عادي
اندفاعة «إكسبو» مستمرة.. واللقاءات «الافتراضية» استثناء

المعارض «الحضورية» إلى الصدارة مجدداً

23:06 مساء
قراءة 8 دقائق
معرض جيتكس جلوبال /تصوير محمد الطاهر/١٢/١٠/٢٠٢٢

تحقيق: حازم حلمي

قبل عام، وتحديداً في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2021، انطلقت فعاليات «إكسبو 2020 دبي»، أول حدث عالمي بهذا الحجم يعقد حضورياً، منذ جائحة «كوفيد-19» التي أدت إلى تأجيل وإلغاء أحداث كبرى. وخلال 6 أشهر نجحت دبي في استقطاب 24 مليون زائر إلى «إكسبو»، والأهم أنها استطاعت إدارة الحضور والفعاليات بمنتهى الكفاءة ووسط إجراءات للحماية، أدت إلى الخروج بانطباع كبير بأن المعارض والأحداث الكبرى ستعود لما كانت عليه من قبل.

وفي نفس الوقت، نجح «إكسبو» في تقديم منصة رقمية لحضور الفعاليات افتراضياً، التي استقطبت بالمقابل أكثر من 250 مليون زيارة افتراضية على مدار الأشهر الستة.

اليوم، تستعيد المعارض في دبي مكانتها المتقدمة، بعد أكثر من سنتين، من الاعتماد على المنصات الرقمية في كثير من الفعاليات، والتي حلت بديلاً عن المعارض التقليدية، التي أغلقت أبوابها أو لجأت إلى المساحات الأصغر، بسبب تبعات فيروس كورونا والإغلاقات التي حصلت في كثير من دول العالم، وما رافقها في كثير من الدول من تعقيدات للسفر والتنقل، فضلاً عن منع التجمعات الكبيرة.

1

كانت الفترة الماضية، فرصة للمنصات الرقمية التي سيطرت على المشهد في عالم صناعة الفعاليات والمعارض، ومنها دبي التي يقام فيها المئات من المعارض والفعاليات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية سنوياً.

النجاح الذي حققته هذه المنصات، أثبت فاعلية التقنية عند الحاجة، لكن السيطرة لم تدم طويلاً على المشهد العام، فلم تستطيع المنصات الافتراضية أن تكون بديلاً كاملاً ووجهة مفضلة لإقامة المعارض والفعاليات.

وبعد تخفيف القيود والإجراءات المتعلقة بكوفيد-19، تراجع الإقبال على العالم الافتراضي لصالح العودة إلى المعارض التقليدية التي يفضلها الأفراد والشركات للعديد من الأسباب، وإن كان بقي للتقنية والواقع الافتراضي الآخذ في التطور مكانته، ووسع من خدماته ضمن المعارض التقليدية نفسها.

آراء الخبراء

«الخليج»، استطلعت آراء عدد من الخبراء والمختصين في تنظيم الفعاليات والمعارض، والذين بينوا أن الجمهور يفضل الفعاليات الحضورية، لسهولة التقاء الأفراد بالعارضين والشركات، والتعرف إلى المنتجات والسلع والأصناف، والمنافسين، وأيضاً فتح خطوط جديدة مع المشاركين، وإبرام العديد من الصفقات والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، وكلها فوائد لا تُجني ثمارها إلا المعارض التقليدية.

وأضافوا، أن دولة الإمارات ودبي خصوصاً أنشأت قطاعاً خاصاً بعالم تنظيم الفعاليات والمعارض الدولية الكبرى، يدر دخلاً كبيراً على الدولة، ويسهم بشكل كبير في إنعاش قطاع السياحة والسفر والضيافة، والتسوق والنقل وغيرها من القطاعات الأخرى.

وقالوا، لا يمكن إنكار النجاحات الكبيرة التي حققتها المعارض الرقمية، في عصر الأزمات حفاظاً على الأرواح ودرءاً للأخطار وتيسيراً للأعمال، وتخفيضاً للتكاليف، وتسهيلاً لأمور الحياة، التي ترجح بقاءها بديلاً حيوياً لا يغني عن الأصل، ولا يرقى لجودته بأية حالٍ من الأحوال.

