عادي
أبرز اتجاهات البناء المستدام في 2022 وما بعده

الإمارات الأولى في المنطقة لتحقيق هدف «صفر» انبعاثات 2050

21:40 مساء
قراءة 8 دقائق
مصدر... مساهم فاعل في مسيرة إنجازات الدولة بقطاع الطاقة النظيفة. 8
المدينة المستدامة في دبي

دبي: ملحم الزبيدي
تعمل طرق المعيشة المستدامة على تحسين جودة حياتنا، وحماية نظامنا البيئي، والحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال القادمة. ومن هذا المنطلق أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة 2050 Net-Zero الاستراتيجية، وهي حملة وطنية لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، ما يجعلها الدولة الأولى في المنطقة في هذا التوجه. وذكر تقرير صادر عن المجلس العالمي للأبنية الخضراء (WorldGBC) أنه لا يوجد حاليًا سوى 500 مبنى تجاري و2000 منزل حققت صافي صفر انبعاث كربون في جميع أنحاء العالم. ويصل الإنفاق على الأنشطة المتعلقة بالبناء إلى أكثر من 10 تريليونات دولار على مستوى العالم سنويًا، ومن المتوقع أن يستمر ذلك في النمو سنويًا بنسبة 4.2% حتى 2023».

أكد خبراء عاملون في قطاع البناء والتطوير المستدام، أنه من المتوقع أن تتعافى صناعة البناء على مستوى العالم إلى حد كبير من صدمة الجائحة التي تسببت بانخفاض في القطاع بنسبة 2%. ومع ذلك، من المرجح أن تنمو مجدداً بمعدل 3.2% على أساس سنوي العام الجاري.

وأشاروا إلى أن هنالك احتمالية أن تصل القيمة الإجمالية للناتج العالمي للبناء إلى حوالي 14.8 تريليون دولار في عام 2030 بعد أن كانت 11.6 تريليون دولار في عام 2020. ويأتي هذا النمو في أعقاب انخفاض الأرباح الذي كان مدفوعاً بارتفاع تكلفة مواد البناء بما في ذلك النفط الخام والخشب اللين والتي ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 49% و23% على التوالي خلال فترة الجائحة.

جودة الحياة

قال الدكتور أنس باتاو، مدير مركز التميز في البناء الذكي (CESC)، وأستاذ مشارك - الإنشاءات الذكية في جامعة «هيريوت وات – دبي»: «تعمل طرق المعيشة المستدامة على تحسين جودة حياتنا، وحماية نظامنا البيئي، والحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال القادمة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الاستدامة أساسية في تطوير بيئة مبنية شاملة. مع استمرار البناء كعنصر مهم في النمو للاقتصادات العالمية، يحتاج المطورون والمقاولون والحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون إلى تطوير ودمج الحلول التي تجعله صديقًا للبيئة. ذكر تقرير صادر عن المجلس العالمي للأبنية الخضراء (WorldGBC) أنه لا يوجد حاليًا سوى 500 مبنى تجاري و2000 منزل حققوا صافي صفر انبعاث كربون في جميع أنحاء العالم».

1
أنس باتاو

وأضاف باتاو: «أطلقت الإمارات العربية المتحدة مبادرة 2050 Net-Zero الاستراتيجية، وهي حملة وطنية لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، ما يجعلها الدولة الأولى في المنطقة. بينما لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، إلا أن هناك الكثير الذي يمكن للصناعة القيام به بشكل جماعي لتكون على الطريق الصحيح لتحقيق ذلك. علاوة على ذلك، وفقًا للتقارير، يتم إنفاق أكثر من 10 تريليونات دولار على مستوى العالم سنويًا على الأنشطة المتعلقة بالبناء ومن المتوقع أن يستمر ذلك في النمو سنويًا بنسبة 4.2% حتى 2023».

