العالم يواجه المجهول

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

هل نشهد كوارث جديدة قد تفوق بنتائجها ما خلفته جائحة كورونا على العالم؟
 قد يبدو هذا السؤال تشاؤمياً في نظر الكثيرين، لكن، مع الأسف، من يتابع ما يجري في العالم هذه الأيام، لن يفاجأ بهذا السؤال، أو غيره من الأسئلة الصادمة، فقبيل الاحتفال بيوم الأغذية العالمي الذي يصادف السادس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، دعا برنامج الأغذية العالمي العالم إلى العمل من أجل تفادي وصول الجوع إلى مستويات قياسية على مستوى العالم.
 دعوة صريحة جاءت في وقت يتجه فيه الملايين من البشر نحو مستويات متدهورة من انعدام الأمن الغذائي، لاسيما الدول الفقيرة، خصوصاً في الدول العربية.
 وأشار «برنامج الأغذية العالمي» إلى أن بعض الدول، مثل مصر، التي تعتمد بشكل كبير على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا، ستتأثر بصورة فورية من هذا الصراع.
 وبحسب ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي فإن أزمة غذاء عالمية غير مسبوقة قادمة «وإن كل المؤشرات تظهر أن العالم لم يشهد الأسوأ بعد، وإن الأزمة تزداد سوءاً وستزداد أكثر ما لم يكن هناك جهد واسع النطاق ومنسق لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة».
 وتزامن ذلك مع توقعات متشائمة أطلقها صندوق النقد الدولي، الذي حذر في تقرير له بهذا الشأن من أن الصراع الدائر في أوكرانيا سيعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر.
 وعلى الرغم من أن الكثير من المحللين يتفقون على أن أزمة الغذاء العالمية تأتي نتيجة للتبدلات المناخية، والنزاعات، والضغوط الاقتصادية، ما أدى إلى ارتفاع عدد الجوعى في جميع أنحاء العالم من 282 مليوناً إلى 345 مليوناً خلال الأشهر الأولى فقط من عام 2022، إلا أننا يجب في الوقت ذاته ألا نغفل عن الدور الذي تلعبه الدول الغربية الكبرى، وأدواتها المالية، في إفقار الكثير من الدول، وإبقائها تحت أثقال ديون باهظة ومجحفة تعرقل مساعيها لتطوير اقتصاداتها، واستثمار قدراتها، ولا سيما في المجال الزراعي، زد على ذلك الصراعات والحروب التي تشعلها أجهزة الاستخبارات الغربية، في الكثير من الدول الفقيرة، ما يفقدها الكثير من عناصر الحياة، ولاسيما قدرتها على تأمين أمنها الغذائي، فإذا كانت الزراعة تحتل مكانة مهمة في اقتصادات الدول المتقدمة، فإنها تعتبر بمثابة حجر الأساس بالنسبة إلى أغلب اقتصادات الدول النامية. ومن المناسب أن نذكر إجمالي ديون الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل بعدما عرفنا هيكل الإقراض العالمي للدول الفقيرة، فقد بلغت 8.7 تريليون دولار، وفق تقرير إحصاءات الديون الدولية في 2022.
 والحقيقة أن ناقوس الخطر الذي دقه برنامج الأغذية العالمي، رغم أهميته لكنه قد لا يغير كثيراً، أو يقلل من المخاطر التي تنتظر الدول الفقيرة التي ستكون الضحية الأكبر في أزمات الغذاء، وما يتبعها من أزمات اجتماعية خطيرة، لاسيما وأن أزمة كورونا التي اجتاحت العالم، منذ عامين، أثبتت أن الدول الغنية تتعامل مع الأزمات من خلال أنانيتها ومصالحها الخاصة ضاربة عرض الحائط بغيرها من الدول والشعوب.
 ولذلك، فإن الأزمة الغذائية المقبلة يجب أن تكون درساً للدول الفقيرة، ومن ضمنها الكثير من الدول العربية، لكي تهتم كثيراً بتطوير زراعاتها، ولا سيما ذات الطابع الاستراتيجي، كالقمح والذرة، وغيرها من الزراعات الأساسية، خصوصاً أن الخلل الذي تعانيه على مدى عقود طويلة الدول الفقيرة والنامية، ومن ضمنها الدول العربية، قائم على دعائم عدة، في مقدمتها الدعم السخي الذي تقدمه الحكومات الغربية والصناعية لمنتجاتها الزراعية، بحيث تصبح هذه المنتجات منافسة لمثليتها في البلدان النامية، فضلاً عن اضطرار هذه الدول إلى الاعتماد على احتياجاتها الأساسية من الدول الأخرى، الأمر الذي من شأنه أن يضع أمنها الغذائي في يد الآخرين، كما هو الحال في معظم دول الشرق الأوسط التي تضم الوطن العربي، حيث تقوم هذه الدول باستيراد 50٪ من قيمة الغذاء الذي يتم استهلاكه من الخارج. ما يبقيها تحت رحمة الأسعار المرتفعة في جميع الأسواق العالمية، وضحية للأزمات العالمية، كما هو الحال في ظل الأزمة الأوكرانية الحالية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4w5zvtdz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"