الصورة

بديل ناجح

قال محمد تيم المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إيف الافتراضية»: «منذ إطلاقنا المنصة قبل سنتين، أسهمنا في العديد من المعارض والفعاليات والمؤتمرات الافتراضية، المحلية والدولية والعالمية، كان أبرزها معرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة «ويتيكس»، ودبي للطاقة الشمسية الذي نظمته هيئة كهرباء ومياه دبي 2020، وقمة العشرين بالسعودية، ومؤتمر أطباء الأسنان في أمريكا، وغيرها الكثير من المعارض العالمية».

وأوضح أن دبي كانت من أول الجهات التي تبنت المعارض الافتراضية، عبر «الميتافيرس»، وشهد القطاع نمواً وإقبالاً كبيراً من قبل المؤسسات والشركات ومنظمي المعارض في الدولة وبالخارج، وكانت نسبة نجاحها مرتفعة جداً.

وأضاف تيم: «تسهم صناعة المعارض والفعاليات لدولة الإمارات ودبي على وجه الخصوص في مصدر دخل إضافي كبير، فهي تشجع السياحة والتسوق والزوار، وتعمل على زيادة الإشغال الفندقية في الدولة، وعقد الكثير من الصفقات والاتفاقيات بين المشاركين فيها، كما أن أفراد المجتمع والتجار والعارضين يفضلون المعارض التقليدية، لأنها تمتاز بالتواصل بين الأفراد والاستفسار عن المنتجات والمقارنة بينها، وزاد الإقبال حالياً على هذه المعارض مقارنة مع المعارض الرقمية».

مركز دبي التجاري

أنشأت حكومة دبي في عام 1979 مركز دبي التجاري العالمي، الذي أسهم منذ نشأته بأكثر من 200 مليار درهم إجمالي ناتج اقتصادي في إجمالي الناتج المحلي لدبي، بعد استضافته أكثر من 5 آلاف معرض ومؤتمر وفعالية، جذب خلالها أكثر من 30 مليون زائر من رجال الأعمال إلى دبي.

ويعتبر المركز مساهماً رئيسياً في تنويع اقتصاد دبي، كما أنه رسخ مكانة دبي باعتبارها مركزاً عالمياً للتجارة وسياحة الأعمال العالمية، واستضافته أهم الفعاليات والمعارض المحلية والعالمية، كما يعزز البنية التحتية لقطاع المعارض في دبي، وتم بناؤه بهدف استضافة الفعاليات الكبرى للشركات والصناعات المهمّة ذات التأثير على مستوى العالم.

بصمة في تاريخ المعارض

قال الدكتور محمد فراس النائب، عميد العلاقات العامة والإعلام في كلية المدينة الجامعية: «رسخت دولة الإمارات نفسها مركز استقطاب عالمياً، عبر مؤشراتها التنافسية الرائدة، والتي جعلت منها قبلة للكثير من الأعمال والسياحة والفعاليات والمؤتمرات والمعارض والمنتديات وورش العمل».

ويرى النائب أن المعارض الدولية التي تستضيفها دولة الإمارات، تعد بصمة مضيئة في إعلاء شأن الصورة الذهنية والقوة الناعمة للإمارات عالمياً، عبر تبيان الثقل النوعي للدولة في استضافتها أولاً ضمن إطار هذه المنافسة الدولية المحتدمة على ذلك، إلى جانب إثبات القدرات التنظيمية اللوجستية عالية المستوى لمؤسسات الدولة المختلفة، إضافة إلى أنها فرصة ثمينة لتعريف العالم بالنقلة الحضارية الإماراتية عبر التواجد على أراضيها والانبهار بمنجزاتها.

وأوضح النائب، أنه لا يمكن إنكار النجاحات الكبيرة التي حققتها الفعاليات الرقمية، في عصر الأزمات حفاظاً على الأرواح ودرء الأخطار، وتيسيراً الأعمال وتخفيضاً للتكاليف، وتسهيلاً لأمور الحياة، التي ترجح بقاءها بديلاً حيوياً لا يغني عن الأصل ولا يرقى لجودته بأية حالٍ من الأحوال.

وأضاف النائب: «لعل البيئات التقليدية لهذه المعارض قد تغيرت إلى حد كبير في عصر الجائحة، الأمر الذي جعل من البيئات الرقمية الافتراضية هي السائدة بديلاً عن التقليدية لفترة لا يستهان بها من الزمان، ولا يمكن لأحد أن ينكر نجاح هذه التجربة والممارسة في دولة الإمارات بما تمتلكه من بنى تحتية إلكترونية، وقدرات لوجستية استثنائية، سمحت لها بجسر الهوة التي عاناها الكثير من الدول في مخاضها الإلكتروني على الصعد المختلفة، وذلك في التعليم والأعمال ومناحي الحياة المختلفة ومن ضمنها الفعاليات المحلية والدولية».