التكنولوجيا المتقدمة

من الواضح أن التكنولوجيا قد فرضت نفسها في العديد من عمليات البناء. يمكن أن يؤدي التأثير المحتمل للتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والنمذجة إلى دفع الصناعة نحو البناء المستدام. على سبيل المثال، يمكن لإنترنت الأشياء جمع معلومات محددة حول المواد أو المعدات أو جزء من المبنى وتوفير بيانات حية تتعلق بالاستدامة يمكن تسخيرها عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي والنمذجة لتقييم السيناريوهات وتصورها والمقارنة واتخاذ القرارات و/ أو التنبؤ بالسيناريوهات المحتملة. يتيح استخدام بيانات BIM وأدوات المحاكاة في جميع مراحل المشروع بتقليل أي تعطيلات أثناء عملية الإنشاء وبالتالي تقليل نسبة الإهدار والتكلفة وتعزيز الكفاءة من حيث التشغيل والصيانة المستدامة.

علاوة على ذلك، يكتسب مفهوم «التوأم الرقمي» أهمية متزايدة حيث يشير إلى توحيد البيانات التي تمثل كائنًا ماديًا، في هذه الحالة، موقع بناء أو المبنى نفسه (إما في البناء أو تم بناؤه بالفعل). يمكن أن تساعد تقنية «التوأم الرقمي» أيضاً في تحسين استدامة المباني من خلال تعزيز إنتاجية وكفاءة الأصول وضمان تحقيق المباني لأهداف الاستدامة والكفاءة.

وحدات البناء

ذكر تقرير صادر عن McKinsey أن البناء المعياري يوفر للصناعة فرصة لتحويل العديد من جوانب نشاط البناء بعيدًا عن مواقع البناء التقليدية إلى المصانع ذات الإنتاج خارج الموقع على غرار التصنيع. ومع ذلك، لم تشهد أي تقنية جديدة، أو إنشاءات معيارية أو مسبقة الصنع، تحسينات وترقيات تكنولوجية كبيرة مقترنة بالطلبات المتزايدة وتغيير العقليات ما يجعلها استثمارًا جذابًا للشركات والحكومات.

مواد مبتكرة

هل يمكن أن تكون مواد البناء صديقة للبيئة؟ يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال التساؤل عن بعض المواد المبتكرة الحالية، أحدها يسمى الجرافين. على الرغم من عدم استخدامه بشكل كبير في البناء التجاري، إلا أن الجرافين يمتلك صفات قوية لدعم مواد البناء الخضراء. من الناحية الفنية، إنها طبقة كربون بسمك ذرة واحدة لكنها أقوى 200 مرة من الفولاذ، وشفافة، ومرنة، وعالية التوصيل حراريًا وكهربائيًا. وفقًا للبحث، يمتلك الجرافين القدرة على تغيير البيئة المبنية. على سبيل المثال، قام العلماء بدمج الجرافين في إنتاج الخرسانة التقليدي، وتطوير مادة مركبة. ينتج عن طريقة دمج الجرافين إنتاجية عالية من الخرسانة بدون عيوب ويمكن استخدامها مباشرة في مواقع البناء، ما يتيح إنشاء مبانٍ مستدامة وقوية باستخدام كمية أقل من الخرسانة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن دولة الإمارات تتابع عن كثب تقدمها، وفى عام 2020 من خلال استثمار من مجموعة أبو ظبي للطاقة المتجددة (مصدر)، التي استثمرت بشكل كبير في مركز ابتكار دولي مخصص للجرافين.

التعديل التحديثي الذكي

أحد أكبر مخاوف الاستدامة في صناعة البناء هو ظهور التطورات الجديدة. يعد التعديل التحديثي الذكي للمبنى الحالي أحد أهم المساهمين في البيئة المبنية لمكافحة ذلك. كجزء من التزامها بتحسين البيئة، تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة لجعلها أكثر استدامة. حددت الدولة أهدافًا عالية لإعادة تأهيل المباني، وهو ما ينعكس على استراتيجية الطاقة الإماراتية 2050. علاوة على ذلك، حدد المجلس الأعلى للطاقة في دبي هدفًا يتمثل في خفض الطلب على الطاقة في دبي بنسبة 30% بحلول عام 2030، ويعد تعديل المباني القائمة أمرًا هامًا وجزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية. من أجل التنمية المستدامة، يجب على القطاع الخاص العمل مع الحكومة والشركات شبه الحكومية لضمان اتباع هذه الممارسات. تحتاج المبادرات التي تشجع بيئة مبنية مستدامة إلى توحيد الجهود من جميع الأطراف.

