عادي

خالد الظنحاني..سيرة تتعطر بأريج الشعر

15:00 مساء
قراءة 4 دقائق
2

-القصيدة رسالة إنسانية تتجاوز كل الحدود
==========================
الشارقة: علاء الدين محمود
«الوطن قصيدتي الوضاءة الأجمل أينما حللت»، تلك الكلمات للشاعر الإماراتي خالد الظنحاني، تكشف عن شغفه العميق بالشعر ومحبته للوطن، وكذلك عن رغبته الكبيرة في أن تصل النصوص والقصائد الإماراتية إلى كل أنحاء العالم، كصوت يعبر عن التاريخ والعراقة والحضارة. عمل الظنحاني بجد واجتهاد من أجل إيصال الصوت الثقافي الإماراتي، فكان أن حمل عصا الترحال صوب أوروبا وآسيا والعديد من بلدان العالم من أجل أن يمنح الشعر فضاء أوسع فهو يقول: «التواصل بين الشعوب يثري تجربة الشاعر، ويكسبه معرفة وثقافة جديدتين، إضافة إلى أساليب شعرية ومفردات جديدة في عالم الشعر، ويمكّنه أيضاً التعرف إلى أنماط حياتية شعبية مثيرة للشعوب التي يزورها، ما يكشف قدرة الشاعر الأصيل على تحقيق التفاعل الوجداني والتقارب الروحي بينه وبين متلقّي الشعر على اختلاف ثقافاتهم».
وفي تجواله بين أماكن مختلفة من العالم حاملاً لواء القصيد، اكتشف الظنحاني أن اختلاف اللغات بين الشعوب لا يشكل عائقاً أمام رسالة الشعر التي تخترق كل الحدود، وذلك ما دفع شاعرنا إلى القول: «ثمة لغة عالمية للشعر تكسبه حضوراً خاصاً وقدرة غير اعتيادية للوصول والتفاعل مع الآخر، مهما كانت هويته، من حيث الاتكاء على المتشابه وليس المختلف مثل المشاعر والعواطف البشرية التي توحد بين البشر على اختلاف ثقافاتهم، ما يعني أن الشعر يمكن أن يقدم الكثير لخدمة القضايا العربية عموماً، والإماراتية بشكل خاص»، ومن أجل تلك الجهود الجبارة في نشر الثقافة والإبداع والجمال، وجد الظنحاني تكريماً من جهات عديدة، حيث منحته الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، لقب «خبير ثقافي مجتمعي»، ليصبح أول مثقف إماراتي يحصل على هذا اللقب في هذين المجالين، تقديراً لإسهاماته وإنجازاته الثقافية والمجتمعية المؤثرة والطموحة على مدى أكثر من 25 عاماً قضاها في ميادين العمل الثقافي والتطوعي وخدمة المجتمع، حيث تم اختياره ضمن قائمة المئة شخصية عربية الأكثر تأثيراً في مجال المسؤولية الاجتماعية، وحاز درع السلام كسفير للسلام الدولي في ملتقى «ابن بطوطة» الثقافي، الذي تم عقده في مدينة باليرمو بإيطاليا.
*ألقاب
نال الظنحاني عدداً من الألقاب من خلال ترحاله بين الدول المختلفة، والتكريمات التي وجدها رافعاً راية الشعر والثقافة الإماراتية، والتي وجدت عنده صدى طيباً وإصراراً على مواصلة مشروعه الثقافي الخاص، وهو يقول: «هذه الألقاب منارات مضيئة في مشواري تلهمني لمواصلة العطاء، فأنا كخبير ثقافي ومجتمعي أسعى إلى الإسهام في نهضة وطني ثقافياً، وككاتب وباحث وإعلامي أسعى إلى ترك بصمة تضيف لبنة نوعية لصرحنا الثقافي الذي يسهم كل أبناء الإمارات من المبدعين الملهمين في تشييده»، ويهدف الظنحاني عبر مشاركاته العالمية في الندوات والفعاليات الثقافية المختلفة، إلى إيصال رسالة السلام والتسامح والتعايش الإنساني التي تعكس رؤية ودستور وفكر الإمارات.
