نحن من يدعم المتسول

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

من يتابع سلوكيات المتسولين «الشحاتين»، يكتشف دجل بعضهم وأساليبهم التي تبعث أحياناً على الضحك، ويدرك أيضاً أن بعض أفراد المجتمع يساهمون باستمرارية هؤلاء في ممارسة التسول الذي يعتبر مرفوضاً دينياً واجتماعياً وأيضاً قانونياً، باعتباره من السلوكيات التي يعاقب القانون على ممارستها.
نعم، نحن مسؤولون عن استمرارهم، وإن كان من دون قصد، سواء المتسول الذي يجلس أمام أحد المتاجر، أو الذي يدق أبواب المنازل والمكاتب والمحال التجارية، أو يجوب المراكز التجارية لاقتناص فرصة استعطاف أحد المتسوقين.
نحن من يقدم لهم الدراهم التي يجمعها هؤلاء، بحيث تكون مصدر دخل لهم، تصل أحياناً إلى الآف الدراهم من دون عناء، وهو ما يدفعهم للاستمرار في ممارسة التسول بمختلف أنواعه وأشكاله، ومن ثم نعبر عن استيائنا من وجودهم أو اعتراضهم طريقنا أو اختراقهم لحرمة المنازل وإزعاجنا في أي وقت.
للأسف، البعض يعتقد أن تقديم دراهم معدودة للمتسول لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يدرك هذا الشخص أنه ليس الشخص الوحيد الذي تم استعطافه لسحب الدراهم من جيبه، وإن كانت معدودة، وهو ما يمكن رصده بمتابعة أي متسول لدقائق معدودة واحتساب عدد الأفراد الذين يقومون بوضع الدراهم سواء معدنية أو ورقية في أيدي المتسولين، ولكم إجراء عملية حسابية بسيطة لاكتشاف حجم الدخل المادي الذي يجنيه هؤلاء في حال قدم له كل فرد درهمين فقط.
ليس ذلك فقط الذي يمكن اكتشافه بمتابعتهم، وإنما أيضاً أساليب وحيل استغفال المارة والمتسوقين، وهو ما قد يجعل «المعطي» يتراجع عن دس الدراهم وإخفائها في اليد اليمنى لاعتقاده بأنها «صدقة»، ليقدمها للمتسولين الذين يضع بعضهم السبحة في يده ويجلس على سجاة الصلاة ويرشق وجهه بكم هائل من ملامح البؤس والشقاء والعناء والتي سرعان ما تتلاشى بعد ذهاب من تم استغفاله.
أما المتسولون الذين يجوبون المراكز والمحال التجارية والمنطقة الصناعية وغيرها من المواقع، فحدِّث ولا حرج، حيث إن قصصهم الوهمية بالرغم من أنها باتت مكررة، إلا أنها مازالت تجد صدى في قلوب البعض الذين يتعاطفون معهم ويقومون بدفع الأموال لهم، وهنا من الممكن أن نطرح على هؤلاء المتسولين ومن يقدم لهم الأموال السؤال التالي: إلى متى؟
وماذا لو توقفنا جميعاً عن تقديم الأموال لهم، ووضع ما تجود به أنفسنا من دراهم في صناديق الجمعيات الخيرية المنتشرة في الدولة والتي بدورها تقوم بتوزيعها على الأسر المعوزة؟ بالتأكيد أن المجتمع سيتخلص من هذه الظاهرة التي تشوه، ليس فقط المظهر الحضاري وإنما الإنساني والديني، وأيضاً نضمن وصولها إلى مستحقيها من الأسر المتعففة، وأيضاً خلو المجتمع من هؤلاء الذين أغلبهم زائرون للدولة، قدموا بهدف التسول فقط.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4sfabu3u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"