عادي

«قمة العشرين».. هل تنقذ العالم؟

23:10 مساء
قراءة 4 دقائق
4

كتب - بنيمين زرزور*

يمكن للعالم أن يتنفس بلا توتر نسبياً، بعد محادثات الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع الزعيم الصيني شي جين بينغ، في بالي، يوم الاثنين الماضي، على هامش «قمة العشرين». لكن القوتين العظميين لا تزالان على مسار تصادمي.

أسفرت القمة في إندونيسيا، عن نتيجتين مهمتين، وفقاً للولايات المتحدة: موقف مشترك مفاده أن روسيا يجب ألا تستخدم سلاحاً نووياً في أوكرانيا، واستئناف متوقع للمحادثات حول المناخ بين المفاوضين الأمريكيين والصينيين، ما يشكل زخماً مفتقداً لمؤتمر المناخ العالمي «كوب27» في مصر.

وحرص بايدن على أن ينبه نظيره الصيني أن على بكين أيضاً التزامات بتلطيف نشاط كوريا الشمالية الصاروخي والنووي المزعزع للاستقرار والذي يجعل منطقة المحيط الهادئ على حافة الهاوية.

اتصالات مباشرة

أكدت البيانات العامة من كلا الجانبين أيضاً وجود منطلق أساسي يقوم على إدراك كل منهما الطبيعة الحاسمة للتنافس بينهما، ويريد كلاهما التأكد من أنه لن يتحول إلى حرب، على الأقل حتى الآن. وهما يتجهان نحو إعادة قنوات المحادثات المنتظمة، حيث من المتوقع الآن أن يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين الصين العام المقبل.

وقد تم تعليق مثل هذه التبادلات منذ أن زارت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، تايوان في أغسطس / آب.

وتعد الاتصالات المباشرة بين القادة أمراً بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، ويمكن لأي تفاهم بين شي وبايدن أن يلعب دوراً في حالة انزلاق القوات البحرية للجانبين إلى صدام في بحر الصين الجنوبي مثلاً. وعرف بايدن نظيره الصيني منذ سنوات، ويعتبر فتح الطريق إلى القمة في بكين أمراً حيوياً بشكل خاص الآن، بعد أن أصبح نظيره مرادفاً للدولة الصينية نفسها، حيث أصبح «فكر شي جين بينغ» عقيدة رسمية.

تفاؤل حذر

ويبدي المراقبون تفاؤلاً مشوباً بالحذر حول الآمال المعلقة على القمة. فقد أعرب ليون بانيتا - رئيس أركان البيت الأبيض السابق ووزير الدفاع ورئيس وكالة المخابرات المركزية الذي تعامل مع العلاقات الأمريكية الصينية على مدى عقود - عن تفاؤل حذر بعد المحادثات على هامش قمة مجموعة العشرين.

وقال: «إذا كانت نتيجة هذا الاجتماع هي إعادة العلاقة إلى مستوى أكثر دبلوماسية، حيث يمكن بدء حوار حول نوع القضايا التي يجب التعامل معها بدلا من اللجوء للقوة، فأعتقد أن هذا الاجتماع يمكن يكون محورياً».

لكن قمم القادة لها سقف. فالعلاقات بين القادة يمكن أن تحدد نغمة الاتصالات بين الدول. لكن القادة أنفسهم غالباً، ما يبالغون في تقديرهم وفي تحليل ما بعد القمة. فالديناميكيات التي أدت إلى رؤية كل من الولايات المتحدة والصين للآخر باعتباره تهديداً رئيسياً للأمن القومي، مدفوعة بالمصالح الوطنية وليس الشخصية.

ولكن في قمة بالي، كان من الواضح أنه بينما يريد كلا الجانبين تجنب الصدام الآن، فإن أهدافهما لا تزال غير متوافقة بشكل أساسي.

نظرتان مختلفتان

في حين قال بايدن إنه يدرك الآن أن الصين ليس لديها خطة وشيكة لغزو تايوان، إلا أنه قال صراحة للرئيس شي إن الإجراءات القسرية المتزايدة التي تتخذها بكين تجاه الجزيرة غير مقبولة، وفقاً للبيت الأبيض. أما قراءة الصين للمحادثات فقد عكست انزعاجها من فرضية مركزية تقوم عليها سياسة بايدن الخارجية - الصدام العالمي بين الديمقراطية والاستبداد، وحقيقة أن العلاقات مع بكين ينظر إليها من هذا المنظور.

وقالت وزارة الخارجية الصينية: «لا ينبغي لأي جانب أن يحاول إعادة صياغة الآخر على صورته الخاصة، أو السعي لتغيير أو حتى تخريب نظام الطرف الآخر، وبدلاً من التحدث بطريقة ما والتصرف بطريقة أخرى، تحتاج الولايات المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها بعمل ملموس».

وقال بايدن بعد المحادثات إنه لم يجد شي بينغ «أكثر حدة أو أكثر تصالحية». لقد وجدته كما كان دائماً، صريحاً ومباشراً بشأن الأماكن التي اختلفنا فيها، أو حيث كنا غير متأكدين من موقف بعضنا بعضاً.

ويشير مثل هذا التعليق إلى خلافات ساخنة وراء الأبواب المغلقة حول أكثر المجالات تذبذباً في العلاقة - تايوان والتجارة وحقوق الإنسان. ولكن على الأقل، بعد إضافة قدر من الارتباك الاستراتيجي إلى الموقف الأمريكي في تايوان بتعليقاته الأخيرة التي أشارت إلى أن واشنطن ستأتي للدفاع عن الجزيرة في حالة حدوث غزو صيني، قال بايدن إنه وشي بينغ يفهمان الآن بالضبط أين يقف كل منهما.

ولكن كانت هناك بعض الدلائل على أن أقوى دول العالم لا يزال بإمكانها العمل معاً لتحقيق المصالح الأوسع للكوكب.

فقد أخبر بايدن شريكه علناً أن الولايات المتحدة مستعدة لإعادة المشاركة في محادثات المناخ. وبعد المحادثات، قال بيان صادر عن البيت الأبيض إن الزعيمين «اتفقا على تمكين كبار المسؤولين الرئيسيين للحفاظ على التواصل وتعميق الجهود البناءة» بشأن تغير المناخ واستقرار الاقتصاد الكلي العالمي بما في ذلك تخفيف عبء الديون والأمن الصحي والأمن الغذائي العالمي.

ومن الأهمية بمكان هنا، تأكيد البيان الأمريكي بأن شي وبايدن «أكدا مجدداً اتفاقهما على أنه لا ينبغي أبداً خوض حرب نووية ولا يمكن الفوز بها أبداً، وأكدا معارضتهما لاستخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها في أوكرانيا».

لقد جاء اجتماع بالي بعد أسابيع من كشف إدارة بايدن عن استراتيجية جديدة للأمن القومي ترى في الصين التحدي الأكبر للنظام العالمي. فهل ترفع واشنطن هذه التهمة قريباً؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdcr7wxy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"