المفاوضات آخر الحرب

01:01 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعد تسعة شهور على بدء الحرب الأوكرانية باتت كل الأطراف المنخرطة فيها منهكة ومستنزفة. فروسيا وأوكرانيا تعانيان خسائر بشرية ومادية واقتصادية باتت تشكل عبئاً عليهما رغم حديثهما عن انتصارات وتراجعات وإصرار على استكمال ما تخططان له. والدول الأوروبية تعاني بدورها أزمات اقتصادية واجتماعية بدأت تنعكس سلباً على حياة مواطنيها من جراء التضخم والغلاء وفقدان الطاقة، خصوصاً مع قدوم فصل الشتاء، ما قد يؤثر في الملايين الذين سيفتقدون التدفئة، وظهور بوادر رفض شعبي للانخراط في الحرب من دون حساب للتداعيات السلبية على عامة الناس.

وفي الولايات المتحدة ترتفع الأصوات من معسكري الجمهوريين والديمقراطيين وبعض وسائل الإعلام والكتّاب التي تدعو إلى وقف الدعم الهائل الذي يقدم إلى أوكرانيا على حساب دافع الضرائب والمشاريع الاجتماعية والصحية والبنى التحتية التي يحتاجها المواطن الأمريكي.

كذلك ترتفع الدعوات من جانب معظم دول العالم والمنظمات الدولية لوقف هذه الحرب ومباشرة المفاوضات تحاشياً لما هو أسوأ، وخوفاً من اتساع رقعتها أو تحولها إلى حرب عالمية مدمرة، خصوصاً أن العالم بات يعاني تأثيرها في الأمن الغذائي العالمي.

التطورات الميدانية التي حدثت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وتمثلت في مكاسب أوكرانية مفاجئة على الأرض، وتعبئة عسكرية روسية، ومناورات نووية، وهجمات صاروخية على البنى التحتية، دفعت كلها بالحرب إلى مرحلة جديدة وخطيرة، ما بات يقتضي القيام بمراجعة حقيقية للموقف للحؤول دون المزيد من التصعيد.

من الواضح حتى الآن أن هناك ما يشبه الهمس بين مختلف العواصم المعنية بهذه الحرب عن أهمية العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن من دون ظهور مبادرة حقيقية تحمل الطرفين الروسي والأوكراني على استئناف الحوار، وهذا الأمر منوط بالدرجة الأولى بالولايات المتحدة التي لم تتراجع حتى الآن عن السعي لتسعير الحرب والضغط على كييف لرفض المفاوضات قبل تحقيق انتصار عسكري يلزم روسيا بالانسحاب إلى خارج حدودها.

حتى لو بدا إنهاء الحرب مستحيلاً إلى الآن، فإن على الإدارة الأمريكية إعادة التفكير بموقفها من منطلق أن هزيمة روسيا مستحيلة، وأن كل الحروب كانت تنتهي بالمفاوضات مع توزيع الخسائر والمكاسب.

روسيا تقول إنه ليس لديها شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا، وفق نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو، وهناك في الجانب الأمريكي أصوات بدأت ترتفع بين القيادات العسكرية وأعضاء في الكونغرس تطالب بتقليص الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، كما أن هناك نقاشاً يدور داخل الإدارة الأمريكية للبحث عن حل دبلوماسي. وكان لافتاً قول شبكة «سي إن إن» إن رئيس الأركان الأمريكي مارك ميلي يقود جهوداً لإنهاء الحرب، خصوصاً بعد تصريحه الأخير في النادي الاقتصادي في نيويورك الذي قال فيه «إن تحقيق نصر عسكري صريح بعيد المنال»، وأضاف «عندما تكون هناك فرصة للتفاوض وإمكانية تحقيق السلام يجب اغتنامها».

لا بد من طاولة المفاوضات في نهاية الأمر.. فلماذا لا يتم اختصار الحرب وتقليص الخسائر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yzn8ehky

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"