عادي
الاقتراض لتمويل الأعمال يهدد بالتضخم

صعود الفائدة يرفع حجم الودائع لدى البنوك في الإمارات

00:01 صباحا
قراءة 4 دقائق
أبوظبي: عدنان نجم

 

أكد خبراء وعاملون في القطاع المصرفي والمالي بالدولة، أن رفع نسبة الفائدة، مؤخراً، سيسهم في زيادة الودائع المصرفية بشكل كبير، موضحين أن مثل هذا الأمر قد أثر في عمليات الإقراض بسبب ارتفاع كلفته.

وذكروا أن رفع سعر الفائدة قد يكون العلاج الوحيد لتجاوز التضخم وارتفاع الأسعار، منوهين بأن توجه شركات نحو الاقتراض لتمويل عملياتها وتنفيذ عمليات الاستيراد والتصدير وغيرها سيسهم في زيادة التضخم مرة أخرى.

ولفتوا إلى أن التضخم في الإمارات أصبح استيرادياً ويأتي من الخارج، مشيرين إلى أن دولة الإمارات غير مضطرة كثيراً، مثل دول أخرى، للجوء إلى اتخاذ سياسات نقدية للحد من التضخم.

يقول محمد عبدالباري، الرئيس المالي لمجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي: «من شأن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة الرئيسية بواقع 75 نقطة أساس، أن يدفع إلى زيادة في الودائع المصرفية بصورة كبيرة، ما قد يقلل من المعروض النقدي ويقود الأسعار للهبوط وبالتالي مستويات التضخم».

1
محمد عبدالباري

وأضاف عبدالباري: «في ما يتعلق ب«مصرف أبوظبي الإسلامي»، فقد شهدنا ارتفاعاً في الودائع بنسبة 10٪ في النصف الأول من العام مقارنة مع العام الماضي، و5٪ مقارنة مع بداية العام. وتتكون أغلب هذه الزيادة من الحسابات الجارية والتي تشكل اليوم 75٪ من ودائع المصرف، وهي ودائع لا تحمل أي كلفة بالنسبة للمصرف». وتابع بالقول: «أما بالنسبة للتمويلات، فلم نلحظ أي تراجع على نسب التمويل، فقد زادت تمويلاتنا بنسبة 10٪ مقارنة بالعام الماضي. وقد زادت تمويلات الأفراد 5٪ من بداية العام، منها التمويلات الشخصية بنسبة 7٪ والتمويل العقاري بنسبة 3٪، وهذا يدل على ارتفاع الطلب على التمويل حتى مع ارتفاع أسعار المرابحات. ويعود ذلك نتيجة للتعافي الاقتصادي من آثار وباء «كوفيد – 19».

مرحلة صعبة

ويقول رجل الأعمال حمد العوضي: «يمر العالم بأزمة اقتصادية تكاد تكون نوعية، وقد خالفت جميع التوقعات، حيث كانت التوقعات تشير إلى تحسن الأداء الاقتصادي وتسجيل نمو وانتعاش الأسواق، وتسجيل زخم اقتصادي وتجاري بين مختلف دول العالم، مع تجاوز جائحة كورونا، ولكن هناك عوامل جيوسياسية أثرت في الأوضاع وخالفت التوقعات».

1
حمد العوضي

وأضاف العوضي: «عن عمليات التسييل الهائلة التي قامت بها الولايات المتحدة وضخ مليارات الدولارات في الأسواق – وبعضها من دون غطاء- سبّب حالة من التضخم وارتفاع الأسعار، إلى جانب المشاكل التي حدثت في سلاسل التوريد حول العالم، وارتفاع كلفة الشحن والنقل بين الدول، حيث تسبب بزيادة التضخم عالمياً، إلى جانب العوامل السياسية مثل حرب روسيا وأوكرانيا، وأزمة الطاقة عالمياً، وارتفاع أسعار النفط، ما ضغط على الاقتصاد، ودفع نحو رفع سعر الفائدة لمواجهة هذا التضخم».

وتابع بالقول: «قد يكون رفع سعر الفائدة هو العلاج الوحيد لتجاوز التضخم وارتفاع الأسعار، ولكن لم يكن في وقته، لكون العالم يتجه نحو الانتعاش، خاصة عقب الجائحة، ولكن العوامل المحيطة كانت أقوى، ما تسبّب بارتفاع التضخم، ودفع نحو رفع سعر الفائدة، ما يؤثر في كلفة الإقراض من البنوك التي تشكل عاملاً حيوياً في النشاط الاقتصادي، حيث تتجه الكثير من الشركات نحو الاقتراض لتمويل عملياتها، وتنفيذ عمليات الاستيراد والتصدير وغيرها، ما سيسهم في زيادة التضخم مرة أخرى».

وذكر أن هناك تخوفاً من حدوث شتاء بارد في القارة الأوروبية، نظراً لما يحدث في عمليات ضخ الغاز نحو الدول الأوروبية بسبب حرب روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى توقعات بتعرض الاقتصاد الأوروبي لمزيد من الصعوبات، وحدوث مزيد من الهبوط في أسعار اليورو والجنيه الاسترليني، ما يهدد بحدوث مرحلة صعبة للغاية على الاقتصاد العالمي.

واختتم بالقول: «إن الاقتصاد في دولة الإمارات لا يزال متزناً، حيث لا يزال الضخ الحكومي - عبر مشاريع البنية التحتية – مستمراً بشكل كبير، وبناء وتطوير مشاريع، ما يجعلنا أقل عرضة للآثار التي تتعرض لها الدول الأخرى».

جدوى الاقتراض

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي رضا مسلم مدير شركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية: «ارتفاع نسبة الفائدة في دولة الإمارات ودول الخليج العربي عموماً، يرتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بارتفاع أسعار الفائدة الذي يصدره الفيدرالي الأمريكي، حيث يلجأ القائمون على السياسة النقدية لأسباب كثيرة ومنها السيطرة على التضخم في الوقت الراهن في أوروبا وأمريكا والسعي للسيطرة عليه، حيث إن ارتفاع الفائدة يؤثر في السيولة الموجودة في السوق، حيث إن مالكي السيولة يسعون لإيداع أموالهم بالمصارف للحصول على عوائد أكبر من السابق، ولم يجر رفع أسعار الفائدة بهذا الشكل منذ عقود».

1
رضا مسلم

وأضاف مسلم: «يرتبط سوق دولة الإمارات بالأسواق العالمية، حيث تستورد الإمارات معظم السلع والخدمات من الخارج، وفي حال وجود تضخم في تلك الدول فهذا يعني ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وبالتالي تأثرنا بهذا الارتفاع، لذا من الأفضل أن نستورد السلع والبضائع في الوقت الراهن من دول، مثل اليابان وماليزيا ودول الشرق، حيث إن الدولار القوي ويرتبط بقوته الدرهم».

وتابع بالقول: «قبل الحرب الأوكرانية الروسية، بلغ صرف سعر الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني بين 90-95 ين، ولكن بعد الحرب وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 140 ين ياباني، ما يجعل أسعار السلع جذابة ومناسبة للغاية مقابل الدولار والدرهم، ولكن سيكون الوضع مختلفاً بالنسبة للدول الغربية».

وذكر ان التضخم أصبح استيرادياً ويأتي من الخارج، موضحاً أن دولة الإمارات غير مضطرة كثيراً، مثل دول أخرى، للجوء إلى اتخاذ سياسات نقدية للحد من التضخم.

وأوضح أن المستثمر في مجال الأسهم والأوراق المالية سيجد جدوى أكثر في وضع أمواله بالبنوك على شكل ودائع، والاستفادة من فائدة 3.25 بدلاً من استثمارها في أسواق المال، مشيراً إلى أن حركة الأموال والسيولة تتحرك من سوق الأوراق المالية لتتجه إلى البنوك والمصرف المركزي وشراء شهادات إيداع، ما سيحدث ارتفاعاً كبيراً في الودائع المصرفية، ما يؤثر في السيولة، لكونه يسحبها من السوق.

وتدارك بالقول: «في حال ارتفاع الودائع البنكية، لن نسجل ارتفاعاً في عمليات الإقراض، لأن كلفة القروض الآن أصبحت أكثر كلفة، ما سيدفع أصحاب المشاريع للتفكير اكثر من مرة في جدوى الاقتراض، لأن كلفة القرض تمثل عنصر كلفة على المشاريع، سواء القائمة أو الجديدة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/257897te

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"