أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» ومجموعة شركاتها، أن العالم بحاجة إلى مزيدٍ من الطاقة بأقل انبعاثات لضمان أمن إمداداتها واستدامتها، مشيراً إلى توجيهات القيادة الرشيدة باستمرار تعزيز مكانة دولة الإمارات مزوداً مسؤولاً وموثوقاً للطاقة. جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها في النسخة الثامنة والثلاثين من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك 2022»، والذي يعقد تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
وأشار في كلمته إلى لقاء جمعه مع صاحب السمو رئيس الدولة، حول انطلاقة «أديبك» ورؤية سموه بشأن التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة، حيث كان سموه متفائلاً وله رؤية واثقة.. فقال: «لا يمكننا تجاهل الحقائق، بل يجب أن نواجهها بثبات، وأن نتعامل معها بذهنيةٍ إيجابية، ونعمل لإيجاد حلول مناسبة بالتعاون مع شركاء يتبنّون الرؤى والأفكار والتوجهات نفسها». وأضاف سموه: «تذكر أن الإيجابية والرؤى البناءة والسعي الدائم إلى تحقيق التقدم هي في صُلْبِ نهجنا وجوهره».
وأوضح الجابر أن «أديبك» ينعقد في ظل ظروفٍ معقدة يواجهها العالم، حيث لا تزال سلاسل التوريد العالمية هشة، وأصبحت الأوضاع الجيوسياسية أكثر تعقيداً وتشتتاً واستقطاباً من أي وقت مضى، ويستمر التضخم في الارتفاع، كما أن أسعار الفائدة تزيد تكلفة الاقتراض والاستثمار، مما أدى إلى أن يصبح الاقتصاد العالمي في وضع حرج.
ونوه بالتساؤلات التي يطرحها البعض حول إمكانية حدوث ركود اقتصادي.. معرباً عن قناعته بأنه لا يمكن لأحد إعطاء إجابة واثقة فيها تنبؤات مستقبلية حول هذا الموضوع.
- التضخم مستمر في الارتفاع وأسعار الفائدة تزيد تكلفة الاقتراض والاستثمار
- لدينا قناعة أنّ قطاع الطاقة بإمكانه أن يتّحد في ظل عالمٍ منقسمٍ لإيجاد الحلول المنشودة
- لا نستطيع الاختيار بين النفط أو الطاقة الشمسية أو الرياح أو النووية أو الهيدروجين
وبعد استعراض ملامح المشهد الاقتصادي في العالم.. أشار إلى أن الطاقة هي أولوية قصوى للجميع حالياً، وأن مشهد الطاقة العالمي يمر في هذا الوقت باضطرابات غير مسبوقة.
وقال إن العالم أصبح مدركاً لحقيقة أن تراجع الاستثمارات طويلة الأجل في النفط والغاز قد زاد من التحديات في قطاع الطاقة.. وأن البيانات والأرقام واضحة، فإذا أوقفنا الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية، سنخسر 5 ملايين برميل نفط يومياً من الإمدادات الحالية، نظراً للانخفاض الطبيعي في الطاقة الإنتاجية.. وهذا يجعل من الصدمات التي شهدها قطاع الطاقة هذا العام بسيطة جداً بالمقارنة مع ما سيحصل في حال وقف الاستثمار في النفط والغاز. وإذا كان هناك درس مستفاد من هذا العام، فهو أن أمن الطاقة يمثل ركيزة أساسية للتقدم في شتى المجالات، الاقتصادية، والاجتماعية، وكذلك في العمل المناخي.
وأكد أن الحلول التي نحتاج إليها تتيح فرصاً كبيرة للجميع، موضحاً أن عدد سكان العالم سيصل إلى 9.7 مليار شخص بحلول عام 2050، ولتلبية احتياجاتهم، يجب إنتاج طاقة تزيد بنسبة 30% عما ينتجه العالم اليوم. ومع تحقيق هذا الهدف، نكون قد أسهمنا في توفير الكهرباء لما يقرب من 800 مليون شخص لا يمكنهم الاستفادة منها حالياً. وسنسهم كذلك في تحسين حياة 2.6 مليار شخص لا يمكنهم حالياً الحصول على وقود نظيف للطهي والتدفئة.
