تامر وشيرين

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

الفرق بين فنان وآخر لا يتوقف عند حدود اختلاف الموهبة، سواء كان الفنان ممثلاً، أو مغنياً، أو عازفاً، ولا يتوقف أيضاً عند حدود الكاريزما، و«القبول»، والجاذبية، والشكل. الفرق يبرز بشكل واضح في ذكاء الفنان، وقدرته على رسم طريقه الفني بشكل واضح، والسير مباشرة باتجاه تحقيق أهدافه، وعدم الاستسلام لنشوة النجاح من أول مذاق حلو للشهرة.
كثر يمرون على دروب الفن، وكثر ينجحون في الظهور، لكن لا يكمل الطريق بشكل مستقيم وبشكل تصاعدي إلا الأذكياء، ولا نقول الموهوبين، لأن الذكاء ضروري ومهم جداً في حسن إدارة هذا الفنان لموهبته وتوجيهها واستغلالها كي يجني منها الكثير ويعطي للفن الكثير. قد يقول البعض: هناك من يدير شؤون الفنان ويتولى كل المسؤوليات بالنيابة عنه، فأين الذكاء في ذلك؟ والجواب أن إدارة أعمال الفنان لا تعني أبداً أن يلغي عقله، ويسلّم كل أموره بشكل أعمى لمن يتولى هذه المهمة، حتى ولو كان أقرب الناس إليه. مهم جداً أن يكون للفنان رأي، وأن يعي حجم موهبته، وحجم مسؤولياته، ودورهن خصوصاً أنه سيصبح، أو أصبح، قدوة لبعض الناس، ويتشبه به، وبتصرفاته وأقواله بعض الشباب.
هذا الفرق الذي نتحدث عنه يظهر جلياً بين فنانَين سلكا درب الفن سوياً، وجَدا من يتبناهما في بداية مشوارهما، انطلقا وحققا نجاحاً كبيراً معاً، ثم شقا طريقيهما كل وحده في عالم الغناء، وتفرقت بهما السبل لنرى الفرق بينهما واضحاً، ليس بسبب التفاوت في الموهبة، بل لأن «هي» ضعفت واستسلمت لأشخاص لعبوا دوراً سلبياً في حياتها، فسرقوا منها الجهد ووضعوها على الطريق الخطأ، بينما «هو» زاد من رصيد موهبته فوسع الدائرة من الغناء إلى التأليف والتلحين والتمثيل والإخراج، واستثمر ما جناه من الفن في التجارة أيضاً، وصار محبوب الشباب، بل جمهوره من مختلف الأعمار وحفلاته ناجحة، وأفلامه ناجحة.
 إنهما شيرين عبد الوهاب، وتامر حسني، لا نقارن بين موهبيهما، لأن شيرين تملك صوتاً سيبقى مميزاً دائماً، وتامر له لونه الخاص الذي يتميز به، إنما نتحدث عن مسار كل منهما، وقد انطلقا في الفن معاً. ماذا جنت شيرين، وأين أصبح تامر؟ يقول البعض، لا ذنب لها في كل ما يحصل لها في حياتها الخاصة، وهم مخطئون، لأن كل إنسان مسؤول عن اختياراته، وتتضاعف المسؤولية حين تكون الشخصية عامة، لذا نقول إن حُسن استغلال الموهبة بذكاء وحكمة يقود إلى النجاح المستمر لا المؤقت، نجاح يشبه الحضور الدائم ومواصلة العمل وكسب ودّ الجمهور واستمرارية التقدم والتطور، ولا يشبه الحضور المؤقت في حفل أو أغنية على فترات متباعدة.
تامر حسني يجيد توظيف موهبته وتطوير أدواته وقد خلق لنفسه هوية وشكلاً ولوناً، في حين تغرق شيرين في بحر من المشاكل الشخصية كفيل بالتأثير سلباً في إنتاجها وفنها.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2autp3ev

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"