*بدايات
بدأت علاقة الظنحاني مع الشعر في وقت باكر، منذ المرحلة الإعدادية وهو لم يزل صغير السن، حيث كان يطالع الشعر في كتب المقررات الدراسية، فتتملكه الدهشة والإعجاب وتدور في رأسه الأسئلة إلى أن قرر أن يصبح شاعراً، وهو يقول عن تلك التجربة: «كنت أتفحص القصيدة في كتب اللغة العربية بشيء من القلق الوجودي، وأتساءل كيف كتبت؟ فتعلمت اللغة ودرست العروض، وقرأت التراث العربي والمحلي والأدب العالمي، وكتبت شعراً».
*جمال الطبيعة
ولعل البيئة وحسن الطبيعة، كان لها دور كبير في صناعة الشاعر وإثراء وجدانه الجمالي، حيث كانت دبا الفجيرة مسرحاً لمراحل طفولته وصباه، ترعرع وكبر هناك حيث الجبال الشم والوديان الساحرة الأخاذة، وزرقة صفحة مياه البحر، فكان كل شيء يحرض على الشعر، فكان أن كتب الظنحاني القصيد، وهو يقول عن تلك البدايات في الفجيرة: «هذه البيئة بذرت فيّ ذرة الشاعر والأديب، وفي الكتاب حملت القارئ في رحلة مشوقة بين يومياتي وتجاربي وذكرياتي الخاصة بالطفولة والشباب؛ حيث غرس فيّ الوالد حب الكلمة، وألبست بيئتي هذا الغرس، وشاح البهاء والسحر والأصالة»، وبالفعل أعلنت تلك البدايات عن شاعر وجدت تجربته الإبداعية صدى لدى الجمهور والنقاد، وهو يقول متأملاً في مسيرة سنوات قضاها في نظم القصيد: «الشعر تعلقت به صغيراً، فصار مني وصرت منه كبيراً، فأنا باختصار شاعرٌ تصالحت مع الشعر، فتصالح الشعر معي».
*أول منزل
ولئن كتب الظنحاني الكثير من قصائده في مراتع الجمال في دبا الفجيرة، فهو أيضاً قد أصدر كتابه الأول هناك، ذاك الذي حمل عنوان: «أول منزل»، وهو عبارة عن سرديات تتعطر بأريج الشعر، حيث يسرد الظنحاني حكاياته وقصصه بأسلوب بديع هو دفق شعوري، ولكنه يحتفي في ذات الوقت بالمعنى، حيث يسافر الشاعر، في الكتاب، إلى الماضي حيث النشأة الأولى وعيشه في كنف والديه، وارتباطه بمزرعة والده في مدينة دبا الفجيرة، وكذا اهتمامه بالزراعة وخاصة زراعة النخيل. كما يحكي الشاعر عن البساطة التي كانت تتسم بها الحياة حينذاك، وعن بساطة الناس ونقائهم.
يتميز الظنحاني بصوت شعري مميز، ورؤى وأفكار تتجول بين نصوصه، كما يمتلك إحساساً مرهفاً وهو يلقي شعره للجمهور في المناسبات المختلفة، يصل مباشرة إلى قلب المتلقي، ولا عجب في ذلك فلئن كانت مواضيعه وأغراضه الشعرية تعددت وتنوعت بين الغزل والتغني بالوطن، وغير ذلك، فهو في الأساس ينشد الإنسانية، حيث إن الظنحاني يوجه خطابه الشعري للإنسان في كل مكان، وربما ذلك ما دفعه للقول: «للإنسان خصوصية مورقة في شعري، فهو يستحق النظر إليه بعمق وتصفح وجداني كبير لهمومه وقضاياه الحياتية والإنسانية»، لذلك تجد الظنحاني في منابر شعرية في مختلف أنحاء العالم من أجل الإنسانية والاقتراب منها وصوغ خطاب شعري وإبداعي يعبر عن همومها وقضاياها، وربما من أجل ذلك كان حريصاً على ترجمة قصائده إلى لغات عالمية عدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5cepevb8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"