وجهة مفضلة

أوضح مينا سامي سيدهم، المدير العام والعضو المنتدب لشركة «فيديل كابيتال»، أن دبي ودولة الإمارات تعتبر الوجهة المفضلة لأهم المعارض والمؤتمرات في المنطقة، لما تتميز به من بنية تحتية ملائمة ومناسبة لكتابة النجاح لأي معرض أو مؤتمر يقام فيها، وهذه النجاحات الكبيرة أهلت دبي لاستضافة أهم المعارض الدولية في المنطقة، أبرزها «إكسبو2020 دبي». وقال: «أسهم مركز دبي التجاري بأكثر من 200 مليار درهم إجمالي ناتج اقتصادي في إجمالي الناتج المحلي لدبي خلال 43 عاماً، بعد استضافته أكثر من 5 آلاف معرض ومؤتمر وفعالية متنوعة، جذب خلالها أكثر من 30 مليون زائر من رجال الأعمال إلى دبي».

وأشار إلى أن المعارض والمؤتمرات الرقمية، حلت بديلاً مؤقتاً للمعارض بسبب تبعات الجائحة، والإغلاقات التي شهدها العالم، لكن هذه المعارض لم ترتق للمستوى المطلوب، ولم تنجح في تحقيق أهدافها من ناحية المشاهدة وزوارها الرقميين، ولم تعط انطباعاً أنها ستصبح سائدة في المستقبل.

وقال: الهدف الأساسي من المعارض هو المقابلة والتفاعل مع الأشياء المعروضة، والمناقشة مع العارضين، والتعرف أكثر إلى الدول المشاركة، وهذه الأشياء لم توفرها المعارض الرقمية التي تكون مملة بعض الشيء مقارنة مع ما توفره المعارض التقليدية من حيث التجول بداخلها والتعرف إلى مكوناتها.

الجيل المستهدف

قال بدر صعب: «أشارك في العديد من المعارض الدولية داخل الدولة وخارجها، في السعودية وقطر، ومن أبرز هذه المعارض معرض الصيد والفروسية الدولي، ومعرض جلفود للأغذية، وبالنسبة لي هناك الكثير من الفروق بين الواقعية والرقمية، فالواقعية، تجعلك تلتقي بالكثير من الأفراد والمشاركين، وتعرفهم بمنتجاتك، كما تتعرف إلى جديد الأسواق والمنافسين، وأيضاً فتح خطوط جديدة للعمل مع المشاركين، وتتعرف إلى المزيد من المصانع وأصحاب الشركات، وقد تبرم اتفاقيات مع جهات دولية أو حكومية، وكلها فوائد لا تجني ثمارها إلا من خلال المشاركة في المعارض التقليدية».

وأضاف: «هناك مزايا عديدة للمعارض الافتراضية أبرزها، انخفاض التكاليف، وسهولة التحضير لها، وتوفير الكثير من الجهد والوقت، وعدم الحاجة إلى السفر، مقارنة مع المعارض الواقعية، فضلاً عن أعداد كبيرة من المشاركين من جميع دول العالم، كما سهلت التكنولوجيا اليوم على المعارض أن تعرض المنتجات بكل دقة وتميز لجذب الأفراد لشرائها».

وقال بدر صعب: «هناك الكثير من المشاركين يأتون من خارج الدولة للمشاركة في المعارض التي تقام في دولة الإمارات طوال السنة، ويزورها الآلاف سنوياً من جميع دول العالم، ويشارك فيها عارضون وشركات دولية، وأعرف الكثير من المشاركين الذين تعود عليهم المشاركة بعوائد مالية كبيرة من خلال المشاركة الناجحة في هذه المعارض، التي تعتبر بالنسبة لهم فرصة لا يمكن الاستغناء عنها سنوياً.

سهولة الوصول

1

وتوقع علي عبدالحق البلوشي، الرئيس التنفيذي لشركة «ايكواكس للاستشارات العامة وإدارة المشاريع»، أن يتم الاستغناء عن بعض المعارض التقليدية في المستقبل، بعدما نجحت الرقمية في أن تحل محلها خلال أزمة «كوفيد- 19»، حيث إن 80% من الشركات غيرت من نهجها وتحولت للعمل عن بعد، بسبب المنصات الرقمية التي سهلت عالم الأعمال اليوم، فتجتمع الشركات مع عملائها، وتلقي بيانات ومؤتمرات رقمية دون الحاجة إلى هذه المؤتمرات والمعارض المكلفة كثيراً.

