن حبيب الحلبي:

في الفراق «جَمَعُ اللَّهِ الشَّمْلَ بِمُحيّاك، ورَعَى وُدَّكَ عَلَى بُعْدِ المَزارِ وحَيّاك. وقَدْ اجْتَرَى واجْتَرَح، وأَذْهَبَ المَسَرَّةَ والْفَرَح، وضَيّقَ رَحْبَ الفَضا، وقَلّبَ القَلْبَ على جَمْرِ الْغَضا. وأَوْرَثَ الكَمَد، وَأَذابَ جَليدَ الجلَد، وجابَ وجال، ونَثَرَ عُقودَ الاحْتِمال، وأَوْجَدَ الوَجْدَ والْهُيام وأَحْوَجَ الصَّبَّ إِلى العَبَثِ بالْأَقْلامِ

كُتِبُتْ وعِنْدِي مِنْ فِراقِكَ لَوْعَةٌ

تَزيدُ بُكَائي أَوْ تُقِلُّ هُجوعي

فَلَوْ أَبْصَرَتْ عَيْناكَ حالِيَ كَاتِباً

إذاً كُنْتَ تَرْثِي فِي الهَوَى لِخُضوعِي

أَخُطُّ وداعِي الشَّوْقِ يُمْلي وكُلَّمَا

تَعَدّيُتْ سَطْراً رَمَّلَتْهُ دُمُوعِي

يا لها لَوْعَةً أَسْعَرَت وَقْدَ الضُّلوع، ومَالَتْ إِلَى الصَّبْرِ فَأذْوَتْ مِنْهُ الأُصولُ والْفُروعُ، وصَبابَةً صَبَتِ النَّفْسُ إِلَيْهَا، ووَقَفَتْ لامْتِثالِ الأَمْرِ طائِعَةً بَيْنَ يَدَيهَا، وغَراماً يُلَازِمُ غَريمَ الفُؤادِ، ويَتَكَلَّمُ مِنَ الدُّموعِ بِأَلْسِنَةٍ حِداد، وشَوْقاً إلى تِلْكَ اللَّيَالِي المُسْتَنيرة، والْأَيّامُ الَّتي يطولُ الشَّرْحُ فِي وَصْفِ مَحاسِنِها وَإِنْ كَانَتْ قَصيرَة.

من أسرار العربية

في الشيء بَيْنَ الشيئين: الصُّدْغُ: ما بَيْنَ لِحَاظِ العَيْنِ إلى أصلِ الأذُنِ. الوَتيرَةُ: مَا بَيْنَ المِنْخَرَيْنِ. النَّثْرَةُ: فرْجَةُ ما بَيْنَ الشَّارِبَيْنَ، حِيَالَ وَتَرَةِ الأنْفِ. البادِلُ: ما بَيْنَ العُنُقِ إلى التَّرْقُوَة. الكَتَدُ والثَّبَجُ: ما بَيْنَ الكَاهِلِ والظَّهْرِ. اليَسَرَةُ: فُرْجة ما بَيْنَ أسْرَارِ الرَّاحَةِ يُتَيَمَّنُ بِهَا، وهي مِن عَلامَاتِ السَّخاءِ. الطَّفْطَفةُ: ما بَيْنَ الخَاصِرَةِ والبَطْنِ. القَطَنُ: ما بَيْنَ الوِرْكَيْنِ. الشِّبْرُ: ما بَيْنَ طَرَفِ الخِنْصَرِ إِلى طَرَفِ الإِبْهام. الرَتَبُ: ما بَيْنَ طَرَفِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى. العَتَبُ: ما بَيْنَ طَرَفِ الوَسْطى والبِنْصِرِ. البُصْمُ: ما بَيْنَ البِنْصِرِ والخِنْصِرِ. الفَوْتُ: ما بَيْنَ كُلِّ إصْبَعَيْنِ طولاً.

هفوة وتصويب

يقولُ بعضُهم: «كانتِ الأرضُ تتميّزُ بخُصوبَتها». والخطأ في «خُصوبة»، والصوّاب «تتميّز بِخِصْبِها». وقد خَصَبَتِ الأَرضُ، وخَصِبَتْ خِصْباً، فهي خَصِبةٌ، وأَخْصَبَتْ إِخْصاباً. والخِصْبُ: نَقِيضُ الجَدْبِ، وهو كَثْرةُ العُشْبِ، ورفَاغَةُ العَيْشِ أي سَعَتُهُ؛ والإِخْصابُ والاخْتِصابُ من ذلك. والكَمْأَةُ مِنَ الخِصْبِ. ومكانٌ مُخْصِبٌ وخَصيبٌ، وأَرْضٌ خِصْبٌ. والخِصابُ: النّخْلُ الكثيرُ الحَمْل، الواحدة خَصْبَةٌ.

وقال الأعشى:

كأنَّ على أَنْسائِها عِذْقَ خَصْبَةٍ

تَدَلَّى من الكافورِ غَيْرَ مكمَّمِ

ويقولُ آخرون «فلانٌ ذو حِنْكةٍ ومعرفةٍ»، بِكَسْرِ الحاء؛ وهي خطأ، والصَّوابُ:«حُنْكةٍ» بضمّها. والحُنْكةُ السِّنّ والتّجْرِبَةُ والبَصَرُ بالأُمور. وحَنَكَتْهُ التّجارِبُ حَنْكاً وحَنَكاً، وأَحْنَكَتْه وحَنَّكَتْه واحْتَنَكَتْهُ: هَذَّبته، فهو مُحَنَّك ومُحْنَك. وقيل ذلك أَوانُ نباتِ سِنِّ العَقْلِ. والحَنَكَ ما تَحْتَ الذَقَنِ منَ الإنْسان وغَيْرِه.

من حكم العرب

وما الحُسنُ في وَجهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ

إِذا لَم يَكُن في فِعلِهِ وَالخَلائِقِ

وما بَلَدُ الإِنسانِ غَيرُ المُوافِقِ

ولا أَهلُهُ الأَدنَونَ غَيرُ الأَصادِقِ

البيتان لأبي الطيّب، يقول فيهما إن الجمال الحقيقي هو في الفعل الطيّب، والبلد الحقيقي هو الذي يجد فيه الإنسان الهناء والراحة. وكذلك الأهلون الحقيقيون هم الصادقون في معاملتهم. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3hsp5rvh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"