تحديات الأمراض النفسية

الأرقام التي كشفت عنها هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة عن الصحة النفسية استناداً إلى إحصاء أجرته جامعة الشارقة شمل 4500 مشارك في العام 2021، تعكس مدى انتشار الاضطرابات النفسية، حيث أظهر أن 60% من الذين شملهم الإحصاء عانوا في حياتهم من اضطراب نفسي واحد على الأقل، ما يعكس مدى أهمية التصدي لمشكلة الأمراض النفسية ووضع البرامج والخطط والاستراتيجيات التي من شأنها الحد من هذه الأمراض والتعامل معها في مراحلها الأولية قبل استفحالها وحدوث المضاعفات.
الدراسة الإحصائية أظهرت أن الاضطرابات الأكثر شيوعاً كانت القلق بنسبة 60%، والاكتئاب 30% واضطراب ما بعد الصدمة 20%، وعلى الرغم من حجم هذه القضية الصحية ما زالت غالبية شركات التأمين الصحي تتهرب من تغطية تكاليف علاج الأمراض النفسية، ما يشكل ضغطاً هائلًا وعبئاً على المريض الذي يجد نفسه أحياناً مضطراً التهرب من زيارة طبيب الأمراض النفسية، ما يفاقم المشكلة لديه ويزيد من احتمالية حدوث المضاعفات.
أحد التحديات التي يعاني منها المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية ذات صلة بالصحة النفسية التكلفة العالية للعلاج سواء كشفية الطبيب المختص في مجال الطب النفسي أو أدوية الأمراض النفسية، والتي يتحملها المريض في ظل تهرب غالبية شركات التأمين الصحي من تغطية التكلفة، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات أهمها، هل الأمراض النفسية عند شركات التأمين الصحي غير مهمة حتى تتهرب من تغطية تكاليفها؟ ولماذا كشفية طبيب الأمراض النفسية أضعاف كشفية غالبية التخصصات الطبية؟     
بعض شركات التأمين الصحي التي تغطي خدمات الطب النفسي ضمن وثيقة التأمين تضع شروطاً تعجيزية لتغطية الخدمة، ما يضطر المريض إلى تحمل التكاليف التي تزيد على 500 درهم كشفية الطبيب الأخصائي في كل زيارة، وما بين 1000 إلى 1500 درهم تكلفة الأدوية شهرياً، ما يتطلب إيجاد حلول جذرية لهذه القضية الهامة لتسهيل تلقي الخدمة العلاجية بأقل تكلفة ممكنة وفي الوقت ذاته لتشجيع أفراد المجتمع ممن يعانون من هذه المشكلة على التوجه إلى الطبيب المعالج.
جهود التصدي للأمراض النفسية والحد منها تتطلب أيضاً إلزام المدارس الخاصة بتوفير أخصائيين نفسيين للتعامل بطريقة علمية مع الحالات بين الطلبة والتي قد تتطور إلى أمراض نفسية في حال تجاهلها وإهمالها من البداية، حيث إن غالبية المدارس الخاصة تكتفي بوجود أخصائيين اجتماعيين ونادراً ما يتواجد لديها أخصائيون نفسيون، وهذه قضية أخرى.
 [email protected]