عادي

إسماعيل عبد الله... الكتابة المسرحية مسؤولية

19:53 مساء
قراءة 4 دقائق
إسماعيل عبدالله

-وصفه عبد الله صالح بشاعر الحوارات الملحمية

الشارقة: علاء الدين محمود

«شاعر الحوارات الملحمية»، ذلك هو الوصف الذي أطلقه المسرحي الإماراتي عبد الله صالح، على الكاتب في مجال النصوص المسرحية إسماعيل عبد الله، وذلك الوصف يحمل الكثير من الدلالات أهمها النجاح في كتابة نصوص مختلفة ومتعطرة برحيق اللغة الشعرية وصناعة الصور والمشهديات، الأمر الذي جعل من الرجل واحداً من أهم الوجوه المسرحية، ليشكل حضوره قيمة خاصة في الساحة الإماراتية، وكذلك العربية، ظلت تعاني منذ فترات طويلة، وبصورة أساسية شح وندرة النصوص المسرحية، الشيء الذي جعلها تلجأ إلى الكتابات الغربية، أو أن تجتر نصوصاً قدمت من قبل، ولعل ذلك الأمر وغيره، رسخ من حضور إسماعيل صاحب التجربة اللافتة في عالم المسرح ممثلاً ومخرجاً وكاتباً، تلك المسيرة التي عززها بقيادته لدفة الهيئة العربية للمسرح.

بداية رحلة إسماعيل مع الإبداع المسرحي كانت في خورفكان، حيث ولد فيها عام 1963، والتي هاجر منها مع أسرته طلباً للرزق إلى الكويت ملتحقاً بمدارسها الابتدائية، قبل أن يعود إليها مرة أخرى، لكن بداياته مع فن الكتابة يعود الفضل فيها إلى جده الذي علمه اختزال الرسائل، والحقيقة أن هنالك عدد من أفراد الأسرة والعائلة الذين وقفوا إلى جانب إسماعيل في مسيرته الإبداعية، فهنالك شقيقه محمد الذي أسهم هو الآخر في بناء شخصيته المسرحية، ويقول إسماعيل عن الدعم الذي وجده من أخيه: «كان شقيقي محمد هو من يوجهني ويشجعني على المسرح منذ (الفريج) في خورفكان، وكان مثقفاً وعصامياً وجريئاً وكان قائدنا الفعلي في مسرح خورفكان، وهو الذي كان يصر دائماً على فصل المسرح عن أي نشاط آخر».

وكانت الكويت هي المحطة الأولى في رحلة إسماعيل، وهي التي يصفها ب«مدينة النور»، والتي بدأ فيها أولى خطواته من خلال المسرح المدرسي، وهي المرحلة التي يتحدث عنها بالقول: «بدأت علاقتي بالمسرح وأنا طفل بالمرحلة الابتدائية؛ كنت شقياً في المدرسة بشكل غير عادي، وكان لدينا مدرس لديه بُعد نظر، ولديه القدرة على اكتشاف الأساليب الأنجح في إعادة بناء الشخصية لدى الطلاب، وكان يتعامل معنا كأب، وذلك المدرس وجد أن أفضل علاج لحالة مثلي هو المسرح، وجعلني أمثل في مسرحية وأقوم بدور شيطان، كي يعرفني إلى أي مدى هذه الشخصية مكروهة بشكل غير مباشر، كي يهذب من سلوكي».

واصل إسماعيل بداياته المسرحية في خورفكان التي شهدت نشأة الجمعيات الشعبية والفرق المسرحية، وخلال دراسته في «جامعة الإمارات»، بدأت العلاقة الفعلية لإسماعيل مع المسرح، حيث الجمعيات والفرق المسرحية، فكان أن بدأ في تلمس ذلك العالم بصورة أكثر عملية ليلمع اسمه في مجال التمثيل ثم الإخراج.

*التأليف

على الرغم من تجربة إسماعيل في مجالات التمثيل والإخراج وعدد من الفنون الأخرى، إلا أنه اختار الكتابة المسرحية والتأليف وهو المجال الذي برع فيه، ولمع اسمه من خلال العديد من النصوص التي قدمها، والتي أكدت على بصمته الخاصة في تكوين المشاهد والصور ورسم الشخصيات والحبكة الدرامية، إضافة إلى اللغة والأسلوب الشعري المميز، وتلك هي النقطة الجوهرية التي جعلت إسماعيل كاتباً متميزاً فكان أن لقيت نصوصه الإقبال الكبير من المخرجين الإماراتيين والعرب، ولعل ذلك ما جعل عبد الله صالح يسترسل في الإشادة بتلك النصوص عندما قال: «أعماله دوماً لا تكرر السائد، من أجل نبش المسكوت عنه، فهو رجل المراحل المسرحية، ودينامو نشاط لا ينفد، وبمنتهى الحيادية، يستحق الرجل أن يكون أحد رموز المسرح الإماراتي».

وإلى جانب صالح فإن هنالك الكثير من النقاد والمسرحيين الإماراتيين والعرب الذين تناولوا أعمال إسماعيل باعتباره إضافة مميزة في الكتابة المسرحية في الإمارات والخليج والعالم العربي، وفي هذا الصدد يقول الفنان حبيب غلوم عن تجربة إسماعيل: «يعود لإسماعيل عبدالله جزء كبير من الفضل في تميز الحركة المسرحية في الإمارات، إذ خط لنفسه درباً رصيناً من الكتابة الإبداعية، وناضل بعزم وإيمان راسخ بمسؤولياته الأدبية والفنية والإدارية، فقاد بكل اقتدار دفة جمعية المسرحيين من جهة، ومسؤولية الهيئة العربية للمسرح من جهة أخرى، ليجعلها في مصاف الهيئات الفنية الفاعلة والمتميزة»، ولعل تلك القدرة لإسماعيل في الكتابة المسرحية، هي ما جعلت الكثير من المخرجين في تحد أمام تحويلها إلى عروض مسرحية، خاصة أن تلك النصوص تحتوي على الصور والمشاهد والحوارات التي هي سمات أساسية في العرض المسرحي الناجح، وظل إسماعيل يؤكد على أهمية حضور الموقف والقضية في النص المسرحي، وذلك ما دفعه للقول: «الكتابة للمسرح موقف ورسالة في اتجاه معين، لذلك تبرز الخلافات دائماً مع المخرج الذي يحاول أن يمس فكر المؤلف».

ودائماً ما يشير إسماعيل إلى صعوبة الكتابة المسرحية فهي، بالنسبة إليه، من أصعب صنوف الإبداع المرئي لكنها بالمقابل ليست مستحيلة، إذ إن من أهم شروطها القدرة على التقاط الفكرة والمخيلة التي لا تنمو إلا بالقراءة المنهجية والمشاهدة معاً، إلى جانب القدرة على قراءة الواقع المعاش، والرغبة في الاستماع إلى الآخرين، ويرى إسماعيل أن من الضروري أن يتحلى الكاتب بالثقة بالنفس لكتابة نص مسرحي بعيداً عن الغرور والاستسهال، فكما هي الأفكار ملقاة على الطرقات على حد تعبير الجاحظ، فإن الكتابة إبداع والمخيلة مفتاح المبدع وحصانه إذا توفرت يستطيع أن يصنع من دليل الهاتف مسرحية كما قال الفنان المسرحي المغربي الراحل الطيب الصديقي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3vts68

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"