فن صناعة المحتوى

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

ما ينشر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعبر تصنيفاته المختلفة، يدعي الكثير من ناشريه أنهم ناشطون «كل ينشط على هواه» وصنّاع محتوى، والحقيقة أنهم في أغلب الحالات بعيدون كل البعد عن صناعة المحتوى الذي يدعونه، فهل أخذ خبر وقراءته يعدان صناعة محتوى؟ أو التعليق على صورة ما، تندرج تحت ذلك، أو عرض فيلم ما مع عدة كلمات مأخوذة من كتاب ما، يمكن أن نطلق عليها فناً من فنون صناعة المحتوى المدعاة، أم التصوير قرب شجرة أو ثلاجة أو حذاء، والتعبير بعضلات الوجه والحواجب أو حركات اليد أو القفز في الهواء يمكن تجاوزاً تصنيفها ضمن ذلك الفن؟
أسئلة كثيرة تراود المتابع لكل برامج التواصل الاجتماعي عن ماهية ما يقدم من خلالها، ويدعي أصحابها أنهم صنّاع محتوى، والعجيب أن متابعيها بالآلاف المؤلفة؛ بل تتسابق الشركات والجهات المختلفة، لاستخدامهم، والدفع لهم مقابل الضحل الذي يقدمونه.
صناعة المحتوى فن وصناعة ومجهود وإعداد وابتكار، وليس مجرد «فهلوة»، لكن التهافت الذي يلقاه المدعون من قبل المتابعين والشركات والجهات المختلفة، يجعلهم يستمرون ويتمادون، ويدعون أنهم خبراء صناعة المحتوى، ومبتكرو فنونه، بالطبع كل يدعي أنه خبير في مجال ما، وناشط في حقل ما، ولو أجريت اختبارات بسيطة، لاكتشفت عدم معرفة جلهم بما ينطقون به.
الأسبوع الماضي كنت في رحلة إلى إحدى الدول الخليجية، وعندما وصلنا هناك كانت قبلنا إحدى تلك الشخصيات من «صنّاع المحتوى» أو الناشطين، التي صورت مباشرة جواز سفرها بعد ختمه من قبل رجال الهجرة وهي تضحك قائلة لهم: «حق السوشيال ميديا»، ثم صورت السلم المتحرك، وهي تنتقل عبر القادمين إلى منطقة أخذ الأمتعة، ثم صورت العامل وهو ينقل أمتعتها إلى العربة، ثم أكملت تصويره وهو يدفع العربة، للخروج من المطار، وأثناء كل تلك اللقطات كانت تضع وجهها أمام عدسة هاتفها النقال، لتثبت أنها هي من ينقل لهم هذا الحدث المهم، بالطبع لا أدري ما صورته بعد خروجها من المطار، وما نشرته لجمهورها العريض تحت مسمى صناعة المحتوى أو الناشطين.
صناعة المحتوى ليست هذا التهريج المستهتر الذي نراه ونشاهده عندنا، والذي يدعونا إلى التساؤل ببساطة هل لدينا فعلاً صنّاع محتوى حقيقيون يعرفون تقنياته وأسلوبه وطرقه، ويجيدون استخدامه وتقديمه؟
برامج التواصل الاجتماعي أو ما يُسمى ب«السوشيال ميديا» أصبحت صنعة من لا صنعة له، تقدم نجوماً ليس فيهم من النجومية من شيء، وللأسف يزداد عددهم كل يوم بشكل يجعلنا نقول: الله المستعان!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nb3ryb9u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"