عادي

المسح على «الدّلاغ» (2-2)

23:13 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

في المقال الماضي تحدثنا عن الظاهرة المنتشرة في هذه الأيام، وهي أن كثيراً من الناس لاسيما الذين يدعون اتباع مذهب السلف الصالح، عندما يدخلون المراكز التجارية أو إذا خرجوا من بيوتهم عموماً، كلما حان موعد الصلاة توضأوا بغسل اليدين والوجه واليدين إلى المرفقين ثم المسح على الرأس.

وبدلاً من أن يغسلوا القدمين إلى الكعبين، مسحوا على الدّلاغ (الجورب) وادعوا أن ذلك جائز للمشقة، وقد بيّنا في المقال السابق أن المذاهب الأربعة المعتمدة لم تجزْ المسح على الجوربين إلا بشروط.

وتلك الشروط لا تتوافر في الدّلاغ الموجود في زماننا، سواء سميناه «دلاغاً» أو «شراباً» أو غير ذلك، ففي الزمن الذي شرع فيه المسح على الخفين كان الجورب، والجورب عند الجمهور ما كان مصنوعاً من الجلد، ويلبس داخل النعل.

وإذا مشى من غير نعل استطاع المشي عليه، ولا يكون شفافاً؛ بحيث يسرب الماء إلى الداخل، وقلنا إن الإمام أحمد لم يشترط أن يكون جلداً لكنه اشترط أن يكون صفيقاً يتحمل المشي عليه من غير نعل، وهذا غير متوافر في الدّلاغ.

ثم إن المسح على الخفين ثبت بالحديث، وقد روي عن أكثر من ثمانين صحابياً منهم العشرة المبشرون بالجنة، ومنهم علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، الذي قال قولته المشهورة «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه» رواه أبو داوود.

والحكمة من المسح على الخفين رفع المشقة، وخاصة في أوقات البرد وفي السفر، ولا شك أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لو كان حياً في زماننا لما توسع في التخفيف على الناس، لأن الضرورة تقدر بقدرها، فلا مشقة كمشقة أيامه، عليه الصلاة والسلام، ففي كل خمسة كيلومترات مسجد مجهز بالماء، وفي كل مركز تجاري عدد من الحمامات والمساجد والسيارات تحت تصرفنا.

ومع ذلك نقول لا بأس أن نأخذ بالرخصة طالما أن الشرع شرع لنا المسح، لكن ينبغي أن نأخذ بالرخصة في حدود ما رخصه الشرع، وهو ما بينها الفقهاء الأربعة، رحمهم الله، في كتبهم.

ويبقى بعد ذلك أن نعرف أن الفقهاء بينوا في كتبهم مدة المسح على الخفين، في الحضر والسفر، وشروط المسح على الخفين. فالجمهور على أن مدة المسح على الخفين يوم وليلة في الحضر، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر.

أما المالكية فقالوا إن المسح على الخفين جائز في الحضر والسفر من غير توقيت بزمن، فيجوز أن يستمر في المسح، ولا ينزعهما إلا إذا وجب عليه الغسل فمتى نزعمها وجب عليه غسل الرجلين، انظر «الشرح الصغير» ج1 ص 152 - 153 - 158.

ودليلهم حديث أبي عمارة قال: «قلت يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال نعم، قلت يوماً، قال يوماً، قلت يومين، قال يومين، قلت وثلاثة، قال وما شئت»، رواه أبو داوود والدارقطني، لكن ضعفه ابن حجر.

وجمهور الفقهاء على أنه متى لبس الشخص الخفين لم ينزعهما للحدث الأصغر؛ بل الأكبر فقط، ومتى نزعمها وجب غسل الرجلين، وقالوا أيضاً إن من أحدث حدثاً أصغر توضأ ومسح على خفيه من جديد لكن بشروط.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/394xhybv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"