عادي

ستر العورة (1)

23:17 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
أصل كلمة العورة من العور الذي هو النقص والعيب، ولذلك سمي هذا الجزء من الجسم في الإنسان بالعورة سمّي عورة لقبح ظهورها، وعورة الرجل والمرأة سوأتهما، انظر «قاموس المحيط» للفيروز آبادي، و«لسان العرب» لابن منظور.
وأما العورة في الشريعة الإسلامية فهي كل ما حرّم الله تعالى كشفه أمام من لا يحل النظر إليه، وهذا التعريف مرجعه «الجامع لأحكام القرآن» للإمام القرطبي ج7 - ص 122، و«أسهل المدارك في شرح إرشاد السالك» للكشناوي ج1 - ص121، و«نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» للرملي ج2 - ص5.
وستر العورة في الإسلام له أهميته ومكانته، لذلك فإنه لازم التقوى، قال تعالى: «يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير...» الآية 26 من سورة الأعراف.
التقوى واللباس كلاهما ساتر، أي أن التقوى تستر عورات القلب وتزينه، واللباس يستر عورات الجسم ويزينه، لذلك يقال: من لم يستح من الله عندما يرتكب المعاصي، فإنه لا يستحي من الناس أيضاً عندما يتعرّى عن لباسه.
والعري في نظر الإسلام ليس دليلاً على المدنية والحضارة، والتجرد عن اللباس يكاد يكون صفة يشترك فيها الإنسان مع الحيوان.
ثم إن الإسلام دين العفاف ودين الحياء، فعندما أمر بستر العورة أراد بذلك أن يقطع علينا طرق الشبهات، فستر العورة عبادة من ناحية ووقاية من ناحية أخرى.
لذلك قال الله تعالى: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً»، الآية 59 من سورة الأحزاب.
ويقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مقام حفظ العورة وصونها: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» رواه الترمذي في كتاب (الأدب) في باب حفظ العورة.
والإسلام عندما أمر بحفظ العورة، أمر بالأخذ بوسائل حفظ العورة أيضاً، لأن القاعدة الشرعية تقول: ما أدى إلى الحرام فهو حرام، فمن تلك الوسائل غض البصر، ومعنى غض البصر أن لا ينظر الإنسان إلى المحرّم بملء عينه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك والثانية عليك.
والنظرة، كما قال بعض العلماء، سهم مسموم موجّه إلى القلب، وغض البصر من أجل الاحتراز من هذه النظرة المسمومة التي تؤدي إلى فساد القلب، انظر «تفسير جمال الدين القاسمي» ج12 - ص450.
ومن وسائل صون العورة والحفاظ عليها تحريم النظر في بيت غيرك، وقد ورد في الحديث أن رجلاً اطّلع من جحر في باب، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله مدرى (شيء مثل المشط) يُرجَّل به رأسه، فلمّا رآه قال: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك. رواه البخاري في كتاب «الديات» ورواه مسلم في كتاب «الأدب».
ومن هنا نعلم أن بعض الناس في هذا الزمان يمسك هاتفه، ويصوّر هذا وذاك؛ بل يصوّر النساء غير المحارم على حين غفلة، ثم يرسل هذه الصور إلى أصدقائه. وللمقال بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j4senhtf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"