دبلوماسية بخصائص صينية

21:02 مساء
قراءة 3 دقائق

تشو فينغ *

في التقرير الأخير الذي قدمه إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، قال الأمين العام للجنة المركزية للحزب، شي جين بينغ، إن العالم قد وصل مرة أخرى إلى مفترق طرق، والشعوب وحدها من ستقرر مسارها المستقبلي. وهذا يعني أن الوضع السياسي والاقتصادي العالمي اليوم هو الأكثر اضطراباً منذ حقبة الحرب العالمية الثانية.

وبالنظر إلى التحديات العالمية الشديدة، بما في ذلك جائحة «كوفيد-19»، والتغير المناخي، نجد أنها مستمرة في تعطيل التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فقد انزلق المزيد من الأفراد في جميع أنحاء العالم إلى براثن الفقر منذ عام 2020، ويواجه اليوم ما لا يقل عن 31 دولة أزمات سياسية أو معيشية هائلة، كما تنتشر الكوارث الثانوية التي تسبب بها الوباء والمناخ في جميع أنحاء العالم.

وساهم الصراع الروسي الأوكراني في اندلاع مواجهة أخرى بين الدول العظمى، ربما تكون الأكثر خطورة منذ نهاية الحرب الباردة، ما أدى إلى ظهور أزمات عالمية جديدة «آخذة في الاتساع» في قطاع الطاقة، والغذاء، والمال. الأمر الذي دفع الولايات المتحدة لتشييد حواجز إضافية بينها وبين الصين في قطاعات مثل العلوم والصناعة والتكنولوجيا، فضلاً عن سلاسل التوريد. في تناقض صارخ مع مبدأ المنافسة الحرة. والأسوأ من ذلك، أن الولايات المتحدة نفسها تستغل قضية تايوان لإثارة الاضطرابات في المنطقة، وتوجيه ضربة قاسية للسلام والازدهار في قارة آسيا.

إذاً، يقف العالم حقيقة على مفترق طرق مرة أخرى. ومن هنا حث الرئيس الصيني شي جين بينغ الجميع على تعزيز التعاون والوحدة من خلال تجاوز الأيديولوجيات المحافظة واتباع الطريق الصحيح للتنمية العالمية من أجل بناء مجتمع ذي مصير مشترك. وهذا ليس فقط هدف ومبدأ دبلوماسية الدول العظمى، ولكن أيضاً نتيجة الحكمة التي تستخدمها الصين الصاعدة وبقوة لمواجهة التحديات العالمية.

لقد شدد شي على أن الصين ستدعم التعددية وتساعد على تحسين الحوكمة العالمية مع تبني استراتيجية أكثر استباقية للانفتاح. وتعد مبادرة الحزام والطريق مثالاً ملائماً لمساعي الصين من أجل تعزيز التنمية المشتركة، حيث رحب المجتمع الدولي بالمبادرة بوصفها منفعة عامة ومنصة تعاون خلّاقة. وأيضاً، تُعد الصين شريكاً تجارياً رئيسياً لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وتقود العالم في تجارة السلع. كما تعتبر وجهة مهمة لاجتذاب الاستثمار الأجنبي، ودولة رائدة في استثماراتها الخارجية. وهذا كله نتيجة الدبلوماسية ذات الخصائص الصينية.

وأكد تقرير شي إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني على أن بكين تنتهج سياسة خارجية مستقلة للسلام، وتعزز إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، إضافة إلى مساعدتها على حماية المصالح المشتركة للدول النامية. وهو جزء بسيط من مساهمة الصين في السلام والتنمية العالميين.

وذكر التقرير أيضاً أن الصين تلعب دوراً نشطاً في إصلاح نظام الحوكمة العالمي، وتدعم التعددية الحقيقية. وهو ما يفسر معارضة الصين الدائمة استخدام أي دولة هيمنتها أو قوتها الاقتصادية والعسكرية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أو لفرض مطالبها على الدول الأصغر. ونتيجة لذلك، تدعم الصين نظام الحوكمة العالمي القائم على أساس قرارات الأمم المتحدة.

تهدف مبادئ الدبلوماسية الصينية الأساسية، التي تم تطويرها منذ عهد مهندس الإصلاح دينغ شياو بينغ، إلى المساهمة المستمرة في السلام والازدهار والتعاون مع شعوب العالم وحكوماته، وستبقى هذه المبادئ العناصر الأساسية لدبلوماسية الصين في العهد الجديد. وعلى سبيل المثال، تعني الدبلوماسية السلمية المستقلة أن الصين لا تسعى أبداً إلى الهيمنة، وليست لها مصلحة في الانضمام إلى أي معسكرات جانبية في العلاقات الدولية، أو تشكيل تحالفات مثلما تفعل بعض الدول الأخرى. وبدلاً من ذلك، تعمل على تغيير قوانين لعبة المنافسات بين القوى الكبرى، والتي محصلتها صفرية غالباً ولا يمكن تجنبها، ووضعها على مسار مستقر وبناء.

تعتبر حماية المصالح المشتركة للدول النامية من أولويات الدبلوماسية الصينية. وفي السنوات الأخيرة، ومع صعود اقتصادات جديدة، تحول الهيكل العالمي للسلطة والثروة من الغرب إلى الشرق، مع انعكاس آثار هذه التغييرات الكبيرة في العديد من المجالات. وبصفتها أكبر دولة نامية في العالم، لا تحتاج الصين إلى تعزيز التعاون والتضامن مع الدول النامية الأخرى فحسب، بل تحتاج أيضاً إلى تمثيل مصالحها ومواصلة خلق المزيد من الفرص من أجل تعزيز التنمية العادلة. وسيكون هذا دليلاً حياً على الفلسفة، التي تتمحور حول الشعب، لآلية الحكم في الصين.

وعلى الرغم من أن المحتوى المتعلق بالدبلوماسية كان موجزاً في تقرير المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، إلا أنه يعكس أهمية الدبلوماسية الكبرى ذات الخصائص الصينية على المجتمع الدولي.

* مدير معهد الدراسات الدولية بجامعة نانجينغ (تشاينا ديلي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7x88u9

عن الكاتب

مدير معهد الدراسات الدولية بجامعة نانجينغ

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"