النمو من جديد

أوضح إيمانويل دي سميدت، المدير العام لشركة المكرم للصناعات، أنه من المتوقع أن تتعافى صناعة البناء على مستوى العالم إلى حد كبير من صدمة الجائحة التي تسببت بانخفاض في القطاع بنسبة 2%. ومع ذلك، من المرجح أن تنمو مجدداً بمعدل 3.2% على أساس سنوي العام الجاري.

1
إيمانويل سميدت

وقال: «هنالك احتمالية أن تصل القيمة الإجمالية للناتج العالمي للبناء إلى حوالي 14.8 تريليون دولار في عام 2030 بعد أن كانت 11.6 تريليون دولار في عام 2020. ويأتي هذا النمو في أعقاب انخفاض الأرباح الذي كان مدفوعاً بارتفاع تكلفة مواد البناء بما في ذلك النفط الخام والخشب اللين والتي ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 49% و23% على التوالي خلال فترة الجائحة». ولكن حتى مع تعافي قطاع البناء العالمي تدريجياً مع عودة مئات المشاريع المتوقفة وتوقيع عقود جديدة، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتسريع النمو. وتبرز التكنولوجيا الآن باعتبارها الحل الأمثل لإطلاق العنان للإمكانيات الكاملة لهذه الصناعة وذلك بسبب فعاليتها من حيث التكلفة والعائد المرتفع على الاستثمار.

التقدم التكنولوجي

مع التقدم التكنولوجي المتاح بسهولة للاستخدام، يمكن لقطاع البناء أن يعزز بشكل كبير إنتاجيته خاصة في وقت تحتاج فيه الصناعة إلى بناء أكثر من 13 ألف مبنى يومياً من الآن وحتى عام 2050 وذلك لدعم عدد السكان المتوقع أن يبلغ 7 مليارات شخص حول العالم.

وأشار سميدت إلى أنه في حين أن هذا الإنجاز يبدو مبالغاً فيه، فإن اعتماد نهج قائم على التكنولوجيا يمكن أن يعزز الإنتاجية وبالتالي يساعد القطاع لتحقيق أهدافه المحددة وبتكلفة أقل. لم يكن قطاع البناء متأخراً عن ركب التكنولوجيا، فقد تم استخدام التكنولوجيا في قطاع البناء من خلال توظيف الأجهزة اللوحية في مواقع البناء ومع ذلك يجب توظيفها على نطاق أوسع وبسرعة أكبر بكثير. كل هذا سيكون ممكناً فقط إذا تم تعزيز الإنتاجية من مرحلة التفكير في المشروع والمفاهيم إلى مرحلة البناء المكثف للطاقة وهي استراتيجية تتطلب أن تكون راسخة على التكنولوجيا لتحقيق أفضل النتائج.

ولفت المدير العام لشركة المكرم للصناعات إلى أن هنالك العديد من المجالات التي يمكن أن يكون للتكنولوجيا تأثير هائل في الإنتاجية والتي ستساعد المقاولين على توفير جزء كبير من تكاليفهم وكذلك طمأنة العملاء على التسليم السريع وفي الوقت المناسب، بالإضافة إلى تقديم عمل عالي الجودة. تشمل هذه المجالات الرئيسية ما يلي:

1- البناء المتصل

تستخدم هذه التكنولوجيا مزيجاً من الأجهزة والبرامج والخدمات لتوحيد الأشخاص والعمليات والمراحل. فإذا اعتمد المقاولون هذا المشروع على نطاق واسع فقد يؤدي إلى تحقيق مكاسب في إنتاجية البناء تتراوح بين 14 و15% وخفض التكاليف بنسبة 4 إلى 6%. والحد من انبعاث الكربون من خلال خلق المزيد من الرؤية والشفافية في كيفية إنجاز المشاريع من البداية إلى النهاية وكذلك خفض التكلفة.

