عادي
الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر يحذر من مواقع التواصل

حسن الصغير: الإسلام بريء من فتاوى حبس المرأة في البيت

23:18 مساء
قراءة 5 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

أكد د. حسن الصغير، عالم الشريعة الإسلامية، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الإسلام يتعامل مع المرأة على أنها شريكة للرجل في تحقيق استقرار المجتمع والمساهمة في تنميته وتقدمه، ولذلك يفتح أمامها كل مجالات العمل المناسبة لطبيعتها، ولا يقف في طريق طموحاتها في تولي المناصب القيادية المناسبة لها.

1
د. حسن الصغير

وحذر العالم الأزهري من موجات تشدد بدأت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تُحمل خروج المرأة للعمل مسؤولية ما تعانيه تلك المجتمعات من مشكلات أسرية واجتماعية.

* كيف تنظرون إلى محاولات تشجيع المرأة على عصيان زوجها، وإهمال حقوقه والأولاد؟

ننصح بالاحتكام في التشريعات التي تتعلق بشؤون الأسرة إلى الشريعة الإسلامية؛ فهي لا تعرف إلا العدل، ولا تميز طرفاً على آخر، كما لا تنحاز لرجل على حساب امرأة، ولا تهدر حقاً لامرأة لصالح رجل، وكل ما جاءت به من تعاليم وأحكام وآداب تعامل، وحلول لمشكلات تصب في مصلحة الأسرة واستقرارها، فالتعامل الصحيح مع المشكلات الأسرية المتجددة في عالمنا العربي يقتضي اللجوء إلى أحكام وتعاليم الإسلام، فهي تحمل حلولاً موضوعية لكل المشكلات، وتتعامل بإنسانية مع كل الأزمات، ولا تعرف التحيز لطرف على حساب طرف آخر.. وهي توفر للمرأة حياة كريمة تتطلع إليها كل النساء.

العمل.. حق للمرأة

* بعض الرجال يعتقد أن المرأة خلقت للبيت، وهناك فتاوى متداولة عن ذلك، كيف تنظرون إلى هذا المشهد؟

نعم هذه الثقافة لا تزال- للأسف- عالقة بعقول بعض الرجال في عالمنا العربي، لذلك ظلمت المرأة على يد هؤلاء، وأهدر حق أساسي من حقوقها وهو «حق العمل»، وحرمت المجتمعات العربية من جهود نساء كثيرات كان بإمكانهن أن يسهمن في حل كثير من مشكلات بلادهن، وأن يكون لهن دور في مجالات عمل لا تزال تحتاج إلى جهود النساء مثل تعليم الإناث وتطبيبهن ورفع كفاء المرأة، لتكون عنصراً مفيداً في مجالات عمل متنوعة، مفيدة لها على المستوى الشخصي، لصقل قدراتها وزيادة خبراتها في الحياة، ومفيدة لأسرتها وللمجتمع الذي تعيش فيه.

هذه الرؤية الضيقة لدور المرأة في الحياة يواجهها الأزهر، ويوضح ما فيها من مغالطات، وذلك من خلال علمائه ووعاظه، ومراكز الفتوى التابعة له، كما يواجهها من خلال التعليم، حيث يعلم الأزهر أبناء المسلمين الدراسين به من الذكور والإناث- من المصريين وأبناء العالم الإسلامي- أن ما يردده هؤلاء بعيد عن تعاليم شريعتنا الإسلامية، ولا علاقة له بتعاليم الإسلام، إنما هي رؤى تنطلق من عادات وتقاليد ومفاهيم متوارثة في التعامل مع النساء، وربما كانت مناسبة لبيئات معينة في عصور سابقة وهي بعيدة عن تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ذلك أن ديننا دين عدل ومساواة حقيقية بين الرجل والمرأة.

