عادي

الباعث جلَّ جلاله

22:44 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

من رحمة الله بعباده أنه لم يتركهم في هذه الحياة الدنيا يتيهون، وإنما دلهم على الطريق المستقيم الذي إن سلكوه فازوا برضوان الله وجنة عرضها السماوات والأرض، وإن خالفوه نالوا الخزي في الدنيا والآخرة. والطريق المستقيم يعرفه العبد من خلال الرسل الذين بعثهم الله هداية للناس، وإرشاداً لهم، فالله بعث الرسل مبشرين ومنذرين، وأقام بهم الحجة على عباده، وقد بلّغوا رسالات ربهم، وكان خاتم الأنبياء والمرسلين سيد الخلق سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي بُعث للناس كافة، فأدى أمانة ربه، وبلغنا أن هناك يوماً تجتمع فيه الخلائق، فيُجازى المحسن، ويعاقب المسيء بعد أن يبعث الله من في القبور.

الله، تعالى، بعث الرسل، والله هو الذي يبعث الناس من قبورهم فهو الباعث، جلَّ جلاله. والباعث على وزن فاعل، أي هو من قام بعملية البعث، وورد هذا الاسم في القرآن الكريم بما يدل على بعث الرسل «ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ»، الأعراف:103، وبما يدل على بعث الناس من قبورهم للحساب «ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، البقرة: 56. ولو وقفنا عند المعنى الأول للبعث، وهو إرسال الله للرسل، لأدركنا كرم ربنا وفضله علينا؛ إذ لولا وجود الرسل لما عرف العبد الطريق المستقيم، ولما تعرف إلى عبادة ربه وتوحيده، ولاحتار فوجدته يعبد المخلوقات ويقدسها ويعظمها، لأنه لم يرشده أحد إلى خالقها، فالرسل قاموا بمهام عظيمة، وعانوا جرّاءها أذى المكذبين، وعناد المبطلين، لكنهم بلغوا دعوة ربهم كما أمرهم. وفي هذا تعليم لنا أننا إذا بُعثنا في عمل خير وبما يرفع من قيمتنا وقدرنا وقدر من علمنا وكان سبباً في وجدنا أن نصبر ونحتسب ما نقاسيه عند الله، ولا بد في النهاية أن يحق الله الحق ويعليه، فالمؤمن ينظر إلى أنبياء الله الذين بُعثوا وعانوا ما عانوه فيأخذ من سيرتهم العظة والعبرة.

أما معنى الباعث بأنه، سبحانه وتعالى، يحيي الموتى، ويبعثهم من قبورهم، فيتضمن أمرين، أولهما أن الله قادر على كل شيء فكما أنه خلق الإنسان من عدم بلا مثال سابق، فإنه وحده من له قدرة على إحيائه. وهذا ما أجاب عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، العاص بن وائل حينما وقف أمامه وهو يحمل عظماً منكراً قدرة الله على إحيائه مره ثانية. وثانيهما أن هناك رحمة عظيمة تتجلى؛ إذ إن الإنسان قد يُظلم في هذه الحياة، فلولا أن هناك يوم بعث، لبغى الناس في الأرض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mtayeezw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"