2- برنامج إدارة المشاريع

إدارة مشروع البناء هو مجال آخر حاسم يمكن تطويره بشكل كبير باستخدام التكنولوجيا المناسبة. باستخدام منصات إدارة المشاريع يمكن للمتعاقدين تبسيط إدارة مشاريع البناء من خلال التركيز على بضع أشياء مثل السلامة أو الإشراف على الموقع أو الميزانية أو الجمع بينهم.

3- إدارة معلومات البناء

يتزايد اليوم استخدام نماذج إدارة معلومات المباني من قبل قطاع البناء لكيفية تصميمها وبنائها. وهذا ليس كل شيء حيث إنه يتم استخدام هذه التكنولوجيا من أجل تسهيل التنسيق متعدد التخصصات وأيضاً المساعدة في دمج التصاميم ثلاثية الأبعاد والتحليل وتقدير التكاليف وجدولة البناء. ومن خلال نماذج بناء إدارة معلومات البناء أصبح القطاع قادراً على استخدام البيانات الرئيسية لإنشاء نماذج رقمية دقيقة تتم إدارتها في منصة سحابية مفتوحة للتعاون بين الفرق.

4- تحليل البيانات

يعتمد العالم اليوم إلى حد كبير على البيانات ويرجع ذلك إلى احتياجات المستهلكين التي تتطور باستمرار ما يعني أن توقعاتهم تتغير أيضاً. بدون البيانات الصحيحة سيواصل قطاع البناء محاولة اللحاق بالركب بسبب عدم القدرة على مواجهة التحديات القادمة. ولكن مع وجود أدوات لتحليل البيانات سيكون القطاع في وضع أفضل لتحديد المخاطر القادمة والقدرة على تجنبها. كما سيتمكن القطاع من تتبع الأداء بدقة الذي يشمل ربح المشروع والكفاءة.

5- برامج ما قبل البناء

البدء بأساس صحيح من بداية عملية المشروع هو أمر ضروري لنجاحه. تتيح أدوات ما قبل البناء للمتعاقدين العامين العثور بسهولة على الاحتياطات وتأهيلها وأيضاً تسمح لهم بإرسال دعوات عروض الأسعار المخصصة وإدارة الاتصالات. بالنسبة للمتقاعدين التجاريين فمن السهل تتبع الدعوات واتباع الجدول للمواعيد النهائية المهمة.
التأثير الاجتماعي

قال سكوت بوند - المدير المحلي في الإمارات – «بروبرتي فايندر»: «مع فوز دولة الإمارات العربية المتحدة باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب 28، أصبح من المهم الآن تحديداً محافظة المنطقة على التزامها، ودعم الأجندة التي ترسم مستقبلاً اقتصادياً أكثر استدامة».

1
سكوت بوند

وأضاف بوند قائلاً: «يزداد الوعي إزاء حقيقة أن العقارات قد تترك تأثيراً اجتماعياً كبيراً، إما من خلال إعادة تأهيل الأماكن العامة ودور ذلك في تعزيز القيمة إلى العقارات القائمة بشكل غير مباشر، والإسكان ميسور التكلفة والإسكان الاجتماعي ومراكز الرعاية، أو من خلال الاستثمار الذي يركز على البيئة في المباني الجديدة، مثل المباني الخضراء. وينبغي على القطاع العقاري الاستجابة لهذا التحدي عن طريق خلق الفرص من خلال الاستثمار في التأثير الاجتماعي، مثل المساحات المشتركة التي تجمع العديد من المستأجرين، أو تحويل المباني غير المستغلة إلى وجهات نشطة».

واختتم قائلاً: «نرى توجه القطاع نحو البناء المستدام، تماشياً مع التزام دولة الإمارات بالوصول إلى الحياد الكربوني والخطة الحضرية الرئيسية لإمارة دبي 2040، الأمر الذي يضمن للدولة مكانة راسخة كرائدة إقليمية في مكافحة تغير المناخ، وتعزيز المساعي ذات الصلة، ودعم النمو من خلال المجتمعات المستدامة على مدى السنوات الخمسين القادمة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"