عادي

صراع مليارديرات وخطط إنقاذ فاشلة سبقت انهيار «إف تي إكس»

16:06 مساء
قراءة 6 دقائق
إعداد: خنساء الزبير

في صبيحة يوم الثلاثاء، فاجأ سام بانكمان فرايد، صاحب بورصة «اف تي اكس» لتداول العملات المشفرة، موظفيه برسالة حزينة يصف فيها الوضع المفاجئ الذي أصبح فيه. فالخطأ الذي وقع فيه سام وجعله في وضع لا يحسد عليه هو إعلانه قبل وقت قليل من ذلك عن أن شركة «باينانس» التي تعد المنافس اللدود لشركته تخطط لعملية استحواذ مفاجئة على «اف تي اكس» لإنقاذها من «أزمة السيولة».

وأصبح مؤسس باينانس، تشانغبينج تشاو، هو الفارس الذي جاء لينقذ المنصة والذي اتهمه سام من قبل بأنه مخرب.

ووفقاً لمقابلات تم إجراؤها مع العديد من الأشخاص المقربين من الملياردير سام، التي لم يتم الإبلاغ عنها مسبقاً، فإن عملية تهاوي المنصة قد بدأت عواملها قبل أشهر بسبب أخطاء ارتكبها سام عندما تدخل لإنقاذ الشركات الأخرى للعملات المشفرة مع انهيار سوق هذه العملات وسط ارتفاع أسعار الفائدة.

وبعض من تلك الصفقات، التي اشتركت فيها الشركة التجارية «ألاميدا للأبحاث» التابعة لسام، أدت إلى سلسلة من الخسائر التي قادت في النهاية إلى التراجع، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على عمليات الشركة.

صراع العمالقة

تسلط هذه المقابلات والمراسلات، الضوء أيضاً على التنافس الحاد بين المليارديرات الذين تنافسوا في الأشهر الأخيرة على حصص السوق واتهموا بعضهم بعضاً علانية بالسعي لإيذاء أعمال بعضهم بعضاً، وبلغت ذروتها يوم الأربعاء مع انسحاب باينانس من صفقتها والإلقاء بمستقبل اف تي اكس في حالة من عدم اليقين.

وقال شخصان مقربان من سام، العالق في انتظار قدوم مشترٍ، إنه يبحث الآن عن داعمين بديلين وبعد انسحاب باينانس أخبر موظفو اف تي اكس في رسالة أن باينانس لم تخبرهم مسبقاً بأي تحفظات على الصفقة، وأنه يستكشف جميع الخيارات.

وكانت باينانس، قد ذكرت في وقت سابق أنها قررت الانسحاب من الصفقة للتحقق وللتقارير الإخبارية حول التحقيقات الأمريكية في الشركة.

وأدى كشف تشانغبينج، عن عملية الاستحواذ المخطط لها إلى قلب حياة سام رأساً عل عقب، ذلك الشاب البالغ من العمر 30 عاماً والذي أسس اف تي اكس في جزر البهاما في عام 2019 وقادها لتصبح واحدة من أكبر البورصات، حيث جمعت ثروة تقارب 17 مليار دولار.

وبعد أن بلغت السيولة فيها في يناير 32 مليار دولار بوجود مستثمرين منهم «سوفت بنك» و«بلاك روك»، صدرت أخبار بعد ذلك عن وجود أزمة سيولة في البورصة ترددت أصداؤها في عالم العملات المشفرة، فتراجعت أسعار العملات الرئيسية وانخفاض عملة البيتكوين إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من عامين، ما تسبب بمزيد من الضغط على هذا القطاع الذي انخفضت قيمته بنحو الثلثين هذا العام مع تشديد البنوك المركزية للائتمان.

وحيث تخلت باينانس، عن الصفقة، فقد تجنبت التدقيق التنظيمي الذي كان من المحتمل أن يصاحب عملية الاستحواذ والتي أشار تشانغبينج إلى احتمالها في مذكرة إلى الموظفين نشرها على «تويتر»، خاصة أن المنظمين الماليين في جميع أنحاء العالم أصدروا تحذيرات بشأن باينانس لعملها بدون ترخيص وانتهاك قوانين غسل الأموال، وتحقق وزارة العدل الأمريكية في احتمال انتهاكها لقوانين لغسل الأموال والعقوبات الجنائية.

ويعود تاريخ العلاقة بين تشانغبينج وسام إلى عام 2019، بعد ستة أشهر من إطلاق بورصة اف تي اكس، حيث اشترى تشانغبينج 20% منها مقابل نحو 100 مليون دولار، وقالت باينانس في ذلك الوقت إن الاستثمار كان يهدف إلى تنمية اقتصاد العملة المشفرة معاً ثم ما لبثت أن توترت هذه العلاقة في غضون 18 شهراً.

وقال موظفون سابقون في باينانس إن اف تي اكس، نمت بسرعة وينظر إليها تشانغبينج الآن على أنها منافس حقيقي له.

ووفقاً للرسائل ورسائل البريد الإلكتروني بين البورصتين التي اطلعت عليها «رويترز» عندما تقدمت اف تي اكس في مايو 2021 بطلب للحصول على ترخيص شركة تابعة لها في جبل طارق، كان عليها تقديم معلومات حول مساهميها الرئيسيين، لكن باينانس ثبطت طلبات اف تي اكس للمساعدة.

