عادي

نموذج النمو البريطاني يحتضر.. الإسترليني الضعيف يرفع تكلفة الاستيراد

15:18 مساء
قراءة 3 دقائق
الجنيه الإسترليني
الجنيه الإسترليني
إعداد: خنساء الزبير

ظل سعر صرف الجنيه البريطاني مقابل الدولار الأمريكي في حالة تأرجح في الأشهر الأخيرة؛ وبعد عام من التراجع المستمر انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق دون 1.10 دولار بعد «الميزانية المصغرة» المثيرة للجدل التي انتهجتها حكومة المملكة المتحدة في أواخر سبتمبر.

تعافى الجنيه قليلاً بعد ذلك إلى 1.16 دولار بعد أن قامت بريطانيا بتغيير وزير ماليتها ورئيسة وزرائها ليز تراس الذان يقفان امام الفوضى في أواخر أكتوبر، ثم ما لبث أن عاد وانخفض إلى 1.11 دولار بعد أن خفض بنك إنجلترا توقعات النمو وحذر في بداية نوفمبر من أن البلاد قد بدأت بالفعل ما يمكن أن يكون أطول ركود اقتصادي على الإطلاق.

لقد عصفت الارتفاعات والانخفاضات الأخيرة بتداول الاسترليني مقابل الدولار وجعلته ضمن نطاق لم يشهده منذ عام 1984؛ فحتى في منتصف عام 2007 على حافة الأزمة المالية كان من الممكن الحصول على دولارين مقابل جنيهاً واحداً، وفي أبريل 2015 كان لا يزال يساوي 1.5 دولار، وفي بداية عام 2022 أصبح الجنيه مقابل 1.3 دولار.

وفي هذا العام تراجعت جميع العملات تقريباً مقابل الدولار، ولم يكن انخفاض الجنيه الاسترليني مقابل اليورو حاداً نظراً للتحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي من تباطؤ اقتصادي ومشاكل إمدادات الطاقة.
ولكن اليورو لا يزال أقوى بكثير مما كان عليه مقابل الاسترليني في التسعينيات وفي معظم اشهر عام 2000، وقد تبخرت الأهمية العالمية للجنيه منذ الأيام الخوالي التي كان فيها العملة الاحتياطية العالمية في أوائل القرن العشرين.

ويقول الاقتصاديون بأن ضعف الجنيه تاريخياً كان له تأثيرات مختلفة واسعة النطاق على المملكة المتحدة؛ ويرون بأن أبسط شيء قد يحدث هو أن الواردات تصبح أكثر تكلفة بينما الصادرات تصبح من الناحية النظرية أكثر تنافسية.

وتكمن المشكلة في أن بريطانيا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد حيث يتم استيراد ما يقرب من ثلثي المواد الغذائية، لذا فإن انخفاض سعر الصرف الفعلي الحقيقي بنسبة 10% يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبسرعة.

ومن المعروف أن الاقتصاد البريطاني اقتصاد منخفض الأجور وهذا سيكون له تأثيراً ضاراً.

الصورة
الجنيه الإسترليني

 

الوضع على المدى الطويل

تقع بريطانيا الآن بين مطرقة احتمالية ارتفاع الأسعار لأسباب منها حرب أوكرانيا، وسندان الحاجة لزيادة الأجور لمجاراة ذلك ولكن هذه الزيادات ستعلو بالأسعار أكثر.

وفي حوار مع شبكة «سي ان بي سي» أشار ريتشارد بورتيس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، إلى اعتماد المملكة المتحدة على التجارة الخارجية مما يعني أن لضعف العملة تأثيراً كبيراً في الأسعار، على الرغم من أنه قال إنه لا يوجد دليل حتى الآن على وجود تأثير كبير على طلب المملكة المتحدة على السلع الأجنبية ولكن لم يكن هناك أيضاً تأثيراً على الصادرات والتي أصبحت نظرياً أكثر تنافسية.

وأشار أيضاً إلى أن عجز الحساب الجاري في المملكة المتحدة (استيراد الدولة سلعاً وخدمات أكثر مما تصدر) يتم تمويله من خلال تدفقات رأس المال، ويبلغ 32.5 مليار جنيه إسترليني لبريطانيا.

وقال محافظ بنك إنجلترا السابق، مارك كارني، إن المملكة المتحدة تعتمد على «عطف الغرباء»، ولكن يعلق ريتشارد على هذه العبارة بأن هذا ليس عطفاً منهم بل إنهم يريدون الاستثمار لأنهم يجدون أن أصول المملكة المتحدة جاذبة بما يكفي لجلب رأس المال.  وقال إن ضعف الجنيه ليس مشكلة في حد ذاته للتخطيط المالي الذي تقوم به الحكومة حالياً مع ميزانية متوقعة كثيراً في 17 نوفمبر.

وفسر قائلاً أن ديون البلاد إن كان الكثير منها مقوماً بالعملات الأجنبية فسيكون الأمر كذلك لكن الدين العام مقوم بالكامل تقريباً بالجنيه الإسترليني؛ لذا، وعلى عكس بعض البلدان، لا توجد مشكلة ويعتقد بأن الانخفاض الذي حدث أو الذي من المحتمل أن يحدث خلال السنوات القليلة المقبلة سيحدث فرقاً كبيراً في الأوضاع المالية.

نموذج النمو

يرى بعض المحللين أن بجانب الضغوط التي ستتعرض لها الأسر البريطانية سيكون لارتفاع الأسعار الناجم عن ضعف العملة آثار أعمق وأطول أمداً خاصة وأن المملكة المتحدة اقتصاد قائم على الاستهلاك بشكل كبير، وهذا التحول يعادل ضريبة على الاستهلاك ما يعني تراجع وقود المحرك الاقتصادي. فالبلاد لديها بالفعل نمو قليل ونمو إنتاجي أقل.

وقد أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى ايقاف الاتجاه الصعودي المحتمل للصادرات وقد انخفض اقتصادها من 90% إلى 70% من حجم اقتصاد ألمانيا منذ تصويت 2016. وبحسب رأي المحللين فهذا يعني على المدى الطويل وفاة نموذج النمو البريطاني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdzkk9jb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"