استراتيجية إبداعية

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. باسمة يونس

تحول مهرجان مسرح الشباب من مشروع إبداعي إلى استراتيجية متقنة لاكتشاف الموهوبين ومساعدة كل فنان شاب على الوصول إلى إمكاناته الإبداعية والشخصية، عبر تحويل مهاراتهم إلى منجزات فوق مسرح احترافي أمام جمهور حي وتجربة رائعة غيرت حياة المشاركين، وصنعت لهم ذكريات هائلة لا تنسى.
وتقدّم تجربة المهرجان بخلاصتها ونتائجها المفهوم المأمول لتنمية مجتمع يتطلع لمستقبل إبداعي يدعمه فن المسرح الذي يصقل الشباب ويدعم قدراتهم على التكيف مع المصاعب والانضباط، وهي مهارات رائعة تمكن الشباب من التوصل إلى بعض الحلول المذهلة، عبر استكشاف مستقبلهم من أكثر من وجهة نظر.
وتؤثر المشاركة في مهرجان الشباب على التنمية الشخصية والاجتماعية للشباب، فمصطلح «مسرح الشباب» يشمل منظومة من مجموعة واسعة من الهيئات والمؤسسات والشخصيات التي تشرك الشباب في أنشطتها، وتدربهم وتمنحهم الفرص للمشاركة ضمن بيئة ومناخ إبداعي يدعم تنميتهم الشخصية والاجتماعية.
ويعمل المهرجان على تحديد المهارات والقدرات والموارد التي تساعد الشباب على مشاركة ناجحة باستخدام طرق وعمليات مجهزة لصقل مهاراتهم، من أجل نقلهم من مرحلة الهواية والتعلم إلى مرحلة البلوغ والنضج الفني، والمشاركة في المهرجانات والأعمال المسرحية الأكثر تطوراً ونضجاً في المستقبل.
وعلى مدار الدورات الماضية تمكّن الممثلون الشباب من تعزيز مهاراتهم التي تشمل الثقة بالنفس، والتفكير الإبداعي، وتعلم حل المشكلات، وتعزيز القدرة الفنية والقوة التي تدفع الابتكار، وإيجاد نصوص خارجة عن المألوف لاستعراض المشكلات الكبيرة التي تواجهها المجتمعات اليوم وتقديم حلول مبتكرة لها، كما وصلوا إلى مراحل من النضج العاطفي والشعور بأنهم جزء من المجتمع يعملون معاً لرواية قصة تمثل تقديرهم العميق وفهمهم الكبير لأهمية فن المسرح في الحياة.
وأسهم المهرجان في مساعدة الشباب على تكوين صداقات فنية وإعلامية جديدة، والتعرض للثقافات والأفكار المختلفة، وتطوير تعاطفهم وتسامحهم مع الغير، ففي كل مرة يرتدي فيها الممثلون شخصية جديدة يرون الأشياء من منظورهم، ويتعلمون الكثير عن تراثهم وتقدير واحترام كل جزء فيه.
وتعلم الشباب الذين يشاركون في المسرح تقدير واحترام الناس، فالمسرح لا يقدم للشباب دعماً في الفنون ونشاطاً منتجاً وآمناً لهم فقط، بل يلهم ويشجع كذلك أصوات المستقبل، ويخدم الصالح العام من خلال منجزات المشاركين الذين منحوا فرصة للعمل على شخصيات مختلفة، والبحث في موضوعات مبتكرة تعزز مهاراتهم في التفكير النقدي.
إن فوائد الفنون المسرحية في تطوير مهارات الشباب لا تقدر بثمن؛ فهي تزيد من شعورهم بالانتماء والهوية والقيم الإيجابية، وتقلل من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر لدى الشباب في مثل هذه السن، إضافة إلى بناء مهاراتهم في العمل الجماعي، وبناء احترامهم للذات والشعور باستقلاليتهم وإحساسهم بقيمة المساهمة في المجتمع.
لذلك، يعتبر مهرجان مسرح الشباب تمرينَ ثقةٍ كبيراً لكل مشارك يعثر على دوره الصحيح والمتناسب مع مؤهلاته، وإن لم يكن ذلك بالأمر السهل، لكنه يعني أن هناك عملاً سيتم إنجازه في موعد نهائي، وعلاقة ثقة تعمّ فريق العمل منذ البداية، وهي علاقة فعّالة جداً تتيح لهم العمل بروح الفريق الواحد. وهكذا، وكلما كانت التدريبات أكثر انضباطاً زاد استمتاع الفريق وتضامنه من أجل تحقيق نتائج جيدة.
وتبقى الذكريات التي يعيشها المشاركون في مهرجان مسرح الشباب معهم مدى الحياة؛ لأنهم كانوا جزءاً من مشروع مشحون بالعاطفة، والذي إن بدا وكأنه رحلة مستحيلة خلال إطار زمني قصير، لكنها سرعان ما تنتهي بإنجاز من نوع مختلف، ويأتي بعدها الشعور بالفخر؛ لأن كل واحد من الفريق قد عمل جاهداً ليكون فريقه الأفضل دائماً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr2bx6bx

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"