عادي
الجهود المدرسية والمجتمعية سبيل مواجهته

التنمّر الإلكتروني.. خطر يحدق بطلاب المدارس

00:03 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: آية الديب

التنمر الإلكتروني ظاهرة جديدة تجلت في الميدان التربوي بالتزامن مع التطور التكنولوجي في كل القطاعات، وتطبيق نظام التعليم عن بعد بالتزامن مع جائحة كورونا، حيث باتت حينها استخدامات الطلاب للأجهزة الذكية أمراً ضرورياً، وبعد العودة إلى التعليم الصفي يستمر تنمر الطلاب إلكترونياً بصور مختلفة.

«الخليج» تحدثت إلى عدد من التربويين الذين أكدوا أن التنمر الإلكتروني أكثر خطورة على الطلاب من التنمر التقليدي الذي يقع وجهاً لوجه، باعتبار أن عباراته تصل بسرعة، وغالباً يراها عدد أكبر من المحيطين بالمتنمر، والمتنمر عليه، ويصعب على المعنيين معالجته في حينها.

أكدت إدارات مدارس أنها تنفذ برامج مختلفة بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة تستهدف توعية الطلاب وأولياء أمورهم بشأن مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، ومخاطر التنمر الإلكتروني، وأن المعلمين يدخل ضمن تقييمهم معايير مختلفة، منها السلامة الرقمية للطلاب، مشيرين إلى أن الظاهرة تجلت بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا «كوفيد 19».

وأشار تربويون إلى أن التنمر الإلكتروني ظاهرة تتجلى بشكل أكبر عند طلاب الحلقتين، الثانية والثالثة، بالتزامن مع مرحلة المراهقة، موضحين أنه في حال وقوع تنمر إلكتروني على طلاب ينتمون لمدرسة يتم تحويل المتنمر إلى الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لتقديم الدعم والتوجيه المناسبين، وبحث حالة المتنمر لتجنّب قيامه بهذا السلوك مرة أخرى.

وتطرقوا إلى دوافع التنمر الإلكتروني مؤكدين أن المجموعات الطلابية على مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تكون مراقبة، وأن إشراف المعلمين وأولياء الأمور على الطلاب أصحاب الهمم واستخدامهم للوسائل التكنولوجية يجب أن يكون مضاعفاً.

أكثر خطورة

خالد السعيدي، مدير إحدى المدارس الحكومية، أكد أن ظاهرة التنمر بين طلاب المدارس تطورت نظراً للتطورات التكنولوجية الحديثة والأجهزة الذكية، التي باتت أسهل طريقة للتواصل بين مختلف فئات المجتمع، بما فيها طلاب المدارس وأن التنمر الإلكتروني أكثر خطورة على الطلاب من التنمر المباشر، باعتبار أن عباراته تصل بسرعة، وغالباً يراها عدد أكبر من المحيطين بالمتنمر، والمتنمر عليه.

وقال: مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي وضعت برامج للوقاية من التنمر الإلكتروني، وبرامج في المدارس بالتعاون مع الأخصائيين الاجتماعيين تستهدف توعية الطلاب بشأن مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، ومخاطر التنمر الإلكتروني، وحددت المؤسسة كذلك ضوابط تستهدف استخدام الطلاب للوسائل التكنولوجية استخداماً سليماً.

وأضاف: المدارس تستقطب شخصيات من المجتمع المحلي ويتم تنظيم سلسلة من المحاضرات وورش العمل للطلاب المراهقين والطلاب اللذين يسيئون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كما يتم إرسال الكثير من هذه المحاضرات لأولياء الأمور حتى يكتمل دعم الطلاب من خلالهم.

وتابع: إضافة إلى ذلك تم سَن قوانين بعدم إحضار الطلاب لهواتفهم في المدارس، ونسعى من خلال مبادرة المدرسة الآمنة رقمياً، وهي واحدة من مبادرات برنامج خليفة للتمكين – «إقدر»، إلى توجيه إرشادات ونصائح وقوانين ومحاضرات للطلبة وأولياء الأمور لإيضاح كيفية وصولهم لبر الأمان.

وأردف: بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا، «كوفيد 19» زاد التنمر الإلكتروني بشكل عام، وأذكر أن مجموعة من الطلاب قاموا بإنشاء قناة خاصة بهم، وتم رصد هذه الظاهرة والطلاب المتنمرين والمدارس التابعين لها، وتم التواصل مع إدارات هذه المدارس لحل المشكلة.

السلامة الرقمية

وقال نبيل شعلان، مدير إحدى مدارس أبوظبي: خلال الحصص الدراسية يقوم المعلمون بنصح الطلاب بشكل دائم حول الأمن الإلكتروني، وبشكل عام يتم تقييم المعلمين وفق معايير، منها السلامة الرقمية للطلاب.

وأضاف: خلال كل فصل دراسي نستعين مرتين بقسم الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية لتوجيه ونصح الطلاب بالتنمر الإلكتروني، حيث يتم تقديم نصائح للطلاب عن التنمر الإلكتروني، ومدى خطورة هذا السلوك وعقوباته، وخلال باقي الأيام الدراسية يسعى المعلمون إلى توجيه الطلاب بشأن آلية التعامل مع التنمر المباشر والإلكتروني في حال تعرضهم إليه.

وتابع: جهود مواجهة التنمر الإلكتروني الخاص بالطلاب يجب أن تكون متكاملة بين مختلف الجهات من المدارس والمعلمين وأولياء الأمور ووسائل الإعلام والمنصات التي تستقطب الطلاب، مشيراً إلى أن التنمر الإلكتروني يشمل الطلاب الذكور والإناث، وأن فئة الطالبات الإناث يكنّ أكثر تأثراً واستياء في حال تعرضهن للتنمر.

النسبة الأكبر

وقال محمد علي معلم مادة اجتماعيات: على الرغم من أن التنمر الواقعي نسبته أكبر من التنمر الإلكتروني، إلا أنه ظاهرة يجب تضافر الجهود من أجل مواجهتها، وعادة ما تتجلى لدى طلاب الحلقة الثانية باعتبارهم على أعتاب مرحلة المراهقة. وأضاف: من الصعب على المعلم متابعة الحسابات المختلفة لطلابه على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه من الضروري متابعة طلبة معينين ومراقبة سلوكهم، وهم الطلاب الذين قاموا بالتنمر، والوقوف على دوافع تنمرهم ومعالجتها.

عقوبات مختلفة

وقالت رشا محمد سامي، معلمة في إحدى مدارس أبوظبي الخاصة: نرصد حالات للتنمر الإلكتروني بين الطلاب، وخلال عملنا نسعى لمواجهته بتوعية الطلاب في كل حصة دراسية بمساوئ هذا السلوك، وكثيراً ما نؤكد على طلابنا أهمية عدم إرسال رسائل مسيئة، وعدم مشاركة أية أخبار غير موثوق منها، وبالتوازي مع ذلك ترسل إدارة المدرسة لأولياء الأمور سياسة حماية الطلاب من التنمر الإلكتروني.

وأضافت: بعد رصد التنمر الإلكتروني تكون عقوبة الطالب على حجم التنمر الذي قام به، ففي الوقت الذي قد تكون عقوبة طالب خصم درجات من سلوكه، في وقت آخر تكون عقوبة الطالب الفصل 3 أيام، واستدعاء ولي الأمر، وغيرها من العقوبات المتدرجة، ومن جانب آخر يقف الأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون على دوافع الطالب المتنمر ويسعون لحلها ومعالجتها بالتعاون مع ولي أمر الطالب.

ورأت أن التنمر الإلكتروني أخطر على الطالب من التنمر التقليدي المباشر، مشيرة إلى أن التنمر الإلكتروني لا حدود جغرافية له وسريع الانتشار وتطلع عليه شريحة كبيرة من الطلاب الآخرين ويصعب إنهاؤه بسرعة.

تربية خاصة

وقالت أمينة الحمادي، معلم مساعد تربية خاصة، في إحدى مدارس أبوظبي: الطلاب الأكبر سناً على وعي بكيفية التعامل مع زملائهم من أصحاب الهمم، ومن يعانون صعوبات تعلم، ودائماً ما ندفع الطلاب العاديين إلى دورهم في دعم زملائهم من أصحاب الهمم.

وأضافت: في حال وقوع حالة تنمر إلكتروني، أو تقليدي، يتم تحويل المتنمر إلى الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لتقديم الدعم والتوجيه المناسبين، وبحث حالة المتنمر لتجنب قيامه بهذا السلوك مرة أخرى، وبشكل عام، الطلاب الأكبر سناً أقل تنمراً من الطلاب الأصغر سناً، في ما يخص أصحاب الهمم.

دوافع مختلفة

وقالت أميمة صوالحة، رئيس قسم دمج أصحاب الهمم في إحدى مدارس أبوظبي الخاصة: هناك دوافع مختلفة تكون وراء قيام الطالب بالتنمر الإلكتروني، منها تعرّضه للتنمر في وقت سابق، أو أن يكون لديه شعور بالرفض المجتمعي، أو يكون لديه شعور بالعدائية نتيجة مشاكل أسرية واجتماعية ومدرسية.

وأضافت: عدم التقدير الكافي للطالب داخل الصف، أو المبالغة في الثناء والتقدير لطلاب معينين يخلق عداءات بين الطلاب، وفي حال شعر المعلم بوجود عداء أو مشاعر سلبية لدى أحد الطلاب يتوجب عليه تحويل الموقف إلى موقف إيجابي وتسليط الضوء على نقاط القوة لدى كل طالب على حدة، والتي بطبيعة الحال تختلف من طالب لآخر.

وتابعت: في ما يخص أصحاب الهمم فالمجتمع المدرسي يحتاج إلى جهود متواصلة لنشر ثقافة الوعي، فكل الأشخاص المحيطين بصاحب الهمة عليهم النظر إلى نقاط قوته، فإذا كان صاحب الهمة لديه إعاقة جسدية على المعلم الثناء والتقدير لقدراته الذهنية.

وأردفت: يجب توعية الطلاب بطريقة التعامل مع زملائهم من أصحاب الهمم، وعدم الإساءة لهم، وإشراف المعلمين وأولياء الأمور على الطلاب أصحاب الهمم، واستخدامهم للوسائل التكنولوجية يجب أن يكون مضاعفاً حيث يجب أن تكون البرامج التي يستخدمها أصحاب الهمم محمية من التعرض لأنواع التنمر.

وقالت: في كثير من الأحيان يكون اشتراك الطلاب في مجموعات على مواقع التواصل أمراً يزيد من تعاونهم العلمي، إلا أن هذه المجموعات يجب أن تكون مراقبة من اختصاصي نفسي أو اجتماعي للتأكد من أن استخدامه لغايات التعليم والتدريب وليس لغايات أخرى.

يوم دولي لمكافحة الظاهرة

يشار إلى أن الدول الأعضاء لدى منظمة «اليونيسكو» وافقت على إعلان كل أول يوم خميس من نوفمبر/ شهر تشرين الثاني يوماً دولياً لمكافحة كل أشكال العنف والتنمر في المدارس، ومنها التنمر الإلكتروني.

وتعد هذه الخطوة إقراراً من «اليونيسكو» بأن العنف في البيئة المدرسيّة يمثّل، بشتى أشكاله، انتهاكاً صارخاً لحق الأطفال والمراهقين بالتعليم والصحة والرفاهية، ومن هنا، فإنّها تدعو جميع الدول الأعضاء لدى «اليونيسكو»، وشركاء الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والأفراد، وغيرهم من الأطراف المعنيّة، إلى المساعدة في الترويج لهذا اليوم الدولي والاحتفال به بيُسر وبلا عقبات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8jr74w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"