خيارات قمة المناخ بين الحل والكارثة

00:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

أصبحنا على بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر شرم الشيخ للمناخ [كوب – 27]، والذي يعقد في أجواء بالغة الصعوبة، منها الضغوطات الاقتصادية كإحدى تداعيات حرب أوكرانيا، وتظل الحقيقة التي لا تخفى على أحد أنه لا بديل أمام دول العالم، سوى الوفاء بالتزامات سبق أن تعهدت بها، منها تخصيص مائة مليار دولار سنوياً لميزانية دعم العمل المناخي في البلدان النامية وإلا فإن البديل هو ما لخصته دراسة لجامعة واشنطن بقولها «إن القادم هو الأسوأ».
 حتى إننا أصبحنا أمام توقعات بحالة فوضى مناخية وهو التعبير الذي نطق به أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يعتبر مكملاً للوصف الذي يتردد بقوة وعلى نطاق واسع وهو العدالة المناخية، من أجل إزاحة الظلم المناخي الذي تسببت فيه دول تتحمل المسؤولية الأكبر عن التغييرات المناخية، التي تتابع كوارثها، بما يشير إلى بلوغها مستقبلاً وضعاً أشد ترويعاً.
 وكانت قوى كبرى قد تعهدت في السنوات الماضية بتقديم الدعم لهذه الإجراءات، لكن تعهداتها لم تنتقل إلى حيز التنفيذ. وهو ما يعلق أملاً على تنفيذ تعهداتها، على مؤتمر شرم الشيخ الذي ينتظر أن يشارك فيه 100 رئيس دولة، وعشرات الألوف من الشخصيات المدعوة للحضور، ومن طاقم الأمم المتحدة بكامله.
 راحت جهات دولية عديدة ترسم صورة سوداوية للعالم بكامله ودون استثناء إذا لم تحل هذه المرة أزمة تغير المناخ، منها مثلاً دراسة نشرتها صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية والتي قالت إن الحرائق، والفيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، أصابت جميعها علماء المناخ بصدمة لم يحسبوا حسابها، فالتغييرات تتلاحق بسرعة تفوق جميع التوقعات.
 وضمن الكوارث المتوقعة تزايد ظاهرة شح المياه وتأثيراتها السلبية والضارة في الإنسان والحيوان، وتضاعف قوة العواصف بما يعادل أربع مرات.
 وتسجل الحقائق مسؤولية عشرين دولة فقط عن حوالي 80% من أسباب تغير المناخ، وهو ما يقتضي تحمل هذه الدول العبء الأكبر من الإسهام في علاج تلك الظاهرة، وبعد أن صار تغير المناخ يمثل تهديداً وجودياً للكثير من الدول على مستوى العالم. خاصة أن دول الجنوب الفقيرة هي الأكثر معاناة من هذا التغير المناخي، والتي حصدت دول الشمال الصناعية نتائج سياساتها بتضخم ثرواتها.
 إن مؤتمر شرم الشيخ ينعقد بعد عام واحد من مؤتمر جلاسكو في بريطانيا والذي شاركت فيه 200 دولة، لمراجعة ما تحقق من تقدم، وما حدث من فشل في تحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2015 للتصدي لأزمة المناخ، وحيث كانت دول ومؤسسات دولية قد تعهدت في مؤتمر جلاسجو باتخاذ تدابير عملية للحد من أزمة المناخ.
 ثم يأتي الآن عام 2022، ولم يحدث تطور كبير على أرض الواقع لحل أزمة التغييرات المناخية، وخفض الانبعاثات الحرارية. من ثم قد ألقي على المجتمعين في المؤتمر المسمى بمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب – 27) في شرم الشيخ، عبء إيجاد مخرج من تلك المشكلة الكارثية، وإيجاد حل لعلاج آثارها المدمرة، ولن يتأتى ذلك إلا بالعمل الجماعي، وبتنفيذ جميع الدول تعهداتها التي سبق أن التزمت بها.
 إن الأطراف من الدول الصناعية الكبرى، والتي شاركت في مؤتمر جلاسكو 2021، والتي وقعت ضمن 200 دولة حاضرة في المؤتمر، على ما سمي ميثاق جلاسكو للمناخ، لم تف بما تعهدت به، وهذا الموقف لا يلقى قبولاً بين دول العالم جميعها، وخاصة الدول النامية. وهو ما يجعل الأبصار مركزة على مؤتمر شرم الشيخ، لإيجاد صيغة ملزمة لكي تنفذ الأطراف التعهدات التي سبق أن تعهدت بها.
 إن دول العالم بما فيها القوى الصناعية الكبرى– وهي دول غنية– لن تفلت من كوارث تغير المناخ، والتي بدأت تضرب بقوة مساحات من أراضيها وبحارها، في شكل حرائق، وفيضانات، وهو ما يفرض على المجتمعين في قمة (كوب – 27)، التوافق على صيغة متفق عليها من جميع الأطراف، للتصدي لتلك الأزمة، ودون أي تأجيل لتنفيذ الالتزامات الدولية للتعامل معها.
 وحتى لا تكون الدول النامية هي المتضررة من التقاعس عن التعجيل بإيقاف الكوارث البيئية، فإن أجراس الإنذار من الخطر المخيم على العالم تتوالى من لدن المختصين بالمناخ والبيئة في دول الغرب الصناعية ذاتها.
 فهل يمكن أن تنصت القوى الصناعية التي لم تلتزم سابقاً بتعهداتها تجاه أزمة المناخ، لأصوات علماء من مواطنيها ومن داخل بلادها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3a2rd25a

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"