وبين مايو ويوليو أرسل محامو ومستشارو اف تي اكس إلى باينانس 20 مرة على الأقل للحصول على تفاصيل حول مصادر ثروة تشانغبينج والعلاقات المصرفية وملكية باينانس.

وبعد شد وجذب بين الطرفين ومرواغات من تشانغبينج، وبحلول يوليو من ذلك العام، لم يعد سام قادراً على الانتظار.

وقال الشخص المطلع على الصفقة إنه قام بشراء حصة تشانغبينج في اف تي اكس مقابل ملياري دولار، وبعد شهرين، ومع عدم مشاركة باينانس، منحت الجهة التنظيمية في جبل طارق اف تي اكس الترخيص.
وقال تشانغبينج يوم الأحد الماضي إن هذا المبلغ تم دفع جزء منه بالعملة الخاصة بـ اف تي اكس (اف تي تي) إلى باينانس، وهي عبارة عن تملك سيأمر فيما بعد ببيعه، وهذا الأمر أدى إلى تفاقم الأزمة في اف تي اكس.

سلسلة خسائر

في شهري مايو ويونيو، تعرضت شركة «أبحاث آلاميدا» التابعة لسام لسلسلة من خسائر الصفقات، ويقال إنها تشمل اتفاقية قرض بقيمة 500 مليون دولار مع شركة إقراض العملات المشفرة الفاشلة «فويجر ديجيتال» التي تقدمت بطلب الحماية من الإفلاس في الشهر التالي، حيث دفعت ذراع اف تي اكس الأمريكية 1.4 مليار دولار مقابل أصولها في مزاد في سبتمبر.

وتطلعت لدعم «آلاميدا»، التي تمتلك أصولاً تقارب 15 مليار دولار، حيث قام سام بتحويل ما لا يقل عن 4 مليارات دولار موجودة في صناديق اف تي اكس، بضمان أصول منها «اف تي تي» وأسهم في منصة التداول «روبن هود ماركتس». وكشفت ألاميدا عن حصة 7.6% في روبن هود في شهر مايو. وقال بعض المطلعين إن جزءاً من هذه الصناديق عبارة عن ودائع عملاء.

ومع ذلك، وفي 2 نوفمبر قدم تقرير صادر عن الموقع الإخباري «كوين ديسك» بالتفصيل ميزانية عمومية مسربة يُزعم أنها أظهرت أن الكثير من أصول ألاميدا البالغة 14.6 مليار دولار محتفظ بها في شكل اف تي تي.

وغردت كارولين إليسون، الرئيس التنفيذي لشركة ألاميدا، بأن الميزانية العمومية كانت لمجموعة فرعية من كياناتهم المؤسسية مع عدم ظهور أكثر من 10 مليارات دولار من الأصول.

وفشل ذلك في إخماد التكهنات المتزايدة بشأن ما قد تعنيه الصحة المالية لألاميدا لشركة اف تي اكس.

وقال تشانغبينج بعد ذلك إن باينانس ستبيع حصتها بالكامل في التوكن «اف تي تي» بقيمة لا تقل عن 580 مليون دولار، بسبب الاكتشافات الأخيرة التي ظهرت للضوء، وانهار سعر هذا التوكن بنسبة 80% خلال اليومين التاليين وتزايدت التدفقات الخارجة من البورصة.

زيادة عمليات السحب

في رسالته إلى الموظفين هذا الأسبوع، قال سام إن الشركة شهدت زيادة هائلة في السحب، حيث سارع المستخدمون إلى سحب 6 مليارات دولار من العملات المشفرة من البورصة في 72 ساعة فقط، وإن السحوبات اليومية تصل في العادة إلى عشرات الملايين من الدولارات.

وبعد تغريدة تشانغبينج بأن باينانس ستبيع حيازتها من اف تي تي توقع سام أن الثقة في بورصة اف تي اكس، ستتغلب على هجمات منافستها، وأخبر فريق العمل بأن عمليات السحب كانت عالية، لكنها ليست مفاجئة، لكنهم تمكنوا من معالجة الطلبات. وكتب: «نحن نتقدم بثبات، ومن الواضح أن باينانس تحاول اللحاق بنا؛ وليكن».

ولكن بحلول يوم الاثنين أصبح الوضع مريعاً وأصبح سام غير قادر على العثور بسرعة على داعم، أو بيع الأصول غير السائلة الأخرى في وقت قصير، واتصل على تشانغبينج.

ووقّع سام على خطاب نوايا غير ملزم لشركة باينانس لشراء أصول اف تي اكس غير الأمريكية. وقال شخصان مطلعان على الرسالة إن قيمة اف تي اكس، تقدر بعدة مليارات من الدولارات تكفي تغطية جميع طلبات السحب، لكنها جزء صغير من تقييمها في يناير.

وأعلن تشانغبينج، عن الصفقة المحتملة بعد عدة ساعات، كما غرد سام على موقع «تويتر»: «شكراً جزيلاً تشانغبينج».

وقال شخصان يعملان معه إن موظفيه قد صُدموا؛ بل وحتى المديرين التنفيذيين لم يكونوا على علم بخطة تراجع ألاميدا وخطة الاستحواذ حتى أبلغهم سام في ذلك الصباح.

ثم جاء إعلان باينانس يوم الأربعاء، بإلغاء عملية الاستحواذ، وجاء في النص: «المشكلات خارجة عن إرادتنا أو قدرتنا على المساعدة»، وغرد تشانغبينج «يوم حزين، لقد حاولت» وأرفق مع التغريدة وجه تعبيري يبكي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3rwfyr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"