وقال: «نظمنا معرضاً افتراضياً عبر «الميتافيرس»، لبيع الأثاث، وبعض القطع الفنية، وملابس، وأراضٍ وشقق منزلية، مع سند ملكية رسمية لهذه المنتجات مسجلة في «البلوك تشين»، وهذا المعرض شهد إقبالاً كبيراً من كبار الشركات والتجار في جميع أنحاء العالم، وساعدنا العالم الرقمي على الوصول إلى هذه الشخصيات التي يصعب الوصول إليها لعرض الأعمال والأفكار والمقترحات».

المستقبل للرقمية

وأشار إلى أن المعارض الرقمية عبر «الميتافيرس»، وغيرها من المنصات الرقمية، ستسهم في دعم المعارض التقليدية لتطويرها رؤيةً مستقبلية، كما أن العمل على تحويل المعارض إلى رقمية، يجعل من السهل الوصول إليها والمشاركة فيها والتعرف إليها، وهذا بحد ذاته يعمل على تسريع وتيرة ونمو الاقتصاد العالمي، بسب السرعة والسهولة التي تتبناها المعارض والفعاليات الرقمية.

وأشار علي عبدالحق البلوشي، إلى أن العالم الرقمي أصبح مدراً للأرباح، وتلجأ إليه الشركات لتسويق منتجاتها وأعمالها، حتى أن الشركات العقارية باتت تتجه للمنصات الرقمية لعرض وحداتها العقارية، بأسعار مغرية وأكثر جاذبية من العالم الواقعي، لسهولة وصولها للأفراد عكس التقليدية التي تجبرك على الانتظار للمشاركة في معرض معين يأتي مرة كل عام.

راشد محمد: تعلمنا في «إكسبو دبي» أن الرقمية والتقليدية تتكاملان

شهدت دبي والإمارات، للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حدثاً غير مسبوق. «إكسبو 2020 دبي» الذي يعد حدثاً استثنائياً في تاريخ دولة الإمارات بعد النجاح الكبير الذي حققه المعرض على مدار ستة أشهر، بإبرامه العديد من الصفقات الاقتصادية الكبيرة بين الدول.

واستقبال «إكسبو2020 دبي» أكثر من 192 دولة مشاركة في المعرض، وتسجيل أكثر من 24 مليون زيارة للحدث، وتسجيل المنصات الافتراضية للحدث أكثر من 250 مليون زيارة افتراضية، هذه الأرقام الكبيرة للزيارات الافتراضية تدل على قوة المنصات الرقمية في جذب العديد من الزوار من كل دول العالم لمشاهدة الحدث الأبرز في المنطقة.

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال راشد محمد، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في مدينة إكسبو دبي: «أسهمت الزيارات الافتراضية لإكسبو دبي، بشكل كبير في إيصال رسائلنا إلى عشرات الملايين من المشاهدين حول العالم، وبالتالي عززت من نجاح الحدث بالتكامل مع الزيارات الفعلية، وهذا العدد الكبير من الزيارات الافتراضية هو دليل واضح على صواب الاستراتيجية التي اعتمدتها قيادة إكسبو، بتعزيز الاستثمار في تقنيات التصوير الافتراضي للتغلب على التحديات التي فرضها انتشار وباء كوفيد-19».

وأضاف: «أحد أهم أهدافنا من إكسبو الافتراضي هو حفظ كافة الفعاليات والأحداث المهمة في كبسولة زمنية رقمية، تسمح بزيارة المشاهدين والاطلاع على جميع الفعاليات لسنوات عدة من الآن، ونحن سعداء جداً بحقيقة أنه بعد نحو 6 شهور على انتهاء الحدث، هناك من 3000 إلى 5000 زائر يومياً لإكسبو الافتراضي».

وأوضح أن الزيارات الافتراضية والحضورية تكمل بعضها بعضاً، ولا غنى لمفهوم عن الآخر، وسيبقى الحال على ما هو عليه في المدى المنظور، فقد يزور المتابع المعرض زيارة فعلية، ويعود إلى منزله ليعيد اكتشاف ما يكون قد فاته أثناء الزيارة، أو العكس، فقد يرى المتابع الافتراضي ما قد يشده ويجبره على زيارة الحدث بشكل فعلي.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7dx2zn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"