«المد الأحمر» يتراجع

01:00 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم تجرِ رياح الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي كما تشتهي سفن الحزب الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، ف«المد الأحمر» كان باهتاً وخفيفاً لا يكفي لإقلاع هذه السفن من ميناء الانتظار، وما كان بالنسبة لترامب أملاً يؤهله لإعلان ترشيح نفسه من جديد للعودة إلى البيت الأبيض بدأ يتلاشى؛ إذ إن ما كان يعّول عليه من اكتساح جمهوري للكونغرس بمجلسيه تحوّل بين ليلة وضحاها إلى سراب.

فقد مني الحزب الجمهوري بهزيمتين ثقيلتين في ولاية بنسلفانيا ذات الثقل الانتخابي الحاسم الذي يحدد السيطرة على مجلس الشيوخ، وذلك بفوز الديمقراطي جون فيترمان على الجمهوري محمد أوز بعضوية المجلس، كما فاز الديمقراطي جوش شابيرو على الجمهوري دوغ ماستريانو بمنصب حاكم الولاية، كذلك انتزع الديمقراطيون منصبي حاكمين من الحزب الجمهوري في ميريلاند وماساتشوستس، وفي ولاية جورجيا التي كان يعتبرها الجمهوريون مضمونة فإن مرشحهم هيرشل ووكر لم يتمكن من تحصيل نسبة 50 في المئة للفوز في مواجهة الديمقراطي رافائيل ورنيك بانتظار جولة الإعادة بينهما في السادس من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

لقد كشفت هذه الانتخابات مجدداً حالة انقسام سياسي عميق داخل المجتمع الأمريكي تعبّر عنها مواقف المسؤولين ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث، وكلها تتحدث عن مخاوف حقيقية تواجه الديمقراطية مع تصاعد العنصرية والتطرف وخطاب الكراهية ضد الملونين والأجانب والمهاجرين، إلى درجة أن البعض أبدى خشية حقيقية من «حرب أهلية» جديدة إذا تفاقم التطرف لدى قطاعات شعبية واسعة مؤيدة للحزب الجمهوري، قد تكون عملية اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 مجرد نموذج لما يمكن أن يحصل، ولكن على نطاق أوسع كثيراً.

حتى أن صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية أشارت في تعليقها إلى أن النتائج السيئة للجمهوريين، «تعطي سبباً للتنفس بسهولة أكبر قليلاً بشأن التهديدات الأوسع للديمقراطية الأمريكية»، ورأت أن «أحد الأسباب الرئيسية لفشل الجمهوريين في اكتساح المشهد، هو أن الناخبين المستقلين والمتأرجحين، وكذلك الجمهوريين المعتدلين، ما زالوا غير مرتاحين لتطرف ترامب».

بشكل عام، من الواضح أن الناخبين لم يمنحوا ثقة مطلقة للديمقراطيين، ولم يشكلوا «المد الأحمر» الذي كان ينتظره الحزب الجمهوري، بل صوّتوا ضد التطرف خوفاً من أن يتحول إلى «كابوس» يقضّ مضاجعهم. كما خرجوا للدفاع عن الرعاية الصحية وحق المراة.

ليس واضحاً بعد ماذا سيفعل ترامب يوم 15 من الشهر الحالي، حيث كان ألمح إلى إعلان ترشيحه للرئاسة في هذا الموعد، لكن بعد النتائج المخيبة لآماله وتوقعاته هل سيظل على موقفه، رغم أن كثيرين في الحزب الجمهوري وخارجه ينصحونه بالتخلي عن أحلام العودة إلى البيت الأبيض لتجنيب الولايات المتحدة الأسوأ؟.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j5xky8hx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"