صناعة ما وراء الواقع

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

هناك تحولات كثيرة ستغير مستقبل الإعلام، وأبرزها المزج بين الافتراضي والواقعي، مما غيّر كل الحقائق التي كنا نعرفها عن الأخبار والإعلان والترفيه، كما أن القوة الاستثمارية، حولت مجراها إلى الشركات الناشئة والتقنيات المتطورة، لتوازي القوة الشرائية لمستهلكي الإعلام والترفيه، وطموحاتهم التي تبدلت بفعل خضوع المحتوى إلى شروط الإنتاج والبيع بالتجزئة، وهو النمط الجديد الذي بدأ يُلقي بظلاله على صناعة الإعلام، فما أهم هذه التحولات؟
التحول الأول هو التوصيل الآني للمحتوى والذي يطالب به المستهلكون مع عملية انتقائية عالية مدفوعة بالأمزجة المعقدة، والرغبة في القيام بمهام أخرى أثناء استهلاك المحتوى مثل التسوق الذي يتم معظمه عبر الهواتف المحمولة، وتشير نسبة المشاهدات عبر الهواتف الذكية بعد «كوفيد -19» إلى زيادة بأكثر من 40%، ما دفع الشركات إلى التركيز على ميزات مثل: الإشباع الفوري، المنصات الموحدة والتجارة الحية والمباشرة.
التحول الثاني هو الإعلام الفردي والذي يعزز فكرة «كل شيء عني»؛ بحيث تعمل الشركات على استثمار قواعد البيانات المختلفة، لتقديم تجارب محتوى مخصصة، وتركز على دعم التفاعل حول هوية المستهلك الشخصية، وضمن مجتمعات أو «قبائل» تجمعها الاهتمامات المشتركة عبر الشبكة، وتستخدم خوارزميات التوصيات التي نجحت بشكل كبير، بسبب الذكاء الاصطناعي في جعل المحتوى متلائماً حتى مع الحالة المزاجية للفرد.
التحول الثالث هو العالمية والتي لا تعني الشراكة الجمعية في الاهتمام وحسب؛ بل والرغبة في معرفة المزيد عن المجتمعات المتنوعة والفريدة من نوعها، بما يزيد الطلب على المحتوى المصمم محلياً ويحقق التمثيل المتنوع؛ لذلك تسعى الكثير من المنصات مثل «نتفليكس»، و«شاهد»، وغيرهما لإذابة حدود الوقت والمكان والوصول عبر الحدود والثقافات، ومزج الأساليب واللغات المختلفة في صناعة المحتوى.
التحول الرابع هو المستهلك المنتج، وقد جذب هذا الأمر الصغار قبل الكبار، الذين ينتجون مواد أكثر عفوية من خلال أدوات تتيحها التطبيقات، ويترافق الأمر بسهولة المتابعة والنشر والتنزيل، كما أن دمقرطة المنصات واقتصاد الشغف وحرية البث المباشر، جعلت المنافسة صعبة جداً على المؤسسات التي تستثمر لتنتج برامج بصيغ أكثر رزانة وحرفية. أما التحول الأخير فهو مرتبط بالافتراضية ومنصاتها الحديثة مثل «ميتافيرس» والتي خلقت عالماً ثانوياً يمكن من خلاله استمرار الأحداث والأنشطة المختلفة، بعيداً عن المكان والزمان، وينطبق ذات الأمر على الألعاب والفنون وغيرهما، وكل ذلك سيتم دعمه بالمال الحقيقي الذي يسهل الإمدادات الرقمية، مما سيوجد «ما وراء واقع» وسيتم فيه الكثير والذي لا يقتصر على استهلاك المحتوى؛ بل وصناعته كذلك.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zjfye9y

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"