* بعض المتعلمات يفضلن التفرغ لرعاية الزوج والأولاد.. فهل يخالفن تعاليم الإسلام؟ لا، لم يقل أحد من علماء الإسلام بذلك، فالمرأة التي تريد أن تتفرغ لرعاية أسرتها، لها ذلك، ولا حرج عليها، وقد يكون عطاؤها مع أسرتها أكثر من عطائها خارج البيت، والمرأة التي تتفرغ لرعاية أسرتها باختيارها ليست عاطلة، ولا طاقة مهدرة، كما قد يفهم البعض، لأنها تعطي أسرتها الكثير، وطالما اختارت بإرادتها الحرة، أو بالتشاور مع زوجها، ينبغي احترام اختيارها ودعمها؛ لأنها ستوفر لأسرتها ما تحتاج إليه من استقرار.. الكلام السابق يخص من يجبر امرأة على ترك عملها الذي تريده أو تحتاج إلى عائده، ويرغمها على البقاء في البيت.. هذا هو التصرف الذي يحتاج إلى مناقشة وتفاهم واتفاق بين المرأة وزوجها.

الانفاق.. مسؤولية الزوج

* ما موقف الشرع من النزاع الذي لا يتوقف داخل كثير من الأسر حول راتب الزوجة العاملة، وهل للزوج حق فيه؟

من عدالة الشريعة الإسلامية وإنصافها للمرأة، أن جعلت لها ذمة مالية مستقلة عن الزوج، فلها أن تحتفظ لنفسها بمالها وعائد عملها، سواء أكان في وظيفة أو تجارة، ولا ترغم على المساهمة بجزء من مالها أو راتبها في نفقات الأسرة، لأن الزوج هو المسؤول عن الإنفاق على الأسرة، حتى لو كانت زوجته غنية أو تمتلك مالاً وفيراً، فهو مطالب شرعاً بالنفقة والكسوة والسكنى لزوجته وأولاده وفق طاقته المادية، وما يسمح به دخله، لقول الله تعالى: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ ». كما قال سبحانه: «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ، وقد عد الرسول صلى الله عليه وسلم النفقة على الأهل أفضل الصدقات وأعظمها أجراً فقال: «دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك، وأعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك».

وهذه الحقوق المالية واجبة على الرجل لزوجته، سواء كانت تمتلك مالا أم لا، ولا تجبر الزوجة على ترك شيء من مالها للزوج أو الأولاد إلا عن طيب نفس، وباختيار وإرادة مستقلة، قال تعالى: «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا»، فإذا كان هذا هو حكم الشرع في حقوق المرأة المالية قبل الرجل.. فهل من المعقول بعد ذلك أن يكون للرجل حق في مال زوجته سواء كان راتباً أو عقاراً أو غيره؟

لكن ما ننصح النساء العاملات - وخاصة في هذا العصر الذي سيطر فيه التضخم وأصبحت كلفة المعيشة الكريمة فوق طاقة كثير من الرجال- أن يكن عوناً لأزواجهن، وأن يكون لهن إسهامات حقيقية من أجل استقرار الأسرة، فالحياة الزوجية شركة بين طرفين؛ تقوم على التعاون والتكامل والمودة والرحمة.. ولتتذكر كل امرأة عبارة رسول الله، صلى الله عليه وسلم عن السيدة خديجة: «وواستني بمالها إذ حرمني الناس».

الإكراه على الزواج

* أكد علماء الاجتماع أن أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق هو «الزواج بالإكراه»، ما واجب العلماء إزاء هذه المشكلة؟

موقف الإسلام واضح، رفض الزواج بالإكراه، سواء أكان لذكر أو أنثى، فالزواج علاقة دائمة تقوم على الانسجام والسكن النفسي بين الطرفين، وينبغي أن تسبقه رغبة حقيقية، واختيار بإرادة حرة مستقلة، فالمطلوب من الأبناء الاستماع لنصائح وتوجيهات الكبار في أسرته، ويحكم عقله، وليس عاطفته وحدها، ويختار، وعلى أسرته أن تحترم اختياره، هذا خلاصة موقف الإسلام، لذلك لا يجوز للولي، سواء أكان أباً أم جداً أم أخاً- أن يستبد برأيه في اختيار من يراه مناسباً لمن له ولاية عليها، فهذا جناية على المرأة، واستهانة بعواطفها وأحاسيسها، والشريعة الإسلامية لا تجيز إكراه المرأة على الزواج ممن لا ترغب في الزواج منه، وإذا أكرهها على النكاح فلا يصح هذا النكاح، والزواج باطل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wdcc38a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"