وأضاف الجابر أن العالم بحاجة إلى كل الحلول المتاحة لتأمين احتياجاته من الطاقة، ولا نستطيع الاختيار بين النفط والغاز أو الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، أو الطاقة النووية، أو الهيدروجين، فنحن بحاجة إليها جميعاً إضافة إلى الطاقات النظيفة التي سيتم اكتشافها وتطبيقها بعد ضمان جدواها الاقتصادية... الحل هو الجمع بين كل المصادر وليس الاختيار بينها.
وقال إن العالم يحتاج إلى مزيد من الطاقة بأقل انبعاثات، وكانت قيادتنا الرشيدة سبّاقةً في التوجيه بتبنّي الطاقة المتجددة قبل ما يزيد على 16 عاماً مع إطلاق «مصدر» حيث كانت دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تقوم بتشغيل محطة للطاقة النووية السلمية، وهذا هو ما يدفع ’أدنوك‘ إلى العمل على خفض الانبعاثات في مصادر الطاقة الحالية، وإلى الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة المستقبلية.
واستشهد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر بعدة أمثلة على خطوات الحد من الانبعاثات في عملياتها.. حيث قال: «قمنا في ’أدنوك‘ بربط شبكة كهرباء منشآتنا البرية بمصادر كهرباء تم توليدها باستخدام الطاقة النووية والشمسية النظيفة والخالية من الانبعاثات، ونعمل كذلك على تشغيل منشآتنا البحرية باستخدام الكهرباء النظيفة لخفض بصمتها الكربونية بما يعادل النصف، كما أننا نضاعف جهودنا للحد من انبعاثات الميثان، على الرغم من أنها تعد حالياً ضمن الأقل عالمياً».
- إذا أوقفنا الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية فالأسواق تفقد 5 ملايين برميل نفط يومياً
- أمن الطاقة ركيزة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي.. وهناك اضطرابات غير مسبوقة عالمياً
- بتوجيهات القيادة الإمارات سبّاقة إلى تبني الطاقة المتجددة منذ ما يزيد على 16 عاماً
وأوضح أنه فيما نمضي نحو المستقبل، ستكون التكنولوجيا أحد أهم عوامل تمكين قطاع الطاقة. لدينا، على سبيل المثال، تقنية التقاط الكربون وتخزينه التي بإمكاننا تطبيقها على نطاق واسع، ليس فقط في قطاع الطاقة، إنما في كافة القطاعات. وهناك أيضاً الهيدروجين، حيث جرى منذ أيام قليلة تسليم أول شحنة من الأمونيا منخفضة الانبعاثات من إنتاج دولة الإمارات إلى هامبورغ في ألمانيا..وكانت تلك اللحظة تاريخية، لأنها تمثل اللبنة الأولى في بناء سلسلة قيمة الهيدروجين، وفرصة مهمة جديدة في قطاع الطاقة.
وأضاف: أنه مع انعقاد الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP27» الأسبوع القادم، في جمهورية مصر العربية ومع استعداد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر COP28 - مؤتمر الإمارات للمناخ - العام القادم، علينا تركيز جهودنا وتوجيهها نحو مسار جديد وجريء وواقعي يعود بالنفع على كل من البشرية، والمناخ، والاقتصاد.
وقال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر في ختام كلمته:نحن بحاجة إلى خفض الانبعاثات وليس وقف معدلات النمو والتقدم، فالعالم يبحث عن حلول للتحديات، ولدينا قناعة راسخة بأنّ قطاع الطاقة بإمكانه أن يتحد في ظل عالمٍ منقسمٍ لإيجاد الحلول المنشودة، لأن من يصنع المستقبل هو من يأخذ بزمام المبادرة ويقوم بالخطوة الأولى. وأقدم دعوة مفتوحة إلى كافة شركائنا وأصدقائنا لنقوم بهذه الخطوة معاً، والمبادرة نحو صياغة ملامح المستقبل لأن تضافر جهودنا سيقودنا إلى النجاح.