العراق يتحرك للأمام

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

أنجز العراقيون خطوة بالغة الأهمية بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة جديدين، بعد عام كامل من حالة الشلل المؤسساتي التي أرخت بظلالها على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى أحوال الناس المعيشية، وأدخلت البلاد في دوامة من الانقسامات العنيفة التي هددت وحدة البلاد، وسيادتها.
 وكان العراق، حتى نهاية الأسبوع الماضي، يتشارك متاهة الفشل في اختيار قادة الأجهزة التنفيذية مع ثلاث دول عربية، هي: لبنان وليبيا والسودان. وبينما نجح العراقيون في عبور هذه العتبة الحرجة، فإن الأمل يبقى قائماً في أن تشكل الخطوة العراقية إلهاماً لبقية الدول التي ما زالت تكافح لإقرار شرعية الحكم، واتخاذ خطوات مماثلة.
 وبالطبع، فإن إنجاز العراقيين لهذه الخطوة المهمة لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة السياسية العاصفة، فالطريق لا يزال طويلاً. لكن ما حدث يمكن اعتباره لحظة التقاط أنفاس ضرورية تغلبت فيها الحكمة على نوازع الاحتراب. وتحتاج القوى السياسية إلى رصيد أكبر من التقدير الجيد والموازنات الحاذقة للمصالح الوطنية، لتجاوز بقية التحديات التي ستبرز برأسها من جديد، وربما بشكل أشد صخباً مع انطلاق مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة.
 ومن الضروري هنا أن يضع القادة والزعماء في الاعتبار مصلحة الشعوب، ورفاهية أفرادها، والتي تعد الهدف الأول والرئيسي لمجمل نشاطات السياسة ومشروعات التنمية والتغيير. وربما يكون الدرس الذي يمكن تعلّمه من مرحلة الصراعات الصفرية بين الفرقاء، أن الشعوب تقترب من أن تتحول بالفعل إلى وقود وضحية للصراعات السياسية. وهو وضع خاطئ ومدمر تماماً، ويقود مباشرة إلى تفشي مناخ الإحباط، واليأس، وفقدان الثقة، ثم إلى التفكك في نهاية المطاف.
 وبالنسبة إلى العراق خصوصاً، فإن اكتمال هياكل الجهاز التنفيذي يعني فك التجميد عن مبالغ مئات المليارات من عائدات النفط التي تقبع مجمدة في خزانة البنك المركزي، بانتظار تشكيل حكومة تحظى بالشرعية الدستورية.
 ويعود فك الجمود عن هذه الأموال الضخمة بالنفع العميم على المواطن العراقي، بقطاعاته المختلفة. وهي أموال مخصصة لمشروعات إعادة الإعمار وتحسين الخدمات والاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم.
 وتعهّد رئيس الحكومة الجديد، محمد شياع السوداني، بتبني «إصلاحات اقتصادية تستهدف تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة»، وبتوفير فرص عمل جديدة للشباب وتمليكهم مساكن لائقة. وعبّر عن رغبته في التعاون مع كل القوى السياسية والفعاليات المجتمعية، مؤكداً رفضه لسياسيات الإقصاء والتهميش. وقال إن الخلافات مزقت مؤسسات الدولة وأهدرت العديد من الفرص أمام العراقيين في التنمية والبناء والإعمار.
 ويبعث خطاب السوداني الودي والتصالحي رسائل إلى خصومه الصدريين الذين عارضوا اختياره. فالحديث عن الإصلاح قد يحمل مضمون مكافحة الفساد، كما أن الاهتمام بالخدمات والشباب يعني روح المسؤولية عن رفاهية المواطن، ويمكن استبدال عبارة رفض المحاصصات بحديث النأي عن الإقصاء. هذه هي الشعارات نفسها التي يرفعها زعيم التيار الصدري. وفي ظروف مثالية، فإن الرد على هذا الخطاب يكون بعبارة «الأفعال لا الأقوال». والأمل أن يكون هذا هو الرد، وأن تكون التعهدات هي الفعل في أداء الحكومة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4u88bfda

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"