عادي
ممثلون من أصول عربية في أدوار شرق أوسطية

«بلاك آدم».. الخار ق «الشر ير الصالح»

22:00 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

خلقت شركات الإنتاج العالمية الضخمة عائلات، وليس شخصيات خارقة، فالتنافس بين «مارفل» و«دي سي» على استعراض البطولات والعضلات في سينما الخيال جعلهما يواصلان تقديم قصص خيالية لا تتكئ على الشخصيات المولودة منذ عشرات السنين من رحمهما، بل تتفرع بأحداثها لتتسع الدائرة ويصبح لدى كل منهما عائلات من الأبطال الخارقين.، ليسوا كلهم أخياراً، بل منهم الأشرار أيضاً، مثل «بلاك آدم» المنتمي لعائلة، أو أفلام «شزام»، وقدمته حديثاً «دي سي كوميكس» ليحقق نجاحاً مميزاً في الصالات العالمية، ويعتبر أحد أفضل ما عرض من نوعية أفلام المغامرت والفنتازيا والأكشن نفسها.

مثل أغلبية شخصيات الأبطال الخارقين، ولد بلاك آدم (وله اسمان آخران: تيث آدم وثيو آدم) من كرتون في الكتب المصورة الأمريكية التي نشرتها «دي سي كوميكس»، وتحديداً في العدد الأول من كتاب «عائلة مارفل» في ديسمبر/ كانون الأول 1945.

وقتها كان «بلاك آدم» بطلاً شريراً والعدو اللدود للكابتن مارفل، الذي تغير اسمه لاحقاً بسبب تشابه الأسماء مع «شركة مارفل» المنافسة، فأصبح «شزام» وصار لشزام عائلة وشخصيات وأحداث ترتبط به، وتصنع من أجل استمراريته.

عودة إلى الأصول

رسم شخصية «بلاك آدم» في ذلك الوقت أوتو بيندر، وسي سي بيك، باعتباره من المصريين القدماء، يستغل قوته لقتل الناس وفعل الشر، لذا انطلقت أحداث الفيلم الجديد «بلاك آدم» والذي كتبه سهراب نوشيرفاني وروري هينز وآدم سزتيكيل وأخرجه جاومي كوليت سيرا، بالعودة إلى أصول شخصية بطل القصة، من أين أتى؟ وكيف؟ ولماذا أصبح شريراً؟ وهو أمر متوقع، إذ ليس من المنطقي أن يكون البطل الأول والرئيسي والخارق للفيلم شريراً بالمطلق، من دون أن تتكشف بذور الخير فيه وتخرج إلى النور في أي لحظة، خصوصاً أن من يؤدي دور آدم هو النجم المحبوب دواين جونسون.

بلاك آدم في الأصل هو الشرير الخارق والسلف المصري القديم للكابتن مارفل، وقد شق طريقه إلى العصر الحديث لتحدي كل من ينتمي لعائلة شزام. يبدأ المخرج سيرا فيلمه بسرد عن أصل الحكاية ومن أين بدأت، فيعود بنا إلى ما قبل روما، وقبل بابل، وقبل الأهرام، حيث كان هناك قوم «كانداك» أول من حكموا الأرض قبل الميلاد، وحكموا بالقوة والعلم، حتى جاء الملك «آتون» ليستغل الجيش من أجل إحكام سيطرته واستعباد الناس وتشغيلهم بالسخرة وحفر الجبال والصخور بحثاً عن حجر أترنيوم. هذا الملك شرب قوى الشياطين الستة التي كانت موجودة في العالم القديم، وصنع لنفسه تاجاً أطلق عليه «ساباك»، وهو الذي يمكنه من السيطرة على العالم والتحكم فيه. في هذه الأثناء رفض طفل اسمه هاروت (جالون كريستيان) جبروت الملك والظلم الذي يلحقه بالشعب، فقاد ما يشبه الثورة داعياً إلى الحرية ورافعاً شعار المثلث فمشى خلفه العمال، لكن كان مصيره القتل، ومن ثم نكتشف أن هاروت هو ابن تيث آدم، وسنكتشف كيف تحول هذا الرجل الذي كان عاملاً من عامة الشعب إلى رجل خارق تصدى للملك في معركة دمرت القصر، ولم يعد أحد يذكر هذا البطل تيث آدم.

القوة والغضب

المخرج جاومي كوليت سيرا ينقلنا إلى العصر الحديث، حيث امرأة تدعى أدريانا (سارة شاهي) تبحث عن تاج ساباك كي تحرر مدينتها كانداك وشعبها من المحتلين وظلمهم، تقصد أحد الجبال مع شركائها إسماعيل (مروان كنزاري) وسمير (جيمس كوساتي موير) وشقيقها كريم (محمد عامر)، وبعد جهد ومغامرات وقتال تحصل على التاج، إنما بعد استنجادها بتيث آدم الذي عاد إلى الحياة بعد غياب 5000 عام، وبمجرد ذكرها لكلمة «شزام». آدم الذي نحسبه بطلاً يساعد الناس، نكتشف أنه شرير لأنه ولد من الغضب، منحه السحرة في ذلك الوقت قوة كي يتصدى للملك، ويدافع عن الحق، لكن الغضب سكن قلبه بسبب مقتل ابنه الوحيد وزوجته، فتحول إلى كتلة من الغضب تدافع عن الحق لكنها في سبيل ذلك لا تتوانى عن قتل أي إنسان يعترض طريقها.

أدريانا أطلقت اسم آمون على ابنها الوحيد، وهي عالمة تعرف الكثير عن حكايات زمان وعن «البطل المنتظر» الذي سيأتي لإنقاذ شعبها ومدينتها من القوى التي تستعبدهم، وقد صنعت المدينة تمثالاً للبطل تيث آدم لاعتقادهم أنه الوحيد القادر على مواجهة قوى الظلام والشر، لكن آدم العائد بعد 5000 عام يجهل الكثير عن العالم الجديد، وفي تعاملاته وتصرفاته من الكوميديا التي تعيد إلى دواين جونسون خفة دمه المعهودة. هذا النجم يقدم دوراً جميلاً وأداء منح شخصية بلاك آدم (أو تيث آدم) الروح والملامح المناسبة لتركيبتها المعقدة، وهي الشريرة بحكم الظروف والقهر، قوية البنيان الخارقة بحكم مفعول السحر والسحرة، والحاملة في قرارة نفسها بذور الطيبة والمستعدة للنهوض من جديد من أجل إصلاح نفسها أولاً، وتحريرها من الحقد والغضب ثم تحرير الناس من الظلم والاستعباد.

طبعاً لا يمكن لأبطال «دي سي كوميكس» العمل وحدهم من دون مساعدة شخصيات أخرى معروفة لدى المجموعة، من هنا ظهرت «جماعة العدل» الساعية إلى نشر الاستقرار في كانداك، ومنع بلاك آدم من إيذاء وقتل الناس. المجموعة تضم (لاحظ أن لكل شخصية اسمين، واحداً يعيش به بين الناس والثاني اسم حركي يطلق عليه عند إتمام المهام السرية الخارقة)، دكتور فيت، وهو نفسه كنت نيلسون (بيرس بروسنان)، وهوكمان أو كارتر هول (ألديس هودج)، وأتوم سماشر، أو آل روزشتاين (نواه سانتينيو)، وسيكلون أو ماكسين هانكل (كوينتيسا سويندل). حضور المجموعة يزيد العمل ثراء من حيث الأكشن والمواقف الكوميدية والحركة والتعاطف مع الشخصيات، خصوصاً شخصية الدكتور فيت التي ترمز إلى الحكمة ورؤية المستقبل، والتي تتحول لاحقاً إلى رمز للوفاء والفداء وهي تليق كثيراً بالنجم بيرس بروسنان.

ألديس هودج تألق أيضاً بدور هوكمان، ولا شك في أننا سنراه في أفلام تكمل مسيرة بلاك آدم وهوكمان ومجموعة العدل هذه. وفي المقابل، تألق الأشرار أيضاً، لاسيما الممثل الأمريكي التونسي الأصل مروان كنزاري، بشخصية إسماعيل الذي نكتشف لاحقاً أنه من سلالة الملك أتون واسمه «آخ أتون»، وقد جاء ليسترد التاج والمملكة ويعيد سيطرته على المدينة أولاً، والعالم ثانياً.. الشاب بودي سابونجي مميز بدور المراهق أمون ابن أدريانا، والذي سيقود الحملة الجديدة من أجل تحرير شعب كانداك.

إبداع التقنيات

يتميز «بلاك آدم» بأنه استعان بممثلين من أصول عربية لأداء أدوار شرق أوسطية، كما أن ملامح دواين جونسون تليق بالشخصية المصرية القديمة؛ كما يتميز الفيلم عن باقي أو غالبية أفلام البطولات الخارقة سواء من مارفل إم دي سي، بأنه لا يبالغ بقدر ما يعتمد على الإبداع في استخدام التقنيات، لا يربك الجمهور ولا يكثر من تداخل الشخصيات والحوارات التي لا لزوم لها، يدفعك للبحث عن الجمال في روح البطل الشرير، يجعلك تتوقع المفاجآت طوال الوقت ويفاجئك بالفعل بأحداث ومواقف لا تتوقعها، يكثر المخرج من «السلو موشن» أي الحركة البطيئة في المواقف المناسبة، ورغم امتداد الفيلم لنحو الساعتين وأربع دقائق إلا أنك لا تشعر بالملل أبداً، كما نجح المؤلفون في تقديم البطل الأول خارقاً وضحية وعنيفاً في آن واحد، كما لا يبدو هذا البطل هو الأفضل والأمثل طوال الوقت، ويعطي الجمهور مثالاً جيداً عن إصلاح الذات وكأنها ولادة جديدة للإنسان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5bzh6ej9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"