عادي

الاحتكار

22:44 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
الاحتكار اصطلاحاً هو حبس ما يحتاج إليه الناس، سواء كان طعامّاً أو غيره، ممّا يكون في احتباسه الإضرار بالناس؛ لذلك فإنه يشمل كلّ الموادّ الغذائيّة والأدوية والثياب ومنافع الدّور والأراضي، كما يشمل منافع وخبرات العمال وأهل المهن والحِرف والصناعات، إذا كانت هناك حاجة إلى مثل تلك السلع والمنافع والخدمات. وأساس هذا الأمر أنّ كلّ ما لا تقوم مصالح الأمّة أو الدولة إلاّ به فهو واجب تحصيله.

وتدور معاني كلمة الاحتكار في اللغة حول الظلم في المعاملة، وإساءة المعاشرة، والحبس والاستبداد والتربص والالتواء، والمضرة على الناس في معاملتهم ومعايشتهم.

والاحتكار في اللغة معناه الاحتباس، يقال: احتبس الشيء انتظاراً لغلائه، واحتكر زيد الطعام إذا حبسه إرادة للغلاء، ومعناه شرعاً حبس الطعام ونحوه تربصاً به للغلاء، وقيل هو حبس السلع عن البيع.

عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد اللّه العدوي أن النبي، صلى اللّه عليه وآله وسلم، قال ‏«‏لا يحتكر إلا خاطئ»‏‏،‏ رواه أحمد ومسلم وأبو داود‏.‏

وعن معقل بن يسار قال: قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم «‏من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على اللّه أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة‏». وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏«‏من احتكر حكرة يريد أن يغري بها على المسلمين فهو خاطئ‏»،‏ رواهما أحمد‏.‏

وعن عمر قال: سمعت النبي، صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: ‏«‏من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللّه بالجذام والإفلاس»‏‏، رواه ابن ماجه‏.‏ وقال الغزالي في «إحياء علوم الدين»: «ما ليس بقوت ولا معين عليه فلا يتعدى النهي إليه وإن كان مطعوماً وما يعين على القوت كاللحم والفواكه وما يسد مسد شيء من القوت في بعض الأحوال وإن كان لا يمكن المداومة عليه فهو في محل النظر».

ولما كان الاحتكار ركيزّة من ركائز السماسرة والتجار، وسمة من سمات التعامل الاقتصادي بين الأفراد والجماعات في معظم الشركات في عموم الأوقات، رغم أنّه يحمل في طيّاته بذور الهلاك والدمار، لما يسبّبه من ظلم وعنت وغلاء وبلاء، ولما فيه من إهدار لحرّية التجارة والصناعة، وسدّ لمنافع العمل وأبواب الرزق أمام غير المحتكرين، فلا بدّ أوّلاً من تصوير حقيقة الاحتكار، فإنه أوسع ممّا يظنّه البسطاء لأنّ بيان حكمه في الشرع وآثاره السلبيّة في المجتمع، ينبني على ذلك، والحكم على الشيء فرع عن تصوّره.

أمّا الكتاب، فإنّ كلّ آية تحرّم الظلم فإنها بعمومها صالحة للاستدلال بها على تحريم الاحتكار، لأنه نوع من أنواع الظلم.

إن المناهج التربويّة الحديثة قد عمدت إلى إغفال الجوانب الروحيّة في حياة الإنسان، في حين عمدت هذه المناهج إلى الجوانب المادّية فنمّتها بحق وبغير حق في معظم الأحيان، فأدّى ذلك إلى سيطرة المادّة سيطرة كاملة في معظم بقاع الأرض على نفوس الأفراد، فأصبحوا يحبّون المال حبّاً جمّاً، وتفننوا في اتخاذ السبل التي تؤدي بهم إلى جمع أكبر قدر من المادّة ومتاع الحياة، وكان أن برز الاحتكار بصور متعدّدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